وأضاف حربا في حوار خاص مع "سبوتنيك": "بعد 11 شهراً من العدوان على غزة والمجازر يجد نتنياهو نفسه عاجزاً عن تحقيق الهدف كتحرير الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة أو القضاء على حماس، أو حتى الهدف الذي أضمره وهو تهجير أهل غزة إلى مصر أو خارج فلسطين، إذاً نتنياهو تلاحقه لعنه الفشل والإخفاق وكأنه خلال 11 شهراً يطارد خيط دخان بالرغم من سيل الوعود والعهود التي قطعها وأطلقها للداخل الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية بأنه سيحقق تلك الأهداف ولكنه يحتاج إلى مزيد من الأسلحة والذخائر ومزيد من الوقت".
نتنياهو يضحي بالأسرى
وأوضح الخبير العسكري أنه لعجز نتنياهو عن تحقيق تلك الأهداف لجأ إلى تحديد أهداف يراها أكثر واقعية، وأولها السيطرة على محور فيلادلفيا والبقاء فيه، ومحاولته تصوير البقاء في محور فيلادلفيا على أنه إنجاز يعادل القضاء على المقاومة أو تحرير الأسرى، فمن وجهة نظر نتنياهو لا يمكن القضاء على المقاومة دون البقاء في فيلادلفيا، مشيراً إلى أن هذا يدل على أن نتنياهو لا يريد صفقة على الإطلاق ولا يريد تحرير الأسرى بالتبادل، بل يعمل على التضحية بالأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، ويتعنّت ويتصلّب للبقاء في فيلادلفيا لأنه يدرك أن ذلك خط أحمر ومرفوض رفضاً قاطعاً من المقاومة في غزة ومن مصر أيضاً لأن ذلك يعتبر انتهاكاً للأمن القومي المصري، ويحاول نتنياهو الانقضاض على أي مسعى أو إمكانية لعقد صفقه تبادل في بقائه في فيلادلفيا.
فيلادلفيا محاولة أخيرة للضغط على المفاوض الفلسطيني
وقال الدكتور حربا: إن البديل عن الصفقة والتسوية هو استمرار الحرب وحرب الإبادة والفشل الميداني وعلى حساب حياة الأسرى، هذه المبالغة الإسرائيلية بالتمسك بمحور فيلادلفيا واعتباره عموداً فقرياً لأمن إسرائيل كما صرح نتنياهو في مؤتمره الصحفي في 2 و4 من هذا الشهر محاولة إسرائيلية أخيرة لتوظيف هذا الاحتلال والتواجد في المحور بالضغط على المقاومة لتحسين شروط التفاوض والضغط على مصر كوسيط أيضا للضغط المصري على المقاومة، مضيفاً أنها أيضا محاولة للي ذراع الولايات المتحدة الأمريكية وابتزازها في أي مبادره تسويه قد تطرح لاحقاً كما يشاع، ومحاولة لكسب الوقت وتمديد القتال والصراع والعمل العسكري والدوران في حلقة مفرغة والمجازر وحرب الإبادة لتنتهي الأمور في الانتخابات الأمريكية.
السيطرة على فيلادلفيا خرق فاضح لكامب ديفيد
وأضاف الخبير العسكري: إن كل التواجد العسكري الإسرائيلي في غزة باطل ومناقض لاتفاقية الانسحاب الإسرائيلي من غزة، وفيما يتعلق بمحور فيلادلفيا هو مناقض ويعتبر خرقاً فاضحاً لاتفاقية كامب ديفيد مع مصر وتهديداً للأمن القومي المصري، وقد تم تداول معلومات أن الإسرائيلي طلب إذناً من القوات المسلحة المصرية بالدخول إلى محور فيلادلفيا وكانت الوعود أنه سيدخل لمدة محدودة تمتد من عدة أيام إلى أقل من ثلاثه أسابيع وبشكل مؤقت فقط ليتم تفتيش المنطقة وتدمير ما يزعم الإسرائيلي أنه موجود من أنفاق.
وأشار الدكتور حربا إلى أن الإسرائيلي بعد أن دخل محور فيلادلفيا غدر بالوعد الذي أعطاه للمصريين، وها هو متواجد منذ أكثر من شهرين ويعقد العزم على عدم الخروج، ومن هنا يرى الإسرائيلي أنه بانسحابه لن يتمكن من خداع المصري مرة أخرى والأهم أن المقاومة الفلسطينية التي ما زالت قوية ستتخذ الكثير من التدابير الميدانية لمنعه من التوغل والسيطرة على المعبر سواء رفح أو محور فيلادلفيا، مبيناً أن الإسرائيلي يدرك أن رئة غزة على العالم الخارجي هي من رفح وفيلاديفيا وهذا ما قاله نتنياهو في المؤتمر الصحفي إن محور فيلادلفيا ومعبر رفح هو أنبوب الأوكسجين لغزة، لذلك هذا الأمر لا يمكن التنازل عنه أو المساومة عليه من قبل المقاومة وحتى من قبل الحالة الشعبية في غزة على الإطلاق وهو مطلب الشعب الفلسطيني عامة وليس فقط مطلب مقاومة.
القضاء على المقاومة الفلسطينية ضرب من الخيال
وقال الدكتور حربا: إن هدف الإسرائيلي ليس فقط منع حماس من حكم غزة بل تدمير حماس والمقاومة على إطلاقها بكل فصائلها ومسمياتها، وأعتقد أن حكم غزة لم يعد هدفاً بالنسبة لحماس، فالأهم الآن أن يكون اليوم التالي هو يوم فلسطيني على مستوى مخرجات اليوم الأول والتخطيط والإدارة والنتائج والتنفيذ أي إن القضاء على المقاومة الفلسطينية في غزة ضرب من الخيال وليس بمقدور إسرائيل تنفيذه لأن المقاومة أصبحت سلوكاً وثقافة وعقيدة شعبية، واتسعت هذه المقاومة على مستوى امتدادها ولم تعد فقط في غزة ونمت حتى في الضفة أي أصبح الإسرائيلي أمام حالتين من المقاومة في غزة وفي الضفة.
وأوضح الخبير العسكري أنه يمكن لإسرائيل وحتى لأمريكا أن تجمّل وتزيّن أي صفقة وتسوقها على أنها انتصار لإسرائيل، وهذا قد يكون أحد المخارج ولا سيما إذا شملت هذه الصفقة تحرير الأسرى ولكن الأمر البديهي والطبيعي هو وقف العدوان والانسحاب من غزة بشكل كامل بما فيه محور فيلادلفيا، مشيراً إلى أن دور أمريكا يأتي هنا بإعطاء جوائز الترضية لإسرائيل كتعويض الخسائر العسكرية، وإرسال مساعدات اقتصادية وهذا يحصل، وربما تطبيع مع دول عربية، والحماية القانونية من المحاكم الدولية وغيرهاـ
وقال الدكتور حربا: قد لا تكون حماس كتنظيم عسكري مقاوم على غرار ما كان قبل 7 أكتوبر هي من يدير غزة، ولكن الأهم أن يكون من يدير غزة من القوى الوطنية الفلسطينية وليس إسرائيل من يعيّنها أو يعزلها أو يديرها، مشيراً إلى أن صياغة اليوم التالي صعبة المنال بالنسبة لإسرائيل وحتى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية لأنه سيأتي منافياً ومناقضاً لكل تضحيات الشعب الفلسطيني التي بلغت إلى الآن أكثر من 40 ألف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى، وهذا الامر لن يفرط به الفلسطينيون على الإطلاق وهو ما يدفعهم إلى مزيد من التمسك بالثوابت التي أطلقوها في مسألة المفاوضات.
إسرائيل تعتمد على الدعم الأمريكي اللامحدود ضد ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والإنساني
وفند الخبير العسكري كلام نتنياهو عن شرعية احتلال غزة، بقوله: الشرعية لم تكن موجودة وهي باطلة قبل 7 أكتوبر وبعدها، وعندما تتحدث إسرائيل عن الشرعية فإن شر البلية ما يضحك، لأنها لم تلتزم ولا مرة بأي قرار من قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن على الإطلاق، بل مؤخراً دعا مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة إلى إلغاء الأمم المتحدة ونسف مبناها وإلغاء دورها ووظيفتها، وعلى الملأ، لكن الواقع يقول إن إسرائيل تعتمد على شريعة الدعم الأمريكي اللامحدود ضد أحكام وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مشيراً إلى أن هذا ما يغري إسرائيل بالمزيد من الجرائم والمجازر والإبادة والاحتلالات والاعتداءات، ونلاحظ كيف تتعامل الولايات المتحدة الأمريكية بمعيار مزدوج حيث تدعم إسرائيل بلا حدود بلا قيود تحت حجة الدفاع عن نفسها في مواجهه ما تدعيه زوراً أنه إرهاب، وبالوقت نفسه تدعم النازيين الجدد في أوكرانيا وتحاول مصادرة وحق روسيا وترفضه عندما تدافع عن أمنها القومي في مواجهة نازية القرن 21 هؤلاء النازيون الذين يتهددون ليس فقط روسيا وإنما أوروبا والعالم.