أوضاع مأساوية.. النازحون في خان يونس يفترشون الأرصفة والطرقات ولا يجدون مكانا يأوون إليه

يواصل الجيش الإسرائيلي، حربه على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ويتعرض القطاع لعشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، مع ارتكاب مجازر ضد المدنيين، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح غالبية من السكان.
Sputnik
وحذرت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، كاثرين راسل، من أن الوضع الإنساني في غزة "يتجاوز الكارثة" في ظل غياب الظروف اللازمة لاستجابة قوية واضطرار الأسر مرارا وتكرارا إلى الهروب من العنف.
وتتواصل المعارك الضارية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، خصوصا في خان يونس، بالتزامن مع قصف عنيف على مختلف مناطق القطاع خلّف عشرات القتلى والجرحى من المدنيين وأجبر السكان على النزوح مجددا.
أوضاع مأساوية... النازحون في خان يونس يفترشون الأرصفة والطرقات ولا يجدون مكانا يأوون إليه
نزوح تحت القصف
ومع اشتداد القصف الإسرائيلي في المناطق الشرقية من خان يونس جنوبي قطاع غزة، نزح عشرات الآلاف من الفلسطينيين وسط أوضاع صعبة وظروف مأساوية، واضطر عدد كبير من العائلات إلى البقاء في الشوارع لا يعرفون أين يتجهون، ومنهم من توجه للمقابر ونصب الخيام هناك بعد أن صار القطاع بالكامل ساحة حرب مفتوحة لا مكان آمنا فيها.
أم محمود نازحة من المنطقة الشرقية في خان يونس، وقد نزحت للمرة الثامنة منذ بدء الحرب، لكنها هذه المرة لم تستطيع أن تحمل معها شيء، فقد تعبت من النزوح المتكرر ولفترة طويلة.
وتقول أم محمود لوكالة "سبوتنيك": "لقد ضربوا علينا صواريخ من كل اتجاه، وخرج بعضنا ومنا من بقي لا يستطيع الخروج، بسبب القصف العنيف، وكما ترى لم أعد أستطيع السير في هذا العمر لمسافة طويلة، وهناك كبار سن لا يستطيعون النزوح، ولا نعرف أين نتجه أو إلى أي مكان نذهب، ولقد حاولنا العودة ليلا، لكننا لم نستطع، ولا أعرف ماذا حدث مع أولادي وأقربائي".
ولم تتمكن الكثير من العائلات شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، من النزوح بعد "أوامر الإخلاء" الجديدة التي أصدرتها القوات الإسرائيلية، في ظل الغارات العنيفة والمتواصلة التي يشنها طيران الإسرائيلي ومدفعيته على المنطقة ومحيطها.
ويقول النازح وليد صلاح لـ "سبوتنيك"، عن نزوحه تحت الغارات العنيفة شرق خان يونس: "خرجنا من المناطق الشرقية، ومنا من لم يستطع الخروج بسبب القصف العنيف، ولقد غامرت وخرجت ومن ثم أطلقوا علينا الصواريخ، وقذائف المدفعية، ونزحنا تحت قصف من البحر والجو والبر، ونجوت بفضل الله، بعدما رأيت مشاهد لن تمحى من ذاكرتي".

ويضيف: "لا نعرف أين نذهب، إذا اتجهنا إلى غرب خان يونس، نجد القصف العنيف، وإذا اتجهنا إلى منطقة أخرى استهدفونا، لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة".

أوضاع مأساوية... النازحون في خان يونس يفترشون الأرصفة والطرقات ولا يجدون مكانا يأوون إليه
وتجمع عشرات العائلات على شكل مجموعات على أرضية المدارس والطرقات، حيث لا يفصل كل عائلة عن الأخرى سوى بضع سنتيمترات، وتجلس النسوة بهذه الوضعية طوال الوقت، يرقبن بعيون الأمل أي خبر عن تطورات الأوضاع في شرقي المحافظة، ويأملن عودة قريبة لبيوتهن.
وتقول النازحة نجلاء قديح لـ "سبوتنيك": "نحن نجلس في الشوارع لا نعرف أين نذهب، لا يوجد مكان أمن في قطاع غزة، ويقولون لنا توجهوا إلى المواصي لكنها ليست أمنة، ولقد نزحت مع ابنتي المصابة من عبسان الكبيرة إلى خان يونس سيرا على الأقدام، وما زالت قدمها تنزف، وقد خرجت من المشفى منذ عدة أيام".

وتضيف: "لم أستطيع أخذ أمتعتي، فلم أجد إلا قطعة من الكرتون سنجلس عليها ونستعملها بديلًا عن فرشة للنوم، وأتمنى أن تنتهي الحرب لقد تعبنا كثيرا، ولا نعرف إلى متى ستستمر هذه المأساة، لقد نزحنا كثيرا ودمر قطاع غزة، أوقفوا هذه الحرب".

ويتسأل النازح محمود أبو ريدة عن عدم قدرة المجتمع الدولي على إجبار إسرائيل على إيقاف هذه الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، ويقول لوكالة "سبوتنيك": "نزحنا للمرة الثامنة، ولا يوجد مكان أمن في قطاع غزة، أوجه رسالتي إلى العالم أين نذهب، نريد الحماية، أوقفوا هذه الحرب، لقد تم تجربة كل أنواع القذائف والصواريخ علينا، من الجو والبر والبحر، لماذا لا تستطيع دول العالم إيقاف هذه الحرب، وهذه الإبادة".
وتعرضت منطقة شرق خان يونس لأكثر من هجوم إسرائيلي كان آخرها أوائل يوليو الجاري، كما شهدت مجازرا ودمارا واسعا خلال الاجتياح البري وهجوم الإسرائيلي الواسع على محافظة خان يونس الذي بدأ في يناير وانتهى في أبريل الماضي.
أوضاع مأساوية... النازحون في خان يونس يفترشون الأرصفة والطرقات ولا يجدون مكانا يأوون إليه
عملية إنسانية متعثرة
وأشارت المديرة التنفيذية "لليونيسف" كاثرين راسل إلى أن ما لا يقل عن 278 من عمال الإغاثة في قطاع غزة قد قُتلوا بالفعل "في حين تعرض آخرون للأذى، أو مُنعوا من القيام بعملهم".
ودعت جميع أطراف النزاع إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين والبنية التحتية التي يعتمدون عليها، وقالت: "لقد آن الأوان لإنهاء هذه الأزمة، وإعادة الرهائن إلى عائلاتهم، وأن يحصل أطفال غزة على مستقبل صحي وآمن".
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفي اليوم الـ 294 ارتفع عدد القتلى منذ بداية الحرب على القطاع، إلى 39,175 قتيل غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 90,403 آخرين.
وفي 7 أكتوبر، شنّ مقاتلون من حماس هجوما على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم حماس، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر.
مناقشة