المستشفى الوحيد في شمال قطاع غزة يواجه كارثة صحية تهدد حياة المرضى والمصابين
تشهد المنظومة الصحية في قطاع غزة المحاصر حالة انهيار كبيرة، حيث خرجت معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع، منذ 10 أشهر، وقد استهدفت العديد من المراكز الصحية في غزة وخرج أغلبها عن الخدمة، فيما تعرضت مستشفيات الأطفال في القطاع للقصف والدمار من قبل قوات الجيش الإسرائيلي.
Sputnikوقالت منظمة "أطباء بلا حدود"، إن "المستشفيات في قطاع غزة تفتقر لأبسط الأساسيات، الأمر الذي سيؤدي إلى موت المزيد من المواطنين"، مشيرة إلى أن "الطواقم الطبية في غزة تتعرض مع كل هجوم لضغوط كبيرة وسط نظام صحي مستنزف".
وكانت منظمة الصحة العالمية، قد قالت في تقرير لها الشهر الجاري، إن "القطاع الصحي في غزة، يحتاج 80 ألف لتر من الوقود يوميا، وأن آخر الإمدادات التي وصلت إلى القطاع، كانت في نهاية الشهر الماضي، ما بين 195 ألفا و200 ألف لتر".
وأشارت المنظمة إلى أنه من بين 36 مستشفى في غزة، هناك 13 فقط تعمل وبشكل جزئي، كما أن هناك ما مجموعه 11 مستشفى ميدانيا في القطاع، 3 منها اضطرت إلى التوقف مؤقتًا، و4 منها تعمل جزئيا.
وكشفت المنظمة عن وجود أكثر من 10 آلاف فلسطيني في قطاع غزة بحاجة إلى العلاج في الخارج، وأضافت أن "المستشفيات في شمال قطاع غزة أصبحت غير قادرة على العمل بسبب القتال"، مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار ورفع القيود المفروضة على دخول الإمدادات إلى غزة على الفور.
المستشفى الوحيد في الشمال
ومع إعلان مستشفيات مدينة غزة خروجها عن الخدمة بسبب القصف الإسرائيلي في محيط المناطق التي تتواجد فيها، يقع على عاتق الطواقم الطبية في المستشفى "الإندونيسي" تقديم الخدمة لآلاف المواطنين، الذين يقطنون محافظتي غزة وشمالها.
ويعاني المستشفى من نقص حاد في الوقود والمستلزمات الطبية، وكانت السعة السريرية للمستشفى سابقا 140 سريرا، ولكن في اجتياح مخيم جباليا الأخير، تم حرق مبنيين من مبان المستشفى، وأصبحت السعة السريرية فيه 80 سريرا فقط.
وقال الطبيب عصام نبهان، مدير دائرة التمريض في المستشفى "الإندونيسي"، لوكالة "سبوتنيك":
المشفى الإندونيسي هو المشفى الوحيد المتواجد في شمال قطاع غزة، وبالتحديد من وادي غزة لغاية بيت حانون، وحاليا يتواجد 155 إصابة على 80 سريرا، بعدما تم تحويل 80 إصابة من المشفى "المعمداني"، منهم حالات مبيتة وحالات أصيبت أثناء استهداف المشفى "المعمداني".
الوضع صعب جدا وكارثي، هناك نقص حاد في المستلزمات والمستهلكات والأدوية الطبية ونقص الوقود ممكن أن يخرج المشفى عن العمل، وهناك أصناف من المستلزمات والأدوية الطبية، غير موجودة في المشفى ولا في مخازن وزارة الصحة، مثل أسياخ البلاتين التي تستخدم في جراحة العظام، والمشفى "الإندونيسي" هو المشفى الوحيد الذي يجري عمليات مخ وأعصاب في ظل نقص عدد الغرف لإجراء هذا النوع من العمليات.
ويتواجد في المشفى قسم العناية المركزة بسعة 10 أسرة، وهو القسم الوحيد المتبقي في شمال قطاع غزة، ويعمل الأطباء داخل غرف العمليات بنظام الطوارئ، حيث تجُرى عشرات العمليات يومياً لإنقاذ حياة المصابين، وتم استنزاف الطواقم الطبية التي تعمل على مدار الساعة منذ 10 أشهر، كما أنها تعرضت للقصف والتهجير كما بقية أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ويقول الطبيب نبهان لـ"سبوتنيك":
في ليلة واحدة قام الأطباء بإجراء 15 عملية من نوع "إنقاذ الحياة"، وجميعها نجحت، والآن المشفى مزدحم بالمصابين داخل الغرف، وفي الممرات والغرفة التي تتسع لـ5 أسرة، يتواجد فيها من 10-15 مريضا.
ويستقبل المستشفى "الإندونيسي" حالات معقدة وتحتاج إلى أكثر من عملية جراحية، ويتدخل فيها أكثر من قسم من أقسام المستشفى، وهناك حالات تحتاج إلى عمليات معقدة لا تتوافر أجهزتها ومستلزماتها داخل المستشفى، ومن بين تلك الحالات حالة الطفل، كنان عبد الدايم، الذي يبلغ من العمر سنة ونصف، والذي يعاني من مشكلة صحية معقدة في الدم وبحاجة إلى علاج غير متوفر في المستشفى.
وقالت، خديجة عبد الدايم، والدة كنان، لوكالة "سبوتنيك" عن حالة ابنها:
ابني يعاني من مشكلة كبيرة في الدم، وكما ترى يبكي بشكل متواصل، ولا يتوفر العلاج له في المشفى لغاية الآن، وحياته معرضة للخطر وهو حاليا في العناية المركزة، وهنا لا يوجد أجهزة متاحة بشكل كاف.
وأضافت: "يعاني المشفى من نقص كبير في المستلزمات والأدوية الطبية، ونقص في الوقود، وبالرغم من الإمكانيات القليلة يبذل الأطباء قصارى جهدهم، ويقدموا ما بوسعهم لإنقاذ حياة المصابين والمرضى المتواجدين بكثافة في المشفى".
هناك حالات معقدة في المشفى، وهناك حالات إنسانية صعبة للغاية، ومنها حالة طفل جاء مع عائلته بعد استهداف منزلهم بصاروخ، ولم يبقى من العائلة سوى الطفل الذي لا يتجاوز 3 سنوات، ودائما يسأل عن عائلته.
ويواصل الجيش الإسرائيلي قصف القطاع منذ 10 أشهر، حيث دمر أحياء بكاملها، وتسبّب بنزوح 1.7 من أصل 2.4 مليون نسمة، وأثار أزمة إنسانية كارثية، بحسب الأمم المتحدة.
وارتفع عدد القتلى منذ بداية الحرب على قطاع غزة، إلى نحو 38 ألف قتيل غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 89 ألفا آخرين، بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شنّ مقاتلون من حركة حماس هجوما على جنوبي إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم "حماس"، وتعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا، في 7 أكتوبر الماضي.