بأي برنامج يقود الرئيس التونسي قيس سعيد حملته الانتخابية؟

تصدّر البيان الانتخابي الأول للرئيس التونسي المنتهية ولايته قيس سعيد، حديث الشارع التونسي والأوساط السياسية، خاصة وأنه الشخصية الأوفر حظا للفوز في هذا السباق الانتخابي، بحسب قراءات لمحللين.
Sputnik
ويصاحب سعيّد في السباق الرئاسي إلى قصر قرطاج كلّ من الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي ذو الخلفية القومية العروبية، والنائب السابق والأمين العام لحركة "عازمون" العياشي زمال الذي يقود حملته الانتخابية من داخل السجن، وهي الأسماء الثلاثة التي تم قبول ترشحها نهائيا من أصل 17 طلبا رسميا.
ومنذ إطلاق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات صافرة انطلاق الحملة الانتخابية يوم السبت الموافق لـ 14 سبتمبر/ أيلول 2024، تكثّف السجال بشأن التوجهات السياسية والاقتصادية التي سينتهجها الرئيس التونسي قيس سعيد في حال فوزه بولاية ثانية.
وأزاح البيان الانتخابي الأخير لقيس سعيّد، والذي تحصلت "سبوتنيك" على نسخة منه، بعضا من الغموض الذي يلف سياسة الرجل الذي تدرّج من مقاعد التعليم الجامعي اختصاص قانون دستوري إلى كرسي قرطاج في انتخابات 2019، ويستعد لخوض غمار الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

سعيد يرفع شعار "التشييد والبناء"

وأكد سعيد، في البيان الانتخابي الخاص به، أنه سيولي المرافق العمومية الأولوية في مخططه الانتخابي، وخصّ بالذكر قطاع الصحة والتعليم والنقل والضمان الاجتماعي، التي قال إنه "تم ضربها على مدى عقود الواحدة تلو الأخرى بهدف الإجهاز الكامل عليها".
وقال سعيّد إنه قد آن الأوان لبناء الاقتصاد الوطني وإعادة بناء المؤسسات العمومية بعد تطهيرها، ووضع تشريعات جديدة تستعيد بواسطتها الدولة دورها الاجتماعي.
ويرفع المرشح الرئاسي شعار "التشييد والبناء" و"تطهير البلاد"، مشيرا إلى أنه لن يتراجع أبدا عن رفع هذا التحدي وإزالة كل العقبات مهما كان حجمها ومهما كان مرتكبوها.
أما النقطة الثانية التي تحدث عنها سعيد فتتعلّق باستحقاق التشغيل، مشددا على أنه سيعمل على تفعيل "الحق في الشغل بمقابل مجز وعادل وتحقيق الاستقرار في العمل والكّف عن الإتجار بالحقوق الطبيعية"، في إشارة إلى عقود المناولة وعقود التشغيل الهش التي يتم العمل بها منذ سنوات في تونس.
ومرة أخرى يؤكد المرشح الرئاسي قيس سعيد أن عملية الإصلاح ستكون بالتعويل على الإمكانيات الذاتية، لا سيما وأّن البلاد تزخر بالخيرات وتعّج بالثروات.
انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية في تونس
ولم يستثنِ البيان الانتخابي للمرشح قيس سعيد، القضية الفلسطينية التي كانت واحدة من أبرز ركائز حملته الانتخابية في رئاسيات 2019، حيث قال سعيد إن "الواجب المقدس يقتضي أن تبقى المواقف ثابتة راسخة في مواجهة قوات الاحتلال الصهيوني والوقوف دون شرط أو قيد إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى يسترد حقه المشروع كاملا في إقامة دولته المستقلة".
ووعد سعيد عائلات الشهداء من القوات المسلحة العسكرية والأمنية والجمركية ممن قضوا من أجل الاستقلال ومن أجل الحرية والشغل والكرامة الوطنية بتوفير الرعاية لهم ولمن بقي منهم على قيد الحياة.
ولم يخل البيان الانتخابي لسعيد من توجيه رسائل سياسية إلى خصومه السياسيين وإلى من اعتبرهم "أبواقا مسعورة مأجورة"، منتقدا اجتماع "من كانوا يتبادلون التهم في نفس المظاهرات"، متهما إياهم بذرف" الدموع الكاذبة" على الحرية والديمقراطية.
وذكر سعيد بالأسباب التي أدت إلى إجراءات 25 يوليو/ تموز 2021، من ضمنها "سلب الثروات واستشراء الفساد وتهريب الأموال والإرهاب والاغتيالات والتسلل إلى كل مفاصل الدولة بهدف تقسيمها، وارتباط العديد من الدوائر الإجرامية في الداخل بمثيلاتها في الخارج".
ووجه سعيّد دعوة إلى الناخبين التونسيين إلى اختيار مرشحهم في الانتخابات الرئاسية بكل حرية "لمواصلة مسيرة النضال والكفاح من أجل التحرير الكامل للوطن، وتحقيق مسيرة البناء والتشييد، تشييد ما اختاره وأراده الشعب"، بحسب قوله.

محاربة الفساد تتصدّر سلم الأولويات

ويشير المتحدث الرسمي باسم حراك 25 يوليو(حراك داعم لقيس سعيد) حسام بن أحمد، في تصريح لـ "سبوتنيك"، إلى أن البرنامج الانتخابي للمرشح الرئاسي قيس سعيد يتضمن 4 إصلاحات أساسية تعكس الإيمان بالمبادئ التي قام عليها مسار 25 يوليو 2021 وتحافظ على الخطوط العريضة للتوجهات التي أعلن عنها في حملته الانتخابية السابقة سنة 2019.
وأضاف: "النقطة الأولى هي القطع مع سياسة اقتصاد الريع والعائلات التي تحكم البلاد من وراء الستار والتي تشارك في العملية الانتخابية بطريقة غير معلنة بالأموال وصفحات التواصل الاجتماعي الممولة خدمة لمصالحها الاقتصادية الضيقة".
أما النقطة الثانية فتتعلق بتثمين دماء الشهداء التي سالت من أجل الوصول إلى دولة الحرية والكرامة ودولة القانون والمؤسسات التي عمد قيس سعيد إلى إرسائها منذ لحظة 25 يوليو التي تولى فيها مقاليد الحكم.
وتابع: "النقطة الثالثة ترتكز على مواصلة الطريق التي سلكها قيس سعيد في مكافحة الفساد وتغوّل البنوك والعائلات الفاسدة".
وتتمثل النقطة الرابعة في برنامج سعيد الانتخابي، بحسب حسام بن أحمد، في تكريس توجه جديد نحو إعادة المصعد الاجتماعي الذي يرتكز على الكفاءة والخبرة وليس على التدخلات والولاءات والانتماءات كما كان معمولا به في السنوات السابقة، وهو توجه بدأت ملامحه تتضح خلال التعيينات الأخيرة على رأس المحافظات والحقائب الوزارية.

اهتمام بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية

وفي تعليق لـ "سبوتنيك"، يؤكد الأمين العام لحزب مسار 25 يوليو محمود بن مبروك أن الأولويات التي تحدّث عنها الرئيس تلخص المبادئ الكبرى للمسار الإصلاحي الذي طالبت به أطياف من الشعب التونسي في الخامس والعشرين من شهر يوليو من سنة 2021.
ويقول ابن مبارك إن برنامج الرئيس يولي اهتماما كبيرا بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي سيكرس نفسه لتحقيقها في صورة فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويرى أن الجوانب الاقتصادية والاجتماعية تحتاج إلى المزيد من الجهد حتى يتبيّن المواطنون أثرها على واقعهم المعيشي، مشيرا إلى أن العمل الحكومي بقيادة قيس سعيد سينكب في المرحلة القادمة على تحقيق "الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي".
وعن بتوجهات سعيّد، الخاصة بالسياسة الخارجية، قال محمود بن مبروك: "سيواصل الرئيس الحالي، في حال فوزه في السباق الانتخابي نحو قرطاج، التوجّه نحو الشرق وتوطيد علاقات تونس بالقوى الدولية الصاعدة من أجل فسح مجال أوسع لنمو الاقتصاد التونسي".
ما الهدف من منع عدد منظمات وجمعيات حقوقية من مراقبة الانتخابات التونسية
وفي حديثه عن الشعار الذي ترفعه الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي قيس سعيد "التشييد والبناء"، يبيّن ابن مبروك أن إصلاحات الرئيس ارتكزت في المرحلة الأولى على تنقية المناخ السياسي والاقتصادي والقضاء على براثن الفساد، وهو ما سمح بتشكل أرضية مناسبة لتشييد وبناء دولة متطورة تضمن تكافؤ الفرص لجميع أبناء الوطن وتفسح المجال لرجال الأعمال الأنقياء للاستثمار بكل شفافية.
ويضيف: "هذا المخطط الانتخابي يسعى إلى بناء تونس الجديدة التي تكون همزة الوصل بين أفريقيا وأوروبا والشرق وتعبر منها مبادلات تجارية إلى العالم".
ويؤكد محمود بن مبروك أن هذه النقاط تعكس الأهداف الكبرى لمسار 25 يوليو الذي يطمح إلى تغيير واقع البلاد خاصة على المستوى المعيشي والخروج من وضعية الدولة المستعمَرة من عدة جهات أوروبية وغيرها نحو دولة مستقلة تتبنى إصلاحات يشارك في صياغتها أبناء الوطن وتكون فيها السلطة نابعة من إرادة الشعب.
وحسب "الروزنامة الانتخابية" التي أعلنت عنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، تنتهي الحملة الانتخابية لرئاسيات تونس 2024 في الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، أي قبل يومين من موعد الاقتراع الذي حدد في السادس من الشهر ذاته.
مناقشة