ويعيش الفلسطينيون النازحون في قطاع غزة في مخيمات مكتظة، وأفادت الأمم المتحدة بأن 9 من كل 10 أشخاص في قطاع غزة نزحوا لمرة واحدة منذ بدء الحرب مقدرة عددهم بنحو 1.9 مليون فلسطيني من سكان القطاع البالغ عددهم قرابة 2.4 مليون نسمة تقريباً.
وتزداد معاناة النازحين من بيوتهم المدمرة في قطاع غزة مع اقتراب حلول فصل الشتاء والمخاوف من أمواج البحر العاتية التي بدأت تضرب خيامهم، فضلاً عن تفاقم انتشار الأمراض والأوبئة في ظل عدم الوصول إلى اتفاق ينهي الحرب المستمرة.
بيت من رمل
ولحماية أنفسهم من أمطار الشتاء، يصنع بعض من النازحين بيوت من أكياس الرمل والطين على شاطئ البحر، بعدما لجؤوا إليه بسبب اكتظاظ جميع المناطق بالنازحين.
النازح في خان يونس جنوب القطاع، معتز برزق، لم يجد خيمة تؤويه وعائلته، فعكف على بناء بيت من أكياس الرمل، لحماية نفسه من خطر الفيضانات بسبب قربه من البحر.
وقال معتز لوكالة "سبوتنيك": "بعد أكثر من 10 أشهر من النزوح من مكان إلى مكان مع عائلتي، لم أجد مكانا أذهب إليه سوى شاطئ البحر، بسبب اكتظاظ النازحين، وبسبب غلاء أسعار الخيام وقلة توفرها وعدم قدرتها على تحمل الظروف هنا، فقررت بناء بيت من أكياس الرمل، فالرمل متواجد وأكياس الطحين الفارغة متوفرة أيضا، ونجحت الفكرة مع استخدام الطين والقش ومادة لحماية الطين من أمطار الشتاء".
في مواجهة الشتاء والحرب... نازح فلسطيني يبني منزلا من أكياس الرمل على شاطئ بحر غزة
© Sputnik . Ajwad Jradat
وأضاف: "كانت أصعب مرحلة هي سقف البيت، فالجميع يظنه قرميدا أو طوب أحمر، لكنه ألواح خشبية وربما هي الأخيرة في قطاع غزة من هذا النوع، لكن الصعوبة الأكبر هي العمل الشاق، كون هذا البناء يحتاج إلى قوة بدنية، والعمل لساعات كثيرة، ومع الوقت والممارسة يبدأ الجسم بتحمل هذا العمل الشاق، والنتيجة كما ترى، بيت على شاطئ البحر في مواجهة الشتاء ومياه البحر وكذلك في مواجهة الحرب".
نداء استغاثة
وكان المكتب الحكومي في قطاع غزة، أطلق نداء استغاثة إنسانيًا عاجلًا لإنقاذ مليوني نازح في القطاع قبل حلول فصل الشتاء واهتراء خيام النازحين، محذرا من كارثة إنسانية حقيقية على النازحين.
وأشار المكتب الإعلامي إلى وجود 543 مركزا للإيواء والنزوح في قطاع غزة، نتيجة التهجير القسري الذي تفرضه قوات الجيش الإسرائيلي ، مؤكدا أنَّ أعداد النازحين لا تزال في تدفق وازدياد يومًا بعد يوم، حيث بلغ عدد النازحين بشكل عام من 1.9 إلى 2 مليون نازح في مختلف محافظات القطاع.
وأوضح المكتب الإعلامي أن 100 ألف خيمة من خيام النازحين من أصل 135 ألفا أصبحت غير صالحة للاستخدام بسبب الاهتراء.
وعلى شاطئ البحر في خان يونس جنوبي قطاع غزة، يحاول النازح أحمد عصفور إصلاح خيمته المهترئة، والتي تعرضت إلى فيضان البحر قبل عدة أيام، ويقول أحمد لـ "سبوتنيك": "لقد بحثنا عن مكان أفضل من هنا لكننا لم نجد بديلا عن شاطئ البحر، ولقد تعرضنا لدخول مياه البحر إلى الخيمة، وقمنا بإخراج جميع الأغراض منها، ومع اقتراب فصل الشتاء ستكون المعاناة أكبر كل يوم، فمن أمطار قليلة تدمرت الخيمة وغرقنا، فماذا سيحدث في فصل الشتاء؟".
وتابع: "فكرة البيت من أكياس الرمل فكرة رائعة، لكنها تحتاج إلى جهد ووقت كبير، وكذلك إلى مبلغ مالي، فكل شيء هنا سعره غال، لكنها تبقى فكرة مجدية في مواجهة الشتاء على شاطئ البحر، والحل الأمثل هو أن تتوقف الحرب المستمرة منذ 11 شهر، فلقد نزحنا 7 مرات لغاية الآن ولا نعرف إلى أين سنذهب أيضا، قرابة سنة تحت الحرب والقتل والتهجير، ونطالب بوضع نهاية لهذه الحالة المأساوية".
ويواجه النازحون أوضاعاً إنسانية غير مسبوقة في ظل عدم وجود منازل تؤويهم، وبقاء مئات الآلاف منهم في الخيام المنتشرة بالمنطقتين الغربية والوسطى من القطاع حتى مواصي مدينة رفح في أقصى الجنوب، حيث يتكدس قرابة مليوني نازح في مخيمات ومراكز إيواء بلغ عددها 543، بينما لا تضم غالبيتها خدمات إنسانية حقيقية تكفي لسد احتياجاتهم، وصولاً إلى النقص في مياه الشرب والطعام وغيرها أساسيات الحياة.
في مواجهة الشتاء والحرب... نازح فلسطيني يبني منزلا من أكياس الرمل على شاطئ بحر غزة
© Sputnik . Ajwad Jradat
ويطالب الآلاف من النازحين في قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة، بالحصول على خيام جديدة بديلة عن خيامهم المدمرة، ويطالب آخرون بشوادر قماشية أو بلاستيكية لتدعيم خيامهم المهترئة التي تمزقت بفعل الأمطاروحرارة الصيف والرياح وتكرار القصف الإسرائيلي الذي دمر المناطق التي يصفها الجيش الإسرائيلي بأنها "إنسانية" أو "آمنة".
كما تدهورت أوضاع النازحين المتواجدين على شاطئ البحر بفعل المد والجزر الذي يطاول الخيام، ومع دخول فصل الخريف تزداد الخشية من تداعيات المنخفضات الجوية، والتي عادة ما تضرب القطاع في نهاية فصل الصيف وقبيل دخول فصل الخريف، ما يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية.
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفي اليوم الـ 350 ارتفع عدد القتلى منذ بداية الحرب على القطاع، إلى 41,272 قتيل غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 95,551 آخرين.
وفي 7 أكتوبر، شنّ مقاتلون من حماس هجوما على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم حماس، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر.