انعكاسات زيارة الوفد الأمريكي لقائد الجيش الليبي على التعاون الأمني والاستقرار الإقليمي

استقبل القائد العام للقوات المسلحة، المشير أركان حرب خليفة أبو القاسم حفتر، وفداً رفيع المستوى من الولايات المتحدة الأمريكية، برئاسة مساعدة وزير الدفاع الأمريكي للشؤون الأمنية الدولية، الدكتورة سيليست والاندر، ونائب قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، الفريق جون برينان، والقائم بأعمال السفارة الأمريكية في ليبيا، السيد جيريمي برنت.
Sputnik
يبدو أن النقاش دار بين الطرفين حول كيفية تعزيز التعاون والتنسيق لدعم القوات المسلحة العربية الليبية في مواجهة التحديات الأمنية مثل مكافحة الإرهاب والتطرف والهجرة غير الشرعية. هذه القضايا تُعد من أبرز التحديات التي تواجه ليبيا والمنطقة بأكملها، إذ إن الإرهاب والتطرف يعمقان الفوضى ويعرقلان الاستقرار، بينما تشكل الهجرة غير الشرعية تحديات إضافية على المستويين الإنساني والاقتصادي.
"وثيقة تخدع الشعب الليبي".. هل غيرت الولايات المتحدة موقفها من حفتر؟
يرى المحلل السياسي حسام الدين العبدلي أن "هذه الزيارة كانت لطرفين في ليبيا، هما حكومة الوحدة الوطنية وقائد الجيش الليبي في شرق ليبيا. ولكن السؤال يقول: ما الذي وضعته الولايات المتحدة الأمريكية خلال العام الجاري؟ نجد أن الولايات المتحدة لم تقدم شيئاً سوى الخطابات الرنانة وإعطاء الملاحظات والانتقادات والإدانة والشجب. لا يوجد أي شيء فعلي أو ضغط من الولايات المتحدة الأمريكية، مما يطرح تساؤلات مفادها: هل أصبحت الولايات المتحدة أضعف من أن تسيطر على المشاكل في العالم؟ لأنها كانت دولة لها نفوذها في السابق، ولكن وضعها الآن أصبح ضعيفاً، وهذا ما يطرح أسباب هذا الضعف، هل يعود ذلك للمشكلة الاقتصادية العالمية أو التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية الذي ربما كان بسبب الضعف العسكري في أفريقيا؟".

غياب الثقة

وتابع العبدلي في تصريح لـ "سبوتنيك": "على الرغم من تواجد نائب القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) في هذه الزيارة، والذي كانت له عدة زيارات سابقة إلى ليبيا، لم تساهم في أي توحيد للمؤسسات العسكرية والرسمية والسياسية في ليبيا، ولا يزال الانقسام مستمراً".
وأوضح أن هذا الأمر يدل على أن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها القدرة على السيطرة على المشكلة في ليبيا وأفريقيا والعالم، أو أنها مستفيدة من الانقسام السياسي والعسكري الموجود في ليبيا الآن.
هل طلبت أمريكا من حفتر الخروج من ليبيا والمثول أمام القضاء
وأضاف: "كانت زيارة وفد الولايات المتحدة الأمريكية إلى ليبيا زيارة مستعجلة للأطراف الليبية، لعدة أسباب، منها أن الصراع الليبي انقسم أكثر من كونه مجرد انقسام عادي، وأصبح انقساماً كبيراً. تحاول الولايات المتحدة الأمريكية أن تقوم بجمع الأطراف الليبية المهمة، وأن تكون لها رؤية لحل المشكلة الليبية".
وقال: "تحركت أمريكا بشكل مستعجل بعد ضغط حلفائها الأوروبيين، لأن إغلاق النفط يؤثر على الاتحاد الأوروبي بشكل خاص، بعيداً عن التأثير على أمريكا. ويبدو أن هناك ضغطاً من الأوروبيين حول هذا الملف، فتوجهوا لأمريكا للبحث عن حل أو اتفاق سياسي ليعود النفط كما كان في السابق، لأن مشكلة إغلاق النفط في ليبيا سببت مشاكل في عدة دول".
وأكد أن:
"الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد حلاً حقيقياً في ليبيا ولم تسعَ لتوحيد الليبيين، وربما قد تدعم هذا الانقسام الحالي دون التأثير على أمريكا وحلفائها، ولكنها لم تسعَ لجعل ليبيا دولة قوية، وهذا سياستها في كل الدول التي تتدخل في شؤونها".
وقال: "تعرف الولايات المتحدة الأمريكية ما الذي تريده من ليبيا، ولكنها من خلال تحركاتها السياسية التي من الواضح أنها لا تصب في صالح الشعب الليبي".
واعتبر أن الولايات المتحدة الأمريكية شريك غير موثوق بالنسبة لليبيين، وهي لا تريد الاستقرار في ليبيا، ولا تريد لليبيا الخروج من النفق المظلم، وهذا ما يجب أن يستوعبه كل من يتواجد على هرم السلطة.

"بُعد دولي"

من جهة أخرى، قال المحلل السياسي جمال شلوف إن الملفت في زيارة الوفد الأمريكي إلى بنغازي ومقابلة قائد الجيش هناك، برئاسة والاندر، مساعدة وزير الدفاع الأمريكي للشؤون الأمن الدولي، ولم تكن برئاسة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط، مما يعطي إشارة بأن البنود التي تمت مناقشتها في هذا الأمر هي أكثر من كونها تتعلق بليبيا أو أفريقيا أو بالشرق الأوسط، ولها بُعد دولي.
واعتبر شلوف في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" أن هذه الزيارة استكمال للجهود التي يقوم بها أفريكوم في توحيد المؤسسة العسكرية للجيش الليبي، والتي كان آخرها اللقاء الذي جمع رؤساء الأركان الليبيين الناظوري والحداد في بوتسوانا.
ليبيا... ماذا وراء لقاء حفتر بقائد قوات أفريكوم؟
وأضاف: "تناولت الزيارة الشأن المتعلق بالترتيبات الأمنية الليبية للحدود الجنوبية، وما يتعلق بالتقارير التي تفيد بمطالبات الجيش الليبي وطلبه لاستخدام قاعدة مامادا في شمال النيجر، وذلك لرصد ومراقبة الحدود الجنوبية الليبية للحد من حركة الجماعات الإرهابية في المنطقة".
وأكد أن هذه الزيارة لم يكن لها بُعد لحل الأزمة في ليبيا من جوانب سياسية، لأنها كانت تتحدث عن الجوانب الأمنية، لأنها تولت العديد من المناصب، منها المجلس الأمني القومي، وهي خبيرة في الشؤون الأمنية، وبالتالي لم تكن الزيارة سياسية.وأوضح أن أمريكا تمر بعام الانتخابات الأمريكية، وفي آخر هذا العام تتفرغ أمريكا للشأن الداخلي والمعركة الانتخابية، ويقل اهتمامها بالشأن الخارجي.
ولا شك أن الفراغ الذي تركه الانسحاب الأمريكي والأوروبي من دول الساحل والصحراء أمر مقلق لأمريكا أكثر من كونه مجرد ملف يمكن أن يُطوى لفترة زمنية معينة.لذلك، هناك اهتمام أمريكي أمني بهذا الشأن، ولعل زيارة نائب رئيس أفريكوم لمصراتة الليبية، التي تحولت بعدها مصراتة إلى قاعدة للتحركات العسكرية في مالي.
وأكد أن كل هذه الأمور جعلت من ليبيا محط اهتمام من الناحية الأمنية للأمريكان، وهذا الأمر كان واضحاً من خلال هذه الزيارات، خاصة مع بدء العملية العسكرية التي أطلقتها القوات المسلحة لتأمين الحدود الجنوبية.
كل هذه الأمور تجعل الجانب الأمريكي لا يفقد اهتمامه من الناحية الأمنية بالملف الليبي وملف الساحل والصحراء، رغم ظروف الانتخابات التي تمر بها الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن هذا الأمر لم يمنعهم من الاهتمام بهذا الملف.وأشار إلى أن ما تبحث عنه الولايات المتحدة في ليبيا هو الشأن الأمني، وأكثر ما يقلقها هو أن وزارة الدفاع المعترف بها التابعة لحكومة الوحدة الوطنية لا وجود لها على الأرض في المناطق الساخنة ودول الساحل والصحراء. وبالتالي، تسعى هذه الوفود من زياراتها إلى ليبيا لتوحيد المؤسسة العسكرية لكي يسهل التعامل الدبلوماسي معها.
مناقشة