ما حقيقة التجهيز لعملية تفاوضية بين حركة "الشباب" والحكومة الصومالية؟

تواترت الأنباء خلال الأسابيع الماضية عن مفاوضات قد تكون قريبة بين حركة "الشباب" والحكومة الفيدرالية في الصومال على هامش مؤتمر المغتربين الصوماليين المقرر عقده في العاصمة القطرية الدوحة.
Sputnik
يرى مراقبون أن ما يجري تداوله قد يكون نوعا من الشائعات بُنيت على تصريحات الرئيس الصومالي في النرويج، لكنها غير موجودة على أرض الواقع، نظرا لصعوبة تنفيذ ذلك، الحكومة الفيدرالية لها شروط للتفاوض مع الحركة على رأسها إلقاء السلاح، في ذات الوقت الحركة لا تعترف بالحكومة وأهدافها تتخطى حدود الصومال، لكن ما يمكن حدوثه هو العمل على شق صف الحركة لإضعافها والتفاوض مع الفصيل المنشق... ماذا يجري خلف الكواليس؟
بداية يقول عمر محمد، المحلل السياسي الصومالي، إن الحديث عن المصالحة أو التفاوض من جانب الحكومة الفيدرالية مع حركة "الشباب" جاء بعد خطاب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود الشهر الماضي في أوسلو بالنرويج.

حقيقة التفاوض

وأضاف محمد في حديثه لـ"سبوتنيك": "ظهرت هذه الأنباء بعد خطاب ألقاه الرئيس الصومالي الشهر الماضي في مؤتمر أوسلو السنوي بالنرويج، جاء فيه أن نهاية الحرب مع (الشباب) ستكون على طاولة المفاوضات في نهاية المطاف، حيث توهم البعض وفقا لهذا التصريح أنه يتم التحضير في الدوحة القطرية لهذه المفاوضات، ضمن فعاليات مؤتمر المغتربين الصوماليين الذي سينعقد في قطر قريبا".
مقتل أكثر من 120 عنصرا من حركة "الشباب" في عملية عسكرية للجيش الصومالي
وتابع المحلل السياسي: "الواقع أنه ليس هناك أي مفاوضات حالية بين الشباب والحكومة الاتحادية في مقديشيو، حسبما صرح به كل من السيد حسين شيخ علي، مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي، على حسابه في منصة "إكس" (تويتر سابقا)، قبل أيام، وأكد عليه الرئيس الصومالي في خطابه بمناسبة الذكرى الـ 64 لاستقلال المناطق الجنوبية الصومالية واتحادها مع المناطق الشمالية في 1 يوليو/تموز 1960م، كما أن الحركة لم تعلق هي الأخرى على هذه الإشاعات سواء بالنفي أو بالإثبات".

صعوبات كبيرة

وأكد المحلل السياسي أن "إمكانية التفاوض بين الطرفين في الوقت الراهن، يحيط به بعض الصعوبات، ذلك لأن الحكومة تشترط عدة شروط لكي تفتح حوار مع الحركة أبرزها، تخلي الحركة عن علاقاتها مع ما وصفته بالجماعات الإرهابية العالمية، حسبما ذكره السيد مستشار الأمن القومي الصومالي في تغريدة له على منصة إكس".
وأوضح محمد أن" حركة الشباب لها أدبيات خاصة، تتلخص في عدم التفاوض مع الحكومة باعتبارها مرتدة أو عميلة في أحسن الأحوال، ولا يمكن التواصل معها إلا بفوهة البنادق".
ولفت محمد إلى أنه "رغم الصعوبات فمن الممكن نجاح الجهود في إقناع فصيل من الحركة لقبول التفاوض مع الحكومة، فيحدث انشقاق وانشطار في تماسك الحركة، وهنا من الممكن أن يحدث تفاوض في هذه المرحلة، أما غير ذلك، فإمكانية التفاوض بين الطرفين ككيانين غير سهلة ويسيرة".
بعد تسلمها المهام الأمنية والعسكرية من "أتميس".. هل تنجح الحكومة الصومالية في مواجهة "حركة الشباب"؟

أرضية مشتركة

من جانبه يرى عبد الرحمن إبراهيم عبدي، مدير مركز مقديشو للبحوث والدراسات بالصومال، "إنه لا مجال للتفاوض بين الحكومة الصومالية وحركة الشباب ككيان وتنظيم، لكن ربما مع شخصيات بارزة من الحركة، لأنه لا توجد أرضية مشتركة للتفاوض بين الطرفين".
وقال عبدي لـ"سبوتنيك": "حركة الشباب أهدافها ليست محلية بل عابرة للقارات ولا يتوقف أمرها عند الحدود الصومالية، أما الحكومة الصومالية فقد نفت علي لسان الرئيس رفضها القاطع دخول مفاوضات مع حركة الشباب، ما لم تتخل عن العنف والإرهاب".

السيناريوهات الثلاثة

وأضاف رئيس مركز مقديشو: "في اعتقادي هناك ثلاثة احتمالات بشأن ما أشيع من مفاوضات بين الحكومة الصومالية وتنظيم الشباب، أولها وجود مفاوضات بين الحكومة الصومالية وعناصر بارزة في الحركة برعاية خارجية، وأن التصريحات التي ظهرت في الآونة الأخيرة حول المفاوضات لا تأتي إلا في هذا الإطار".
وأردف عبدي: "الاحتمال الثاني أن الصومال تريد دخول مفاوضات مع حركة الشباب، لكنها تعمل أولا من أجل تدمير قدرات الحركة خلال الأسابيع المقبلة،لأنها تعتقد أنه يجب في البداية زيادة الضغط العسكري عليها وتدمير جزء كبير من قدراتها وبصورة تدفعها إلى إلقاء السلاح أو قبول مفاوضات مع الحكومة الصومالية، أما الاحتمال الثالث، هو وجود تحرك خارجي يسعى إلى تكرار سيناريو أفغانستان في الصومال".
هل تؤدي التعديلات الدستورية في الصومال إلى الاستقرار أم تؤسس للديكتاتورية في البلاد؟
وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، أنباء تفيد بإمكانية فتح الحكومة الفيدرالية الصومالية حوارا مع حركة "الشباب" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" (تنظيم إرهابي محظور في روسيا ودول عديدة).
وازدادت وتيرة هذه الأنباء، منذ مشاركة الرئيس الصومالي في منتدى أوسلو السنوي المنعقد هذا العام في مدينة أوسلو النرويجية، وإلقائه هناك خطابا ذكر فيه، إمكانية انتهاء الحرب مع "الشباب" في نهاية المطاف على طاولة الحوار والمفاوضات، بحسب "مركز مقديشو".
وتابع التقرير الذي نشره "مركز مقديشو"، اعتقد البعض أن الرئيس في خطابه ذلك يكشف عن خطة حكومية آنية لإنهاء الحرب مع "الشباب" على طاولة الحوار، مما دفع بعض الساسة المؤثرين في الساحة السياسية الصومالية إلى الدّعوة بجعل هذا الحوار خطة وطنية شاملة لا تتفرّد بها جماعة دون غيرها.
وفي هذا المضمار، قال النائب السيد عبد الرّحمن عبد الشكور ورسمي، عضو مجلس الشعب بالبرلمان الفيدرالي الصومالي، في منشور له على صفحته في "فيسبوك" (محظور في روسيا بسبب أنشطته المتطرفة): "ينبغى أن لا تكون المفاوضات مع إثيوبيا حول مذكّرة التفاهم، والحوار مع "الشباب"، مسألة سرّية، يقرّرها شخص واحد بمفرده، بل يجب معالجتها من خلال مشاورة وطنية شاملة، ويبلّغ عنها الشعب بشفافية".
حركة الشباب الصومالية تستولي على مروحية تابعة للأمم المتحدة
وتبيينا لموقف الحكومة الفيدرالية إزاء هذه التطورات والمستجدات، نفى السيد حسين شيخ علي، مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي عن وجود مفاوضات سرية مع حركة الشباب في الوقت الرّاهن، مضيفا بأن الرئيس "الشباب" عدّة شروط منها: قطع حركة “الشباب” علاقاتها مع ما وصفه بالجماعات الإرهابية العالمية، والقبول بسلامة الأراضي الصومالية، فضلا عن الاستعداد لمسايرة الأجندة السياسية بشكل سلمي.
وتواترت في الأيام الأخيرة أنباء عن إمكانية انطلاق مفاوضات بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وحركة الشباب المرتبطة بتنظيم "القاعدة" في العاصمة القطرية "الدّوحة" ضمن فعاليات مؤتمر المغتربين الصوماليين الّذي سيعقد هناك في الأيام القليلة المقبلة، غير أن تصريحات السيد حسين شيخ علي، مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي، تدحض هذه المزاعم والدعاوى حول هذه المفاوضات.
الجدير بالذكر، أن حركة "الشباب"، تخوض صراعا مريرا مع الحكومة الفيدرالية منذ ما يزيد على 15 عاما، خسر فيه الطرفان أرقاما صعبة من القيادات والمجنّدين في كلا الطرفين، غير أن الشعب يعدّ هو الخاسر الأكبر اقتصاديا وبشريا في هذا الصراع المرير الطويل.
مناقشة