المياه "سلاح تعطيش" إسرائيلي في الضفة الغربية بموازاة "إبادة" غزة

منذ بدء الحرب على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، استخدمت إسرائيل مصادر المياه "كسلاح" لتضييق الخناق على المواطنين الفلسطينيين في القطاع، حيث فرضت حصارا على القطاع، وقطعت المياه وقصفت الشبكات ومنعت إدخال الوقود لتشغيل محطات التحلية والآبار فيه.
Sputnik
وأصدرت منظمة "أوكسفام"، تقريرا بشأن أزمة المياه في قطاع غزة، قالت فيه إن "إسرائيل تستخدم المياه سلاحا بشكل منهجي ضد سكان القطاع"، وأضافت أن "سلوك إسرائيل هو استخفاف واحتقار لحياة الإنسان والقانون الدولي"، وخلُص التقرير المُعنون "جرائم حرب الماء" إلى أن "استخدام إسرائيل للماء كسلاح حرب أدى إلى انخفاض إمدادات قطاع غزة من المياه بنسبة 94%، لتصل إلى قرابة 4.74 لتر يوميًا للشخص الواحد، أي أقل بقليل من ثلث الحد الأدنى الموصى به في حالات الطوارئ".
وفي الضفة الغربية، لا تختلف الصورة كثيرا، حيث تتحكم إسرائيل بنسبة %85 من مصادر المياه في الضفة الغربية، وفقا للسلطات الفلسطينية، وتعتبر إسرائيل قضية المياه "أساسية واستراتيجية لمستقبل وجودها"، كما أنها "أساسية واستراتيجية" لمستقبل الدولة الفلسطينية، في الوقت الذي تعتمد فيه القطاعات جميعها على الأمن المائي، وارتباطه المباشر بالأمن الغذائي، كما أن وجود الماء أصل الحياة في أي تجمعات سكانية.
تقليص المياه بنسبة تتجاوز %40
وتشهد الضفة الغربية منذ 25 مايو/ أيار الماضي، تقليصاً لكميات المياه الواصلة إلى أماكن رئيسية محددة، وفي إجراء يتكرر سنويا، خفّضت شركة "ميكروت" الإسرائيلية، كميات المياه المخصصة لمحافظتي الخليل وبيت لحم جنوب الضفة الغربية، حيث وصلت نسبة التخفيض لهاتين المحافظتين إلى ما يقارب 35%، تلاها تخفيض لمناطق امتياز مصلحة مياه رام الله بنسبة تتجاوز 50%، الأمر الذي خلق أزمة كبيرة لدى الكثير من التجمعات خاصة في فصل الصيف، وبات من الصعب تزويدها بالحصص المقررة نتيجة هذا التخفيض.

ورغم أن الشركة الإسرائيلية "ميكروت"، التي تزود الضفة الغربية بالمياه، أعادت ضخ نسب المياه تدريجيا، إلا أن وصول المياه إلى المواطنين ما زال متذبذبا.

وقال باسم النتشة، أستاذ الزراعة في جامعة فلسطين التقنية لوكالة "سبوتنيك": "تسيطر إسرائيل على مصادر المياه في الضفة الغربية، وتخفيض نسبة المياه المتبع منذ أشهر، سبب في معاناة كبيرة للمواطنين، حيث يحصل المواطن في الضفة من (%50_%30 ) من المياه يوميا، وهذا أقل من نسبة المياه العذبة الصالحة للشرب والتي يجب أن يحصل عليها كل مواطن، والتي لا تقل عن 100 لتر يوميا، والتقليص الإسرائيلي للمياه يستمر وتيرة تصاعدية ويهدف إلى فصل التجمعات الفلسطينية عن المناطق الزراعية، خاصة القريبة من المستعمرات في المناطق المسماة "ج"، بهدف تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم ، وبالتالي فإن إسرائيل تستخدم المياه سلاحا ضد الفلسطينيين".
قطع مصادر المياه نهائيا
وفي تصريح سابق لمدير عام مجموعة الجيولوجيين الفلسطينيين عبد الرحمن التميمي، قال: "إسرائيل من الممكن أن تقطع مصادر المياه نهائيا عن الضفة الغربية في حالة نشوب إقليمية، وأنصح المواطنين بتخزين أكبر كمية من مياه الشرب في المنازل".
وأضاف النتشة: "لا يمكن فصل الإجراءات الإسرائيلية باستخدام المياه وسيلة تعطيش عن سياق أي حرب قادمة في المنطقة، وليس مستغرب على الاحتلال قطع مصادر المياه عن الفلسطينيين في مرحلة ما، وكذلك قطع الكهرباء والذي سيؤثر بشكل مباشر على مضخات المياه التي تعمل بالكهرباء".
تقرير: تفشي الأمراض في قطاع غزة بسبب المياه الملوثة
وتابع النتشة: "أنصح جميع المواطنين، بتوفير عدد أكبر من خزانات المياه، وكذلك تعبئة البرك والآبار بالمياه الصالحة للشرب، واستخدامها في أوقات الطوارئ، لأن الماء سيكون من أكبر المشكلات التي ستواجه الضفة الغربية في حالة التصعيد الإقليمي".
ويبلغ عدد الآبار الفلسطينية نحو 400 بئر جوفي، تتركز معظمها في محافظات قلقيلية وأريحا وطولكرم، وبعدد أقل في محافظاتي الخليل وبيت لحم، وفي ظل السيطرة الإسرائيلية على أكثر من 85% من مصادر المياه الجوفية والسطحية في الضفة الغربية وتنكرها لحق الفلسطينيين في الاستفادة من مياه نهر الأردن، وعدم الاستفادة من مياه الأمطار والمقدرة بـ17 مليون متر مكعب يوميا، أصبح اعتماد الفلسطينيين بنسبة كبيرة على المياه الجوفية.
وفي بلدة دير الغصون شمال مدينة طولكرم شمالي الضفة الغربية، يحاول الحاج عدنان غانم، تنظيف بئر مجاور لمنزله، تمهيدا لتعبئته بالمياه، ويقول الحاج عدنان لـ"سبوتنيك": "على الجميع أخذ جميع التدابير اللازمة لتوفير مياه الشرب في حالة الطوارئ، خاصة بعد تقليص حصة المياه من قبل إسرائيل، وقد قمت بتنظيف البئر المجاور لمنزلي، وكذلك قمت بتعبئة بركة صغيرة بجانب البئر بالمياه، حتى تتوفر المياه الصالحة للشرب في حالات الطوارئ، لأننا نرى كيف يعاني أهالي قطاع غزة من نقص المياه بسبب الحرب، ولذلك علينا أن نأخذ جميع التدابير اللازمة لمواجهة ظروف من الممكن أن تحصل قريبا".
1 / 7

المياه "سلاح تعطيش" إسرائيلي في الضفة الغربية بموازاة "إبادة" غزة

2 / 7

المياه "سلاح تعطيش" إسرائيلي في الضفة الغربية بموازاة "إبادة" غزة

3 / 7

المياه "سلاح تعطيش" إسرائيلي في الضفة الغربية بموازاة "إبادة" غزة

4 / 7

المياه "سلاح تعطيش" إسرائيلي في الضفة الغربية بموازاة "إبادة" غزة

5 / 7

المياه "سلاح تعطيش" إسرائيلي في الضفة الغربية بموازاة "إبادة" غزة

6 / 7

المياه "سلاح تعطيش" إسرائيلي في الضفة الغربية بموازاة "إبادة" غزة

7 / 7

المياه "سلاح تعطيش" إسرائيلي في الضفة الغربية بموازاة "إبادة" غزة

وفي بعض المناطق بالضفة الغربية، التي قطعت عليها المياه لمدة طويلة، وكذلك المناطق التي استهدفتها القوات الإسرائيلية بعمليات عسكرية، صاحبها تدمير للبنية التحتية مثل مخيمات شمال الضفة، يعتمد سكانها على عربات المياه المحلاة، حيث يصطفون للحصول على المياه، ويقول الحاج عدنان: "جيش الاحتلال يدمر البنية التحتية خلال اقتحامه، وهذا يسبب في توقف تدفق المياه، وتحتاج إلى وقت طويل لإصلاحها، ولذلك يتم الاعتماد على عربات المياه أو شراء صناديق المياه وهذا مكلف ماديا بشكل كبير، لكن لا يوجد حل سريع لحل هذه المشكلة".
وتوجد 8 أحواض للمياه الجوفية في فلسطين، تقع 4 منها في إسرائيل، وهي طبريا وغربي الجليل والكرمل وأحواض النقب، أما الأربعة الأخرى فتقع كلياً أو جزئياً في الضفة الغربية، الأحواض الشمالية والشرقية والغربية، وفي قطاع غزة الحوض الساحلي، وفق هيئة "مقاومة الجدار والاستيطان" الفلسطينية.
مناقشة