مساع إيطالية لترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان.. ما إمكانية نجاحها في ظل التصعيد العسكري؟

وسط استمرار التصعيد الإسرائيلي في جنوب لبنان، تسعى إيطاليا إلى إبرام اتفاق لترسيم الحدود البرية بين بيروت وتل أبيب، انطلاقا من اتفاق ترسيم الحدود البحرية التاريخي، الذي تم توقيعه في عام 2022.
Sputnik
وتأتي المساعي الإيطالية في محاولة لتهدئة التوترات المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي على جانبي الحدود.
وقال وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاجاني، على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في واشنطن، إن الوضع متوتر للغاية، وتعمل إيطاليا لضمان تطبيق اتفاقية الحدود البحرية على الحدود البرية أيضا".
وأضاف أنه "رغم صعوبة الوضع، إلا أن الدبلوماسيين الإيطاليين يمضون قدما في المفاوضات، والهدف هو إيجاد حل يمكن أن يخلق مسافة بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية"، محذرًا من أن "إسرائيل سترد بالتأكيد، إذا تقدّمت الجماعة اللبنانية".
وأشار تاجاني إلى أن الإيطاليين قادرون على التحلي بالمرونة، ولهذا السبب لديهم علاقات جيدة مع الجميع.
وطرح البعض تساؤلات بشأن أسباب وأهداف المساعي الإيطالية في ملف ترسيم الحدود، ومدى قدرتها على إحراز أي تقدم في خضم الصراع المسلح الدائر حاليا بين إسرائيل و"حزب الله".
ترسيم الحدود البرية.. هل تنجح خطة أمريكا في وقف التصعيد بين لبنان وإسرائيل؟
طموح غربي
اعتبر الناشط المدني اللبناني، أسامة وهبي، أن "مفاوضات الترسيم البري كانت تجري بين لبنان والموفد الأمريكي والجانب الإسرائيلي قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد أن تم إنجاز الترسيم البحري، وكان هناك تقدم كبير والأمور كانت ستصل لخواتيم ناجحة كما حصل في الترسيم البحري".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فقد "قلبت عملية "طوفان الأقصى" الطاولة في المنطقة، وتبعثرت كل الأوراق والملفات، وتم تجميد هذا الملف، حيث كانت الأولوية تجنيب لبنان الحرب الشاملة والضغط على إسرائيل لعدم فتح جبهة جديدة، لأنها ستزيد الأمور تعقيدا".
وأكد أن "الموفد الأمريكي، آموس هوكشتاين، هو الأكثر اطلاعا وتأثيرا في هذا الملف، وهو يعمل عليه بالتوازي مع عمله لتخفيف التصعيد بين لبنان وإسرائيل، وهو على علاقة قوية مع إسرائيل والرئيس، نبيه بري، ولديه معرفة كاملة بالملف، وهو المعني به".
ويرى أن "التحركات الإيطالية والألمانية والفرنسية وغيرها، تأتي في خضم رغبة هذه الدول وطموحها بأن يكون لها دور في المنطقة خاصة في هذه المرحلة، لأننا ذاهبون لجغرافيا سياسية جديدة وواقع جديد، نتيجة عملية "طوفان الأقصى"، وما نتج عن الحرب التي تدور في قطاع غزة وجنوب لبنان".
وأوضح وهبي أن "العديد من البلدان الغربية والأوروبية والعربية كذلك، تسعى لتكون شريكة في الخارطة الجديدة للمنطقة في اليوم التالي بعد انتهاء الحرب على غزة".
نصر الله: ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل مسؤولية الدولة اللبنانية
ملف أمريكي
من ناحيته، قال المحلل السياسي اللبناني، داوود رمال، إن "هناك الكثير من المبادرات التي لها علاقة بمسألة الحدود الجنوبية اللبنانية، بدءا من المبادرة الأمريكية التي يحملها الموفد الأمريكي منذ سنوات للاتفاق على النقاط الـ13 المتنازع عليها على طول الحدود، والتي جرى الاتفاق على 7 منها، قبل توقف المفاوضات".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فقد "دخلت ألمانيا على الخط، إذ التقى نائب مدير المخابرات الألماني بحزب الله، بالاتجاه نفسه على قاعدة أن التوصل لاتفاق لإنهاء النزاع على الحدود البرية، من شأنه أن يؤدي لاستقرار الحدود، ربطا بما تم الاتفاق عليه سابقا للحدود البرية".
ويرى رمال أن "المحاولة الإيطالية والألمانية والمحاولات الأخرى التي لم يُعلن عنها، ومنها الفرنسية، كلها لن تؤدي لنتيجة عملية، لأن الذي يمسك بملف تثبيت وترسيم الحدود هي أمريكا، وبالتالي يحاول، آموس هوكشتاين، جاهدا التقاط الفرصة لإضافة إنجاز لملفه الشخصي، بعد إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية الذي كان بالكامل لصالح إسرائيل، وللأسف لم يكن لصالح لبنان".
وأكد أن هوكشتاين "يريد أن ينتج ذات الإنجاز لشخصه على الحدود البرية، بحيث لا يزال يقيم في اليونان، على مرمى حجر من لبنان لكي يحضر مباشرة إلى بيروت وتل أبيب فور الإعلان عن هدنة، أو وقف إطلاق نار في غزة ولبنان، بما ينعكس على عملية المفاوضات المكوكية بين بيروت وتل أبيب للوصول لهذا الاتفاق".
ويعتقد داوود رمال أن "كل المبادرات الإيطالية والألمانية مجرد تقطيع للوقت، والمبادرة الأساسية بيد واسنطن التي تمسك بهذا الملف منذ العام 2000 وحتى الآن".
ووقّع لبنان مع إسرائيل على اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، في قاعدة الأمم المتحدة في رأس الناقورة في جنوب لبنان في عام 2022، بعد أن وافق الطرفان على شروط الاتفاق الذي تم بوساطة أمريكية.
مناقشة