وقال المراقبون إن فشل التوصل إلى اتفاق حتى الآن يرجع إلى نتنياهو نفسه، الذي يرى في وقف الحرب نهاية لحياته السياسية، بيد أن الظروف لا تزال ملائمة للتوصل إلى هدنة، في ظل الضغوط الشعبية الداخلية على إسرائيل، وكذلك العربية والدولية.
في الإطار، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، اليوم الأربعاء، بأن شروط التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس قد نضجت، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يزيد من الصعوبات، بحسب قوله.
وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، مساء اليوم الأربعاء، بأن "تصريحات غالانت، جاءت في غرف مغلقة"، مضيفا أن "نتنياهو يزيد صعوبة التوصل لاتفاق حتى لا يخسر عضوي الائتلاف، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش".
وشدد غالانت على أنه "إذا لم يتم التوصل إلى صفقة تبادل مع حماس، في غضون أسبوعين، فذلك يعني حسم مصير المحتجزين".
زيارة نتنياهو لواشنطن
اعتبر الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، أن "إسرائيل تتهرب من التوصل لاتفاق تهدئة بعد أن قدمت حركة حماس مرونة كاملة خلال الأيام الماضية في جولة المفاوضات، حيث قامت بتأجيل الانسحاب من محور نتساريم من اليوم 22، وهذا يعني عدم مقدرة سكان الشمال من العودة حتى هذا اليوم، وكذلك تأجيل قضايا كثيرة من بينها محور فيلادلفيا للنقاش في المرحلة الثانية، وكذلك معبر رفح".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، مقابل ذلك كان هناك لاءات نتنياهو التي عادت مرة أخرى، من ضمنها عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا و"نتساريم" وعدم السماح بعودة النازحين من الشمال إلى الجنوب، والإصرار على أن تكون صفقة الأسرى واحدة وليست على مرحلتين.
وأكد الرقب أن "هذا يعني أن نتنياهو لا يريد التوصل إلى اتفاق، حيث يدرك أنه في اللحظة التي تتوقف فيها الحرب سوف ينتهي سياسيًا، وبالتالي يضع دائما العراقيل لعدم نجاح هذه الصفقة".
وتوقع الرقب أن "نتنياهو لن يوقع صفقة قبل الذهاب إلى واشنطن في 24 من الشهر الجاري، حيث سيلتقي أعضاء الكونغرس الأمريكي ومنظمات إسرائيلية، وكذلك ترامب والجالية اليهودية، حيث يريد أن يذهب دون اتفاق عسى أن يكون لديه رؤية أخرى في إدارة وإكمال هذا الصراع، ومن الممكن أن تتأجل هذه الأمور إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، أو قبلها بأيام لتبدأ الهدنة، وهذا من ضمن الاحتمالات".
وأشار إلى تقرير أمريكي أكد بأن "نتنياهو قد لا يوافق على الهدنة قبل الانتخابات الأمريكية، لأن في حال نجاح ترامب سيكون مؤيدا له، وسيحسم الأمور بعد زيارة واشنطن".
وتابع: "يستمر القصف على المدنيين والنساء والمدارس تحت حجج اغتيال قيادات حماس، حيث تعيش إسرائيل حالة من الإرباك وتعتقد أن هذا القصف يضغط على حماس من أجل تقديم المزيد من التنازلات لأنها كانت مرنة في المرة الأخيرة من المفاوضات، بيد أن هذه المرونة بناء على ضغط من الدول العربية، وأصبح لدى حماس دراية جيدة بالسياسة وتعلم أن نتنياهو، هو الذي سيتهرب من المفاوضات لذلك كانت مرنة في هذا الأمر".
وأوضح الرقب أن "التقارير الإسرائيلية تحدثت بأن الجيش قتل 14 ألف مقاتل من حركة حماس، وهذه يمثل، بحسب الإعلام العبري 50% من قوة حماس، وهو غير دقيق، حيث أن قوة حماس تقدر بأكثر من 40 ألف مقاتل، كما أن وزير الحرب تحدث قبل أيام عن التخلص من 60% من قوة حماس، معتبرًا أن كل هذه الحالة من الارتباك نتيجة عدم مقدرة إسرائيل التوصل لاتفاق أو للأسرى أو لقيادات المقاومة لذلك نرى هذا الإجرام ضد الشعب الفلسطيني".
انقسام إسرائيلي
في السياق، اعتبر شرحبيل الغريب، المحلل السياسي الفلسطيني، أن "عرقلة مفاوضات صفقة تبادل الأسرى تعكس وجود صراعات وانقسامات في الموقف لدى المؤسستين السياسية والأمنية والعسكرية في إسرائيل، وهذا يرجع لحسابات كل طرف من الأطراف الإسرائيلية وتجيير كل طرف قضية الحرب والصفقة لصالحه".
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، يعتبر الجيش الإسرائيلي أنه لم يعد لديه أهداف في غزة وأن عملياته العسكرية انتهت وبات يدفع فاتورة خسائر كبيرة بشكل شبه يومي، وأن الظروف نضجت لإبرام صفقة في ظل الضغوط الشعبية لأهالي الأسرى ووفق حسابات تخفيف فاتورة الخسائر، بعد أن فقد لواءً كاملا بين قتيل وجريح في معارك غزة.
وأكد أن "نتنياهو يرى بأن نهاية الحرب وإبرام الصفقة هي نهاية حياته السياسية وهذا ما لا يريده في ظل الظروف التي تهدد حكومته وتهديد بن غفير، وسموتريتش، بإسقاط الحكومة حال وافقت على الصفقة".
ويعتقد الغريب أن "هناك فرصة سانحة رغم هذه الظروف للتوصل لصفقة تبادل حال توفرت الإرادة والرغبة بالالتزام بمبادرة الرئيس الأمريكي بايدن، بعيدا عن لغة الاشتراطات".
وقال إنه "من المتوقع أن يصل نتنياهو إلى واشنطن خلال الأيام القليلة المقبلة ويلتقي الرئيس بايدن، ومع تزايد الضغط الشعبي وتوسع بقعة النار على الجبهة الشمالية، فهناك فرصة يمكن أن تتوفر في خضم هذه الزيارة".
ويرى أن "خيار الضغط العسكري والقصف لم يثبت نجاحه في ظل إصرار حماس على دفع إسرائيل الثمن وتحرير الأسرى وقدرتها الاحتفاظ بـ 120 أسيرا رغم مرور عشرة أشهر على الحرب".
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، هاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، داعيًا إياه إلى "التنحي عن منصبه"، فقد نقلت الإذاعة الإسرائيلية، عن لابيد، تأكيده على ضرورة إعلان نتنياهو، في خطابه المقرر أمام الكونغرس الأمريكي، الأسبوع المقبل، القبول بصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس الفلسطينية.