ولم يعرف الكثير من هؤلاء النازحين وجهتهم المقبلة في ظل انعدام الخيارات أمامهم، بعد تجدد القصف واستهداف مراكز الإيواء، ويحاول سكان غزة وشمال القطاع البحث عن سبل النجاة في ظل كارثة إنسانية مستمرة هناك، ويحاول الكثير منهم الصمود والبقاء داخل مراكز الإيواء، في ظل التهديد المستمر والخوف من قصف جديد.
صمود وتحدٍ
ويحاول سكان غزة وشمالها الصمود داخل مراكز الأيواء في ظل ظروف المأساوية التي يواجهونها، و بالحد الأدنى من الإمكانيات والوسائل المتاحة لديهم، أو ربما أصبح البقاء عند كثير منهم أفضل من نزوح جديد.
داخل مدرسة للإيواء في جباليا شمال قطاع غزة، يعيش المئات من النازحين في ظروف صعبة للغاية، خاصة بعد استهداف المدرسة بعدة صواريخ سقط إحداها داخل صف يعيش فيه عائلة الزعانين، ونجى عدد من العائلة.
مدارس للإيواء تتحول لمقابر جماعية في غزة وسط صمود النازحين المصرين على البقاء
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويقول أحمد الزعانين لوكالة "سبوتنيك": "لقد اسقطوا علينا صاروخ وزنه 4 طن، قلب الليل إلى نهار، وأخذت أطفالي وصرت أركض، وهربت حتى من الإسعاف، لأني لم أرى الطريق، ومكثنا فترة في مشفى كمال عدوان، وعدنا مرة أخرى إلى المدرسة".
مدارس للإيواء تتحول لمقابر جماعية في غزة وسط صمود النازحين المصرين على البقاء
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويضيف : "عدت إلى المدرسة لأني أريد البقاء هنا، ولا أريد النزوح مرة جديدة، وكذلك هنا جيراننا وأصدقائنا، لكن هناك مشاكل عديدة نواجهها، الماء والطعام من جهة، وضيق المساحة من جهة أخرى، فالصف الواحد يتم تقسيمه بواسطة أقمشة بين عدة عائلات، وغالبية الصفوف فيها ذكرى لصاروخ أو هدم لجزء منها، هذه حياتنا في كل مكان نواجه الخطر وننتظر مصيرنا، لعل الله يغير حالنا".
لا بدائل عن المدارس
ويعيش النازحون الذين قرروا البقاء في مراكز الإيواء في معاناة يومية، ويقول النازح إبراهيم أبو عمشة من سكان بيت حانون شمال قطاع غزة " لسبوتنيك":" لقد نزحنا من بيت حانون مع بداية الحرب إلى عدة أماكن، وتعرضت مراكز الإيواء في معسكر جباليا التي كنا فيها للتدمير، ونزحنا إلى مدينة غزة، ثم عدنا إلى مركز الإيواء، ونعيش داخل صف صغير، وعددنا 9 أفراد، ويوجد أطفال ونساء".
مدارس للإيواء تتحول لمقابر جماعية في غزة وسط صمود النازحين المصرين على البقاء
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويضيف: "دخل الجيش الإسرائيلي على المدرسة وحرق كل الخيام في الساحة الخارجية، وقصفوا الصفوف المجاورة لنا بالقذائف، وتحتنا مباشرة، قصفوا صف بقذيفة، وقطعت شظية رأس طفلة ، هذا ما نواجهه في مراكز الإيواء في الشمال بشكل مستمر، وحالنا مثل حال باقي المدارس".
ويحاول النازحون في مراكز الإيواء جلب المياه والطعام بشكل يومي، في رحلة خطيرة يضطر لها النازحون، ويقول النازح إبراهيم لوكالة "سبوتنيك" عن حياتهم اليومية : "حياتي كل يوم مرتبطة بالماء وجلب الطعام من التكية، وأذهب إلى أماكن الماء وأحيانا تكون بعيدة، وأضطر للوقوف في طابور طويل لعدة ساعات، حتى أجلب الماء، ثم أذهب للتكية، وأقوم بنفس العمل لساعات في طوابير طويلة، حتى أحصل على طعام لعائلتي، وأولادي يقومون بما أقوم به حتى نستطيع تأمين الماء والطعام للعائلة، وكل يومين أو ثلاثة أذهب إلى منطقة بيت حانون لجلب الحطب، وقد تعرضت للموت أكثر من مرة، ولكني مضطر لذلك، وسوف أصمد هنا وأحاول البقاء مع عائلتي، بالرغم من النزوح المستمر، وقصف ومدارس الإيواء، فلا يوجد في القطاع مكان أمن".
مدارس للإيواء تتحول لمقابر جماعية في غزة وسط صمود النازحين المصرين على البقاء
© Sputnik . Ajwad Jradat
ولم تعد مدارس الإيواء التابعة للأونروا في غزة ملاذاً آمناً بالنسبة للآلاف من النازحين الذين فروا من بيوتهم بسبب سياسة القصف المتعمد ونسف المربعات السكنية، بل حولت إلى مقابر جماعية للضحايا من النازحين، الذين يسقطون بشكل متكرر، جراء القصف المباشر للفصول الدراسية التي تؤوي النساء والأطفال وكبار السن.
مدارس للإيواء تتحول لمقابر جماعية في غزة وسط صمود النازحين المصرين على البقاء
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويقول النازح محمد موسى لـ" سبوتنيك": "نزحنا أكثر من مرة، واستهدفنا بالقذائف والصورايخ، ونقترب من سنة ونحن على هذه الحالة، لا طعام ولا ماء ولا دواء، وأمراض منتشرة، حياة صعبة للغاية، وفوق كل هذا قصف للمناطق التي يسمونها أمنة، لا يوجد أمان في مراكز الإيواء، ولا حتى في مكان أخر، إلى متى سيبقى هذا الحال، ومتى ستنتهي هذه الحرب".
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فقد أكثر من 1070 نازحا حياتهم من جراء استهدافهم داخل مراكز الإيواء في مناطق متفرقة من قطاع غزة، بدون سابق إنذار أو ابلاغهم بضرورة الخروج، بذريعة أن المدارس تتخذها فصائل المقاومة وأجهزة الشرطة مراكز قيادة وسيطرة، الأمر الذي زاد من معاناة النازحين الذين يواصلون المكوث داخل تلك المدارس في ظل انعدام البدائل أمامهم، بالتزامن مع اشتداد ضراوة القصف العشوائي المدمر للأحياء السكنية.
مدارس للإيواء تتحول لمقابر جماعية في غزة وسط صمود النازحين المصرين على البقاء
© Sputnik . Ajwad Jradat
وبحسب توثيق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإنَّ الجيش الإسرائيلي استهدف 177 مركز إيواء منذ اندلاع الحرب، من بينها 157 مدرسة تابعة للأونروا وحكومية وخاصة مأهولة بالنازحين، ومنذ بداية الشهر الحالي، تم ارتكاب 8 مجازر في مدارس نزح إليها عشرات الآلاف من السكان، تركزت في مناطق مدينة غزة وأحيائها المختلفة، وسط مزاعم إسرائيلية متكررة بأنها بنية تحتية للمقاومة، وهو ما يتعارض مع الإحصائيات التي تؤكد أن أكثر من 90% من الضحايا من المدنيين.
مدارس للإيواء تتحول لمقابر جماعية في غزة وسط صمود النازحين المصرين على البقاء
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفي اليوم الـ 322 ارتفع عدد القتلى منذ بداية الحرب على القطاع، إلى 40,265 قتيل غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 93,144 آخرين.
وفي 7 أكتوبر، شنّ مقاتلون من حماس هجوما على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم حماس، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر.