راديو

العراق ينبذ الطائفية والاستقطاب السياسي مع استقبال ملايين الزوار في كربلاء يوم عاشوراء

يتوافد في يوم عاشوراء، ملايين الزوار من طائفة الشيعة المسلمين إلى العراق، كأنه يوم حج جديد عند المسلمين، لكن هذه المرة بالعراق، حيث يحيي المسلمون من أبناء هذه الطائفة يوم العاشر من محرم أو ما يُعرف باسم يوم عاشوراء.
Sputnik
وخرج العديد من أبناء الطائفة الشيعية من الكويت والعراق وتركيا وإيران وغيرها من الدول العربية والإسلامية لإحياء يوم عاشوراء وسط تفاعل واسع وتداول لصور ولقطات على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويذكر أنه عند عموم أهل السنة، فإن يوم عاشوراء هو اليوم الذي نجّا الله فيه النبي موسى ومن معه من بني إسرائيل من قوم فرعون، حيث فلق النبي بعصاه البحر وتمكن من الفرار بينما غرق فرعون وجنوده، ويقوم أهل السنة بصيام هذا اليوم كإحياء للسنة النبوية.
أما عند الشيعة، فيوم عاشوراء هو ذكرى مقتل الإمام الحسين، حفيد النبي محمد من ابنته فاطمة، الذي لقي حتفه سنة 680 ميلادية، في صراع على السلطة، ويحيون هذا اليوم بمظاهر رمزية "لتأنيب الذات" وإظهار الحزن على مقتله أثناء ثورته ضد الحاكم الأموي آنذاك يزيد بن معاوية، في مدينة كربلاء العراقية.
ويأخذ المواطنون العراقيون عطلة رسمية في هذا اليوم بمناسبة يوم عاشوراء، ولم تعتمد الكثير من الدول يوم عاشوراء كإجازة رسمية للمواطنين، إلا أنه في العراق له طقوس خاصة جدا.
وينتشر بالعراق الكثير من الطوائف الإسلامية وغيرها، ما أدى الى تقسيم السلطة ذاتها في البلاد على هذه الأساس الطائفي والنوعي وذلك منذ رحيل نظام الرئيس العراقي صدام حسين عام 2003، حيث يتولى الشيعة رئاسة مجلس الوزراء، وتذهب الرئاسة وهي منصب شرفي للسنة، ويتولى كردي رئاسة البرلمان العراقي.
ويمر العراق حاليا بحالة من الاستقرار الحذر، حيث يسعى الكثير من السياسيين والتيارات المتنافسة إلى الذهاب لانتخابات برلمانية مبكرة لإعادة توزيع السلطة من جديد.
طقوس عاشوراء وحالة الاستقطاب السياسي بالعراق هو ما نناقشة اليوم مع ضيوفنا في لقاء "سبوتنيك" .
في حديثه لـ"سبوتنيك"، قال القاضي السابق والباحث القانوني، علي التميمي، إن "المناسبات الدينية في العراق محددة ومتاحة وفق الدستور العراقي وفق المواثيق الدولية"، موضحًا أن "المادة 41 من الدستور أتاحت لكل الطوائف ممارسة الشعائر الدينية بأريحية".

وذكر أن "ممارسة الشعائر مرتبطة بتوجهات كل طائفة وعقيدتها وانتمائها"، مؤكدًا أنها "لا تضر بأي طوائف أخرى، بل تعبر عن انتماءات نابعة من دواخل الأشخاص التي تنتمي لكل طائفة".

وأوضح أنه "في أيام الأربعينية تجد ظاهرة توزيع المساعدات المادية والغذائية، مما يعكس حالة التكافل الاجتماعي في كل شوارع العراق، وهذا لن تجده إلا في بلدان قليلة"، معتبرًا أن "هذه الظواهر إيجابية وتؤدي إلى مزيد من التلاحم والترابط بين أفراد الوطن".
وأضاف أن "المجالس المقامة في أرجاء العراق تحولت إلى منظمات مجتمع مدني، بتوزيع كافة احتياجات الناس لها بشكل علني، وهي ظاهرة إيجابية تدفع الحكومة لعمل مشاريع".

وقال نبيل العزاوي، الباحث في الشأن السياسي لـ"سبوتنيك"، إن "إحياء شعيرة الإمام الحسين تتجدد وتزيد عاما بعد عام، حيث يأتي مئات الآلاف من الزوار ويستقبلهم العراق لنبذ الطائفية، فالشعب العراقي متنوع وثري بالطوائف ولديه حضارة ممتدة لأكثر من 7 آلاف سنة، ومن الواجب الوطني وفي هذه المناسبة أن يهتم المسؤلون بالخدمات للعراقيين والوافدين عليهم".

وأضاف العزاوي: "شاركت قوات الجيش والشرطة في تأمين الزائرين وبالفعل خرجت الأمور في إطار من الأمان حتى رحيل الزوار، وقد وفد أكثر من 2 مليون ونصف مليون زائر، والأعداد بالفعل جاءت كبيرة جدا ومليونية، حتى قبل موعد عاشوارء بنحو أسبوعين، وقد شارك الكثير من المواطنين من الكثير من الدول العربية من دول الخليج وأيضا من دول المغرب العربي، وقام العراقيون بعمل الكثير من المواكب لسقيا الماء وتقديم الخدمات للضيوف الذين جاؤوا لزيارة كربلاء المقدسة".
مناقشة