لماذا بدأ مدير "سي آي إيه" البحث عن فكرة أفضل من "فكرة حماس"؟

أكد الإعلامي والكاتب السياسي، وسام حبيب، أن التصريحات السياسية وحتى الإعلامية لطالما كانت عبارة عن برنامج عمل قادم لدول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يتفق مع تصريحات جديدة لكل من مديري الاستخبارات البريطانية والأمريكية في قولهما: "إذا أردت القضاء على فكرة فيجب طرح فكرة أفضل منها "في إشارة لـ"حماس".
Sputnik
وقال حبيب في لقاء خاص مع "سبوتنيك": "لكي نعرف لماذا تريد الاستخبارات الأمريكية (CIA) البحث عن (فكرة أفضل من فكرة حماس)، وفق ما أعلن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز! فعلينا أولاً أن نضع التصريحات في السياق، وهذا منهج عمل سياسي! فإن إطلاقها جاء بعد تعثر المفاوضات حول صفقة التبادل، ولذلك فهي تعد آلية جديدة للعمل، وستكون موازية للوصول إلى تسوية ممكنة مع الأطراف وعلى رأسهم "حماس".
وأشار الكاتب السياسي السوري إلى أن هذه التصريحات وفقا لظروفها ومتطلباتها، فإنها توضع في خانة تطور الخطاب أو الدعاية الإسرائيلية "المضادة" للفشل العسكري على الأرض، عبر فكرة ذرائعية جديدة ملخصها أن: "حماس فكرة.. ويصعب القضاء عليها".

إسرائيل فشلت في معرفة مصدر قوه "حماس"

وتابع الكاتب السياسي: "إن إسرائيل بعد شهور من حربها وتدميرها لكل أشكال الحياة في غزة فشلت في معرفة مصدر قوه "حماس"، وهذا بتقديري لأنها ركزت على الجانب المادي، وأغفلت الجانب العقائدي المرتبط بالحاضنة الشعبية، فالحركة إلى حد هذا اليوم قادرة على تجديد أجيال جديدة من المقاتلين، ولديها التفاف شعبي وخاصة أن الفلسطينيين لديهم تجارب مريرة مع إسرائيل، كما أن خياراتهم بهامش الرفاهية بالاختيار "ضيقة"، وما يمكنهم فعله لمستقبلهم هو القتال فقط وهذا ما أثبت فعاليته في كل الحروب التي خاضوها، 2008/2009/2012/2014/"، مشيراً إلى أنه لا يوجد فكرة يقبل بها الفلسطينيون إلا حكومة وفاق وطني تدير نفسها بنفسها والأهم بأن المعركة لم تنته بعد. ما يفعله نتنياهو هو محاولة لترتيب أوراق غزة بعد الحرب ليوزعها على مسرح الأحداث الذي يحاول هدمه ومن ثم تشكيله عبر القصف الهستيري وتدمير كل شيء على السطح.

سيطرة إسرائيل على "فيلادلفيا" يعني اختطاف الأونروا والمنظمات الأممية

وأضاف حبيب في حديثه عن أهداف نتنياهو: إن صحيفة "يديعوت أحرنوت" سرّبت منذ أيام بأن الجيش سيتولى حكم القطاع عسكرياً، وهذا يعني وفق مسار الأحداث بأن نتنياهو سيحاول المماطلة بشكل أكثر من ذي قبل وسيبدي تمسكا أقسى في محور فيلادلفيا الحدودي المحاذي لمصر، فمن خلال السيطرة عليه سيقوم بتصدير لخصومه قبل مستوطنيه أن لديه خطة نجحت في حربه على غزة، ومن خلال السيطرة على فيلادلفيا سيحاول تحقيق أهداف عديدة منها اختطاف دور منظمة الأونروا والمنظمات الأممية العاملة في القطاع قبل الحرب، والتي تقدم خدماتها للفلسطينيين من مساعدات إنسانية وسينوط بهذا الدور لجيشه عبر استلام توزيع الجهود الإنسانية، وبالتالي إنهاء دور وكالة الأونروا بشكل كامل.
وأشار الكاتب السياسي إلى أن إسرائيل وعلى مدار شهور قامت بشيطنة سمعتها (الأونروا) واتهمتها بتمويل ما تسميه "هجمات السابع من أكتوبر" وتلك خطوة خطيرة يحاول نتنياهو تمريرها وهي إجهاض دور المنظمة، أي نسف كل القرارات الأممية المتعلقة بحق العودة، والقدرة على تنفيذ هذه الخطوة يتبعها قطع للمساعدات عن كل اللاجئين الفلسطينيين في دول الجوار الذين يستفيدون من خدماتها، مضيفاً أن من الأهداف أيضاً تحميل حماس مسؤولية تعثر المفاوضات وأنها تعرقل الوصول إلى حل، وذلك يتقاطع مع تصريحات كل من بايدن والمسؤولين الأمريكيين الذين يحملان حماس مسؤولية هذا الفشل.

الحكم العسكري للقطاع لن يكون نزهة

ولفت حبيب إلى أنه من الأهداف البعيدة للتمسك في محور فيلادلفيا والحديث عن حكم عسكري لغزة التمهيد لاحتلال القطاع بشكل كامل ونسف أي جهود لإقامة دولة فلسطينية، موضحاً أنه من المبكر القبول بهذا الطرح لأن حكماً عسكرياً للقطاع ليس بالنزهة، فهذه غزة ليست كالتي تركها الإسرائيلي في 2005 وانسحب منها، كما أن أنفاق غزة لا يعلم بها حتى الآن سوى أهل غزة، فضلا عن الصواريخ التي ما زالت تطلق نحو تل أبيب والمستوطنات المحاذية، مبيناً أن هناك شبه اتفاق في الأوساط الإسرائيلية على أن وجود قوات إسرائيلية في فيلادلفيا سيعرض الجنود للخطر، وفي لغة الأرقام فإن أي حكم عسكري سيكلف إسرائيل سنويا 11 مليار دولار، وفق تقرير صدر عن القناة 12 الإسرائيلية، وستطول أيضا مدة خدمة الجنود من 3 إلى 4 سنوات.
الجيش الإسرائيلي يعرض فيديو للنفق الذي انتشل منه جثث 6 أسرى
وأكد حبيب أن طرح الحكم العسكري لغزة سيضع الولايات المتحدة في تحد جديد أمام الشعوب واختبار آخر لديمقراطيتها التي تآكلت بعدما أظهرت الصور والفيديوهات قمع الشرطة الأمريكية لآلاف الطلاب الذين خرجوا من الجامعات الأمريكية دعما لغزة.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي، عيد الدرويش، أن حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" تتصدر اليوم مع حليفاتها من الفصائل الأخرى، المشهد الإقليمي والدولي، وقد أفضى هذا الصراع إلى عدالة القضية الفلسطينية، ومشروعية مقاومتها، وتؤازرها شرائح مجتمعية كثيرة على نطاق واسع في هذا العالم.

الحرب وضعت القضية الفلسطينية في مسارها الحقيقي

وقال الدرويش: "قد أيقن العالم اليوم -المتجاهل للقضية الفلسطينية والمتعامي عنها- أن هذه المقاومة شرعية وحرب تحرير مقدسة، بين "حماس" والكيان الصهيوني المحتل، هذه الحرب وضعت القضية الفلسطينية في مسارها الحقيقي".
وأضاف الدرويش: "في هذا المشهد الدولي المعقد والمتشابك وفق المصالح والغايات والأهداف، أضحت المقاومة تزداد قوة في متوالية هندسية عصية على الخضوع والخنوع، لهذا الكيان الغاصب، فهي من كسرت شوكة وهيبة الكيان المتغطرس، وهو يستجدي الغرب والقوى المتحالفة معه في الاستمرار بالعدوان وتدمير غزة، والقضاء على المقاومة فيها، لأنها حرب وجود".
وأوضح المحلل السياسي أن "الولايات المتحدة الأمريكية تتعامى عن الحقائق كعادتها، وهي أكثر مراوغة بأساليبها المتعددة عشية الانتخابات الرئاسية القادمة، في عراك بين الجمهوريين والديمقراطيين، وهذا التعامي والاستمرار بالعدوان وتنفيذ المجازر بحق هذا الشعب المحاصر، رغم المناشدات الدولية، وقرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في غزة، والشروع بالتفاوض"، مشيراً إلى أن "نتنياهو" يراوغ بعدم عقد صفقة الأسرى مع المقاومة، وهي تفرض شروطها في وقف إطلاق النار، وسحب قوات الاحتلال، وإدخال المساعدات الإنسانية في هذا القطاع وتبادل الأسرى، وما زالت "حماس" متمسكة بهذه الشروط والتي لا تتوافق مع أهداف نتنياهو العدوانية في تحقيق الحلم الموعود "حدود إسرائيل من الفرات إلى النيل".
ولفت الدرويش إلى أن "المفاوضات في الدوحة كانت لا جدوى منها سوى ذر الرمال في عيون العالم، واستهلاكاً للوقت واستثماره وغطاء لنتنياهو من أجل تحقيق نزر يسير له من أي نصر مزعوم ، يريد تحقيقه أمام المجتمع الاسرائيلي، أملا بأن يصل صديقه ترامب للسلطة في أمريكا، والاستمرار في الحرب وتحقيق صفقة القرن التي نادى بها في فترة رئاسية سابقة، وأن بايدن لا يستطيع الضغط على نتنياهو في تنفيذ قرار وقف إطلاق النار من أجل ألا يخسر أصوات اليهود في الانتخابات القادمة لصالح "هاريس" ممثلة حزب الديمقراطيين".

نتنياهو يحلم بالقضاء على "حماس"

وقال المحلل السياسي: "إن نتنياهو لا يزال يحلم بالقضاء على حماس، وتحقيق النصر أمام ضغوط الداخل الإسرائيلي التي بدأت تتفاقم من خلال الاحتجاجات والانقسام في حكومة الكيان، وآخر هذه الاحتجاجات المظاهرة لأكثر من 400 ألف داخل إسرائيل لمطالبة نتنياهو بعقد صفقة الأسرى مع حماس، رغم محاولاته اليائسة لفك الأسرى لدى المقاومة في غزة"، مشيراً إلى أنه "قتل مؤخراً ستة من جنوده الأسرى بنيران قواته أثناء محاولتهم لفك أسرهم على أحد أبواب أنفاق للمقاومة الفلسطينية في عزة".
وتابع الدرويش: "إن أمريكا وإسرائيل تمضيان في الإبادة الجماعية، وتدمير غزة، ولا تريدان التوقف عن الحرب، سواء وصل ترامب أم هاريس لأن العقيدة الدينية لديهما واحدة، ويلتقيان في المصالح الاقتصادية والإيديولوجية، ويشاطرهما الغرب برمته، إنها نقطة تحول إقليمية ودولية في موازين القوى العالمية لولادة عالم متعدد الأقطاب".
مناقشة