هو الأوسع منذ توليه الحكم.. الرئيس التونسي يغير جميع ولاة المحافظات فأي خلفيات لهذا التعديل؟

أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيد، عن تحوير شامل في سلك الولاة هو الأوسع منذ توليه الحكم، في الوقت الذي بدأ فيه العدّ التنازلي لانتخابات الرئاسة التونسية المقررة في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول.
Sputnik
ويأتي هذا التحوير بعد أيام قليلة من تعديل وزاري شمل 19 وزيرا و3 كتاب دولة، وبعد نحو شهر واحد من إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن تعيين كمال المدوري رئيسا للحكومة خلفا لأحمد الحشاني.
وبينما أثارت هذه التعديلات موجة من الانتقادات في صفوف المعارضة التي اعتبرتها محاولة لتغطية الفشل في تحقيق إنجازات اقتصادية واجتماعية، واستباقا لنتائج الانتخابات الرئاسية، رحبّت أحزاب سياسة أخرى بهذا التغيير الذي اعتبرته خطوة نحو الإصلاح وتحقيق استحقاقات مسار 25 يوليو.

قرار صائب رغم تأخره

وفي وقت سابق أعلنت الرئاسة التونسية عن إجراء تعديلات واسعة في سلك الولاة شملت جميع المحافظات التونسية الأربعة والعشرين، في خطوة اعتبرها البعض متوقعة على ضوء تصريحات الرئيس التونسي الأخيرة التي كرر فيها توجيه انتقادات لاذعة للمسؤولين.
ومنذ تعديل الدستور التونسي في 17 آب/ أغسطس 2022، أضيفت إلى مهام الرئيس التونسي صلاحية تعيين رئيس الحكومة وأعضائها والولاة وكبار المسؤولين في الدولة.
ويرى القيادي بحزب "مسار 25 يوليو" عبد الرزاق الخلولي، في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن قرار رئيس الجمهورية القاضي بإدخال تعديلات واسعة على سلك المحافظين هو قرار صائب، بل وكان متأخرا على اعتبار الحصيلة السلبية لعملهم.
وأشار الخلولي إلى أن حزب "مسار 25 يوليو" طالب بهذا التحوير منذ أكثر من سنة، مضيفا: "لم يحاول هؤلاء الولاة الخوض في الشأن العام وفي معالجة المشاكل الجهوية والتنموية المطروحة، كما أوصدوا أبوابهم أمام المواطنين".
واعتبر المتحدث أن التعيينات السابقة على مستوى المحافظين لم تكن مدروسة ولم تستند إلى معيار الكفاءة والنزاهة والمسؤولية والقدرة على الإنجاز والفعل وتقديم حلول لمشاكل المواطنين.

خطوة لمعالجة الإخفاق على مستوى الجهات

وحول الأثر المتوقع من هذه التعديلات، قال القيادي في حزب "مسار 25 يوليو"، عبد الرزاق الخلولي، إن التغيير على مستوى الولاة هو خطوة مهمة في اتجاه حلحلة المشاكل المطروحة على مستوى الجهات والقرى الداخلية التي كان يتنقل لها رئيس الجمهورية بنفسه لمعاينة حاجيات المواطنين، في ظل الإخفاق على مستوى الإدارات الجهوية والمحلية.
وأضاف: "اليوم وقع معالجة هذا الإخفاق، على اعتبار أن التعيينات الجديدة خضعت لفرز وتدقيق مسبق، فالتشكيلة الجديدة متنوعة على مستوى الاختصاص والكفاءة، وهي التي ستقود مرحلة ما بعد الانتخابات على مستوى الإدارة الجهوية وستكون في الصف الأول للبناء والإنجاز خاصة في المجال الاقتصادي والتنموي الجهوي".
وبيّن الخلوي أن البلاد تجاوزت مرحلة الإصلاح السياسي والتشريعي التي دامت سنتين ونصف بعد أن تم تعديل الدستور التونسي وفتح العديد من ملفات الفساد وتنظيم الانتخابات، وستنتقل في المرحلة القادمة إلى البناء والخوض في المشاكل الحقيقية للشعب وعلى رأسها تحسين معيشة المواطن وقدرته الشرائية وكبح جماح الأسعار وضرب الاحتكار.
بعدما فكر في التنحي... تصريحات مفاجئة حول استمرار البرهان على رأس الدولة
وتابع: "لذلك نعتبر أن التشكيلة الجديدة للولاة ستكون مهيئة للإنجاز وتحقيق الوعود الاقتصادية والاجتماعية بعد الانتخابات الرئاسية القادمة".
وردا على انتقادات المعارضة التي اعتبرت هذه التعيينات استباقا لنتائج الانتخابات، قال الخلولي: "الأصل في الأشياء أن رئيس الجمهورية المترشح لعهدة ثانية يواصل مهامه وممارسة صلاحياته إلى أن يقع تسليم العهدة إلى من أعلن عن فوزه في الانتخابات".
وأوضح الخلولي أن الرئيس الجديد بغض النظر عن هويته لن يستطيع تقديم مشاريعه وبرنامجه إلا بعد 6 أشهر من الانتخابات، مشيرا إلى أن الرئيس لا يمكن أن يتحول إلى رئيس تسيير أعمال في انتظار نتائج الانتخابات.
ولفت الخلولي إلى أن التشكيلة الجديدة للمحافظين لم تتضمن سياسيين أو حتى منتمين لمسار 25 يوليو، بل كفاءات تونسية من أبناء الإدارة.

تعديلات متوقعة

وفي تعليق لـ "سبوتنيك"، قال المحلل السياسي نبيل الرابحي إن التعديلات الأخيرة في سلك المحافظين هي في صلب صلاحيات رئيس الجمهورية، على اعتبار أن الحكومة مسؤولة أمام الرئيس ولا يحق لأي جهة أخرى بما في ذلك مجلس النواب تقديم لائحة لوم ضدها أو إقالة أحد من أعضائها.
ويعتقد الرابحي أن هذه التعديلات كانت متوقعة، مشيرا إلى أن نجاح الحكومة وكبار المسؤولين هو من نجاح رئيس الجمهورية، وفشلها يُعاقب عليه عن طريق صناديق الاقتراع.
ولفت الرابحي إلى أن هذه التعديلات جاءت على ضوء مطالبة الرئيس التونسي رئيس الحكومة كمال المدوري بإجراء تدقيق شامل لحصيلة عمل الوزراء والمحافظين في المرحلة السابقة.
وأضاف: "من الواضح أن رئيس الجمهورية توجّه نحو تشكيل حكومة كفاءات، على اعتبار أن جل الأسماء التي وقع تعيينها سواء على مستوى الحكومة أو المحافظات تنتمي لسلك القضاء أو الإدارة، وهو ما يعكس رغبة واضحة لدى الرئيس للانتقال إلى مرحلة البناء، بعد مرحلة الحرب على مسألة السيادة الوطنية والقرار الوطني".
ويرى الرابحي أن الرئيس قيس سعيد يسعى من خلال هذه التعديلات إلى استرجاع ثقة المواطنين في هياكل الدولة الاقتصادية من خلال التركيز على الأولويات الاقتصادية والاجتماعية والخوض في المسائل الجبائية.
ويؤكد الرابحي أنه لا توجد صلة بين تعديل الحكومات أو تغيير المسؤولين بالاستحقاقات الانتخابية، مشيرا إلى أن الجدل المثار حول هذه المسألة لا طائل منه، على اعتبار أن مصلحة البلاد وأمنها القومي يقتضيان مواصلة تسيير دواليب الدولة حتى بعد ساعة من موعد الاقتراع.
مناقشة