هذا ما أكده السفير الروسي يفغيني تيركين لدى أديس أبابا، إذ قال إن العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف بين روسيا وإثيوبيا كانت تنمو بعد أن التقى زعيما البلدين في القمتين الأولى والثانية بين روسيا وأفريقيا في عامي 2019 و2023.
وأشار السفير يفجيني تيريخين إلى أمله "أن يصبح التعاون أكثر وضوحًا قريبًا، وخاصة في مجالات الطاقة والتجارة المتبادلة والأمن الغذائي وغيرها، وعبَّر علاوة على ذلك عن تفاؤله بشأن الشراكة الاقتصادية المتنامية بين البلدين، مؤكدًا على الجهود الجارية لزيادة التجارة والاستثمار.
بعيدا عن العلاقات الإثيوبية الروسية أقامت أديس أبابا مشروعا ضخما على نهر النيل في السنوات العشر الأخيرة أثار الكثير من الجدل مع جارتها السودان ومع مصر دولة المصب، وهو مشروع سد النهضة العملاق الذي استهدف تخزين كميات كبيرة من المياه من أجل توليد الكهرباء، المشروع اعتبرته مصر مهددا لأمنها المائي حيث يمكن أن يحرمها من قدر كبير من حصتها المائية في نهر النيل والتي تبلغ 55 مليار متر مكعب، كما أن السودان أيضا اعتبره خطرا على مصادر المياه.
الدول الثلاث دخلت في مفاوضات استمرت لأكثر من عشر سنوات دون تحقيق أي اتفاق نهائي لحل الأزمة بينما استمرت إثيوبيا في إقامة السد ونجحت بالفعل في الانتهاء من تشييده واستكمال تخزين كميات المياه المستهدفة.
وفي تطور جديد وجهت مصر خطاباً لمجلس الأمن حول تطورات سد النهضة.
ووجه الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إثر التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء "سد النهضة".
وأكّد وزير الخارجية المصري رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، والتي تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015 والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021، منوهاً بأن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي "آبي أحمد" حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية.
وأوضح الخطاب المصري لمجلس الأمن أن انتهاء مسارات المفاوضات بشأن "سد النهضة" بعد 13 عاماً من التفاوض بنوايا مصرية صادقة، جاء بعدما وضح للجميع أن أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل لحل .
وكانت إثيوبيا قد قررت خلال الأسبوع الحالي غلق بوابات سد النهضة، ما يعني وقف تدفق المياه لمصر والسودان واستمرار التخزين الخامس الذي يجري بدون تنسيق مع القاهرة والخرطوم.
في الوقت نفسه أرسلت مصر قوات عسكرية إلى دولة الصومال تنفيذا لاتفاق دفاع مشترك بين البلدين وذلك بعد أزمة جديدة بين الصومال وإثيوبيا التي قامت مؤخرا بتعيين سفير لها في إقليم أرض الصومال الذي يطالب بالانفصال عن الدولة الصومالية وهو ما يعد اعترافا من إثيوبيا بانفصال الإقليم مقابل إقامة اثيوبيا قاعدة بحرية في أرض الصومال عبر أرض الإقليم.
وفور إرسال قوات مصرية إلى الصومال أصدرت إثيوبيا بياناً انتقدت فيه مصر معتبرة أن تلك الخطوة تهدد بزعزعة استقرار المنطقة وتقوض جهود السلام.
في حديثه لـ"لقاء سبوتنيك" قال محمد العروسي النائب في البرلمان الإثيوبي الفيدرالي ومستشار وزير المياه والطاقة في إثيوبيا، إن العلاقات الروسية الإثيوبية بصدد تطويرها أكثر وأكثر خاصة في ظل الجهود الأخيرة؛ فهناك انفتاح روسي على القارة الأفريقية وهناك بالتالي تعاون بشأن الاحتياجات اللازمة التي تشهدها أفريقيا، مع وجود العديد من القوى الدولية التي تتنافس فيما بينها حتى يكون لها موطئ قدم للاستفادة من خيرات القارة السمراء والثروات والمعادن، لكن في المقابل هناك تقدم ملحوظ في تعزيز العلاقات مع روسيا من قبل الدولة الإثيوبية.
وأوضح العروسي أن روسيا بحجمها وبإمكانياتها تتخذ خطوات مهمة وتظل حاضرة بكل الصور، واستطاعت ترسيخ حضورها وتواجدها برغم التوترات الإقليمية الحادثة، مشددا على أن العلاقات بين روسيا وإثيوبيا تمتد على مدار قرن من الزمان، إذ لا ينسى الإثيوبيون أبدا يد المساعدة التي امتدت لهم والسلاح الروسي المؤثر تماما والذي ساهم في هزيمة الاستعمار الإيطالي.
وهناك محطات مهمة جدا بين الجانبين تشمل كل أشكال التعاون في ظل تواجد دبلوماسي روسي قوي يتميز بعلاقات جيدة جدا بين موسكو وأديس أبابا.
ويشرح أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، طبيعة سد النهضة بأنه يتكون من جزئين الأول خرساني والثاني ميكانيكي وكهربائي.
وأوضح أن الجزء الخرساني يتبقى فيه جزء بسيط يحتاج إلى شهرين على أقصى تقدير، أمام للكهرباء فالأمر صعب لأن المطلوب تركيب 11 توربينا في السد، إذ تم تركيب أربعة توربنات فقط، كان آخرهم منذ عشرة أيام.
وقال شراقي إن مسألة التوربينات سوف تستغرق وقت طويل بسبب عدم وجودها في إثيوبيا وسيتم استرادها من الخارج، وهو معاكس لما يقوله رئيس الوزراء الإثيوبي بأن نهاية العمل في السد ستكون ديسمبر القادم.
وأضاف أنه لا توجد مساحات زراعية للري حول سد النهضة لذلك لن يستفيد الشعب الإثيوبي من مشروع سد النهضة.