فهل ستصل تحركات ستيفاني خوري إلى حل يجمع الفرقاء الليبيين على طاولة واحدة، تنتهي باتفاق حقيقي، أم أن جهودها ستكون كسابقيها؟
غياب العقوبات الدولية للمعرقلين
يرى المحلل السياسي، محمد امطيريد، أن "من يقف وراء تأخر الانتخابات هي البعثة الأممية بمعوقيها المتعددين، الذي جاؤوا إلى ليبيا طيلة السنوات السابقة، حتى استلمت خوري مهام البعثة".
وتابع مشيرا في تصريحات لـ"سبوتنيك" أنه "أقيم حوار مؤخرا برعاية لجنة "6+6"، مفاده إخراج القوانين الانتخابية، وأنجزت اللجنة هذه المهمة، وتم إقراره وتسليمه لمجلس النواب، الذي أعلن عنه بشكل رسمي في الصحف الرسمية، حسب نص الإعلان الدستوري (13)، وباتفاق مجلسي النواب والدولة".
واعتبر امطيريد أن "أسباب عدم اعتماد هذه القوانين هي البعثة الأممية والمجتمع الدولي، وأن ما يفعله المجتمع الدولي حيال ليبيا هو عبث، بسبب عدم اعتمادهم لأي خطط تقود ليبيا إلى حالة الاستقرار".
وأضاف: "كان هناك حوار في السابق شهد جوانب كبيرة من الصلح بين الأطراف الليبية، وجاء بـ"فتحي باشاغا" رئيسا للحكومة الليبية عن طريق البرلمان"، معتبرا أن "باشاغا كان أبرز أطراف الصراع في عام 2019، لكن الصلح الذي أقيم في مدينة بنغازي أنهى كل الخلافات، ولم تعتمد البعثة أي خطوات للصلح بين الليبيين".
ويرى امطيريد أن "فشل إجراء الانتخابات في ليبيا هو عدم معاقبة المعرقلين، وعلى رأسهم، عبد الحميد الدبيبة، الذي جاء بحكومة مهمتها إجراء الانتخابات في ديسمبر/ كانون الأول 2021، ولكنه أخلّ بذلك بعد تعهد رسميا في جنيف، وكان من الأولى أن يتم معاقبته بشكل رسمي من المجتمع الدولي، لأنه سبب رئيسي في عرقلة ملف الانتخابات، كما أن رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، الذي رفض كل الاتفاقيات وكل مخرجات لجنة "6+6" بعد استلامه رئاسة المجلس الأعلى للدولة، بسبب حجج واهية، وبالتالي لم يتم تطبيق أي عقوبات على المعرقلين".
وأضاف أن "عدم إجراء الانتخابات يأتي أيضا بسبب غياب حكومة واحدة تشرف على الانتخابات بشكل شفاف، وتسعى ستيفاني خوري اليوم من خلال جولاتها بين الأطراف الليبية لخلق توافقات جديدة، وربما مؤتمر روما القادم سيكون هو المعني بهذا الأمر".
وأكد بأن "خوري لن تقدم أي حل جديد في الملف الليبي، لأن أطراف الصراع الثلاثية التي دعيت في القاهرة لا يملكون سلطة القرار على الأرض".
وشدد امطيريد على أن البعثة الأممية لا تملك أدوات الحل، وإنما تسعى للاستمرار من أجل المصالح فقط، وشدد على ضرورة أن تقوم البعثة بتغيير الكادر الوظيفي الموجود في العاصمة طرابلس لأنهم هم الذين يحولون دون إيصال أصوات الليبيين الحقيقية والمؤسسات المدنية الحقيقية لتوصيل رسائلهم للمجتمع الدولي حسب تصريحه.
السيطرة الأمريكية على المشهد
ومن جهته، يرى المحلل السياسي والأكاديمي الليبي، فوزي الحداد، أن "هناك عوامل محلية ودولية في تأخر الانتخابات، ويبدو أن العامل الدولي هو العامل الأكثر حضورا في تأخر انعقاد الانتخابات حتى الآن، ويبدو أن المجتمع الغربي المتمثل في أمريكا وسلطاتها المهيمنة على العالم خاصة بعد وصول خوري للبعثة الأممية في ليبيا".
وتابع الحداد في تصريحه لـ"سبوتنيك": "يبدو أن خوري وأمريكا هي من ترسم المشهد في ليبيا، وهذا الأمر واضحا منذ سنوات".
وواصل الحداد بأنه "سمع تصريح لأحد كبار المسؤولين الأمريكيين، قال فيه إنه ليس من مصلحة أمريكا أن تستقر الأوضاع في ليبيا، وكان والواضح من هذا التصريح بأن أمريكا يهمها أن تظل الأزمة في ليبيا، في حالة تطور مستمر بحسب خدمها للمصالح الأمريكية في المنطقة".
وأكد الأكاديمي الليبي بأن "هناك وجودا أمريكيا حاضرا بقوة في المشهد الليبي، حضورا سياسيا وعسكريا وأمنيا، ولا يبدو أن هذه السيطرة الأمريكية على المشهد الليبي سوف تؤدي إلى استقرار البلد من خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".
وتابع: "هناك حالة تعقد في المشهد المحلي الليبي وخصومات كثيرة تنذر بحروب أهلية أو مناطقية متحكم فيها من الدول المتدخلة في المشهد الليبي"، واعتبر أن "الكل يساهم في حالة عدم الاستقرار التي تشهدها ليبيا، ويبدو بأن استقرار الوضع في ليبيا ليس من مصلحة الكل، وأن استقرار الوضع في ليبيا هو من مصلحة الشعب الليبي لا غير".
ضمان المصالح
قال المحلل والأكاديمي الليبي، محمد الزبيدي، في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن "الدول المتدخلة في ليبيا وأدواتها المحلية هي التي لا تريد إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية".
واعتبر الزبيدي أن "من مصلحة الدول بقاء حالة الفوضى التي تساعدها على تكريس نفوذها وتحقيق مصالحها والحيلولة دون نجاح دول منافسة في الاستحواذ على ليبيا موقعا ومقدرات".
وأكد أن "الاطراف المحلية مستفيدة من وضع اللانظام، لأنه يمكنها من الهيمنة على السلطة ونهب الثروات، ولذلك تختلف الأطراف المحلية على كل شيء إلا تقاسم المصالح".
وأوضح "أن ما يجري هو تدوير للأزمة وإطالة عمرها ضمانا للمصالح والمصالح تتصالح، والخاسر الوحيد هو الشعب والوطن".
وفي تصريحات سابق لـ"سبوتنيك"، قال عضو مجلس الليبي، علي التكبالي، إنه "لن تكون هناك انتخابات في ليبيا، وليبيا ليست بصدد إجراء الانتخابات في الوقت الراهن"، مؤكدا بأنه "ليس ضد الانتخابات، لكنه يقول إنه لا يمكن أن تكون هناك انتخابات في الوقت الحالي".
وأشار التكبالي إلى أن "ما يريده الغرب هو ما يراه مناسبا له"، مؤكدا أن "إجراء الانتخابات أمر صعب جدا لعدة أمورها أبرزها أن الشعب الليبي ليس مهيأ لإجراء الانتخابات، لأن الشعب الليبي يعيش العدم كل يوم".
وأشار البرلماني الليبي إلى أن "المبعوثة الأممية المكلفة، ستيفاني خوري، شأنها شأن أي مندوب جاء في السابق تدور من مكان إلى مكان، وتقوم بملاقاة كل الأطراف، ولكنها في الواقع لن تستطيع أن تفعل شيئاط، واعتبر أن "جلوسها مع بعض الأطراف لن يكون حلا على الإطلاق".