الأمراض والأوبئة تجتاح القطاع وتفتك بأطفال غزة

تسببت الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 10 أشهر، في نزوح قرابة 1.9 مليون فلسطيني من سكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة تقريبا، وأثارت الحرب أزمة إنسانية كارثية خانقة شملت النقص الحاد في الغذاء والماء والدواء.
Sputnik
واستهدف الجيش الإسرائيلي المنظومة الصحية في قطاع غزة بشكل مباشر، ما أدى إلى خروج معظم المشافي عن العمل، ويشهد القطاع الصحي في القطاع المحاصر حالة انهيار كبيرة، وقد استهدفت العديد من المراكز الصحية في غزة وخرج أغلبها عن الخدمة، ما أدى إلى اضطراب في جميع الخدمات الصحية ومنها التطعيم، وهو ما تسبب بتفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فقد جرى داخل قطاع غزة الإبلاغ عن حالات متفرقة من الحصبة والنكاف، وعن أكثر من 600 ألف حالة من التهابات الجهاز التنفسي العلوي، والعديد من حالات التهاب السحايا والتهاب الكبد والطفح الجلدي والجرب والقمل وجدري الماء.
الأمراض والأوبئة تجتاح القطاع وتفتك بأطفال غزة
الأمراض الجلدية
وفي مشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، يحاول الطبيب عبد الرازق شامان وهو الطبيب الوحيد المختص بالأمراض الجلدية، مساعدة عدد كبير من الأطفال المصابين.
ويقول الطبيب عبد الرازق لوكالة "سبوتنيك": "هناك كارثة طبية تصيب قطاع غزة، وخاصة شمال غزة، فهناك أمراض جلدية تصيب الأطفال، وهي عديدة وكثيرة، منها ما هو معروف سببه ومنها غير معروف، وهناك أمراض جلدية لا تستجيب للعقارات الطبية".
ويضيف: "هناك حالات عديدة لشلل الأطفال، وهذه كارثة أخرى، تهدد حياة السكان، وهذه الفيروسات والأمراض المعدية تنتشر بسبب المياه الملوثة، والاكتظاظ في مراكز الإيواء، والصرف الصحي، وتراكم النفايات، ولا يوجد في وزارة الصحة أدوية كافية للأطفال، ولا يوجد في القطاع الخاص أدوية، ويظل خطر انتشار المزيد من الأمراض مرتفعا بسبب هذه العوامل في ظل تعطل خدمات الرعاية الصحية الروتينية وتعثر النظام الصحي".
الأمراض والأوبئة تجتاح القطاع وتفتك بأطفال غزة
وتقول أم غزل حنونة لـ "سبوتنيك" عن حالة طفلتها وهي تنتظر العلاج في مشفى كمال عدوان شمال غزة: "ابنتي تعاني من طفح جلدي، وهناك حالات عديدة مثلها، فقد انتشر هذا المرض بسرعة بين الأطفال، وابنتي أصابها تسمم بسبب نقص الغذاء والدواء، وبقيت 7 أيام في المشفى وهي في حالة الخطر الشديد، والطبيب يطلب لها أدوية، ولكن الأدوية غير متوفرة، وأحاول أن أحضر أدوية من خارج المشفى لكني لم أستطيع، ولا أعرف ماذا أفعل".
ويؤكد الطبيب، عيد صباح، مدير قسم التمريض في مشفى كمال عدوان الطبي، لوكالة "سبوتنيك":" هناك مئات الحالات من الأطفال الذين ظهرت عليهم التهابات جلدية متعددة ومتنوعة، والتي لم نعهدها من قبل، وطالما ناشدنا منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف، أن ينتبهوا للخطر المحدق بشمال قطاع غزة، بسبب هذه الفيروسات والأمراض".
ويضيف: "هذه الأمراض المعدية إذا لم يتم التعامل معها بسرعة، ستتنقل إلى المنطقة كلها، لأن هذه الأمراض إذا تفشت فلن تبقى في حدود قطاع غزة، وإنما ستنتقل إلى الإقليم، بسبب وجود فيروسات تنتقل بطريقة يصعب الحد من انتشارها".
الأمراض والأوبئة تجتاح القطاع وتفتك بأطفال غزة
شلل الأطفال
ونشرت منظمة الصحة العالمية بيانا بتاريخ 19 يوليو/ تموز الماضي وحدثته بمعلومات إضافية بتاريخ 21 من الشهر نفسه، وأشارت فيه إلى تأكيد انتشار سلالة فيروس شلل الأطفال من النوع الثاني في قطاع غزة، وعُزل الفيروس من 6 عينات من مياه الصرف الصحي، وجُمعت من موقعين مختلفين لجمع العينات في منطقتين فرعيتين داخل غزة، في 23 يونيو/ حزيران الماضي.
وفي 29 يوليو/ تموز، نشرت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي بيانا تعلن فيه غزة منطقة لوباء شلل الأطفال، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن شلل الأطفال مرض شديد العدوى، يصيب الأطفال الصغار في الغالب، ويهاجم الجهاز العصبي وقد يؤدي إلى شلل في العمود الفقري والجهاز التنفسي، وفي بعض الحالات الموت.
وأعلن مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن المنظمة سترسل أكثر من مليون جرعة من اللقاح المضاد لفيروس شلل الأطفال إلى قطاع غزة.
الأمراض والأوبئة تجتاح القطاع وتفتك بأطفال غزة
وسيتم توزيع جرعات اللقاح على مدى الأسابيع المقبلة لمنع إصابة الأطفال بالعدوى بعد رصد الفيروس في عينات من مياه الصرف الصحي بالقطاع.
وفي بيت لاهيا شمال قطاع غزة تعيش عائلة الشنباري في الجزء المتبقي من المنزل المدمر جراء القصف الإسرائيلي، ويعاني الطفل محمود الشنباري من مرض جلدي أصاب رأسه، وجعله حبيس منزله.
وتقول آلاء نبيل الشنباري والدة الطفل محمود الشنباري عن حالة طفلها: "أول ما ظهر في رأسه حبوب كبيرة، ثم انتشرت على معظم رأسه، ويعاني منذ 5 أشهر، ومكث في المشفى أسبوعين، حتى خف الألم، فقد كان يتوجع باستمرار، ولكن بقي رأسه بهذا الشكل، وابني أصيب بهذا المرض بسبب التلوث وعدم وجود غذاء صحي، وأدوية كافية".
وتضيف: "محمود لا يخرج من المنزل، فحالته النفسية صعبة للغاية، لا يريد أن يراه الأطفال بهذا الشكل، ونحاول التخفيف عنه لكن حالته تسوء مع الوقت، بسبب تفشي هذا المرض وانتشاره على معظم رأسه، ويحاول أخوته أن يلعبوا معه داخل البيت، كي يخففوا عنه".
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يعيش نحو 350 ألف شخص مصاب بالأمراض المزمنة في قطاع غزة، ويؤدي نقص الأدوية الأساسية وإغلاق المرافق الصحية إلى خطر يتهدد 52 ألف مصاب بالسكري و45 ألف مصاب بالربو و45 ألف مصاب بأمراض القلب والأوعية الدموية و225 ألف مصاب بارتفاع ضغط الدم.
الأمراض والأوبئة تجتاح القطاع وتفتك بأطفال غزة
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفي اليوم الـ 306 ارتفع عدد القتلى منذ بداية الحرب على القطاع، إلى 39,653 قتيل غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 91,535 آخرين.
وفي 7 أكتوبر، شنّ مقاتلون من "حماس" هجوما على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم "حماس"، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر.
مناقشة