هل إلغاء الضريبة على الدولار يعزز قوة الدينار الليبي؟

أعلن مصرف ليبيا، أمس الاثنين، إلغاء الضريبة المفروضة على سعر الصرف الرسمي للنقد الأجنبي، التي كان قد أقرها رئيس مجلس النواب بقرار رسمي سابق.
Sputnik
يأتي هذا القرار بعد صدور حكم قضائي ملزم بإلغائها، إلا أن المحافظ السابق تجاهل تنفيذ الحكم، حيث تعتبر هذه الضريبة من العوامل التي أسهمت في ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار الليبي، وزيادة أسعار السلع الأساسية.
في سياق متصل، اعتمد مجلس النواب في جلسة رسمية، تعيين محافظ ونائب جديدين للمصرف المركزي، وذلك بأغلبية الأعضاء، في خطوة تهدف إلى إنهاء الخلافات والجدل حول ملف المصرف المركزي.

تصريح نيابي

أوضحت عضو مجلس النواب الليبي عائشة الطبلقي، أن جلسة البرلمان، أمس، شهدت حضور 108 نواب، حيث تم مناقشة نتائج الاتفاق بين ممثلي مجلسي النواب والدولة، كما تم التصويت على مقترح تم تقديمه بإشراف ستيفاني خوري، القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا.
وتابعت الطبلقي، في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" أن النقاش تركز على قضايا مهمة منها مصرف ليبيا المركزي، حيث تم التصويت بأغلبية الحضور، وكانت هذه الجلسة خطوة نحو تعزيز التفاهم بين الأطراف الليبية في ظل الظروف السياسية الراهنة.
ليبيا.. الدبيبة يخصص 50 مليون دولار مساعدات إنسانية لأهالي قطاع غزة

استقرار اقتصادي

صرح الأكاديمي والخبير الاقتصادي الليبي محمد درميش، أن السيناريوهات المحتملة في ليبيا بعد إلغاء ضريبة شراء الدولار قد تشمل انخفاض سعر الدولار في السوق الموازي، خاصة في حال فتح منظومة "الفيزا 4000" والاعتمادات، وقد يتراوح سعر الدولار بين 5 و5.50 دينار.
وأضاف، في تصريحه لـ "سبوتنيك"، أنه في حال رفع الضريبة واستمرار انتظام فتح منظومة الفيزا والاعتمادات، فمن المتوقع أن تستقر أسعار السوق الموازي مما يسهم في تعزيز الدينار الليبي مقابل العملات الأخرى.
وأشار درميش إلى أن تعيين محافظ ونائب ومجلس إدارة جديد للبنك المركزي سيسهم بشكل إيجابي في تحسين أداء القطاع المصرفي والسياسة النقدية، مما سينعكس بشكل إيجابي على الوضع المالي للبلاد، حيث يعد البنك المركزي أحد الأدوات الرئيسية لوضع وتنفيذ الميزانية العامة للدولة.

خطوات إيجابية

قال المحلل السياسي حسام الدين العبدلي، إن إلغاء الضريبة على سعر الصرف خطوة إيجابية طال انتظارها من قبل الليبيين، وهي تُحسب لصالح المصرف المركزي الذي قام بتنفيذ قرار المحاكم الليبية بإلغاء هذه الضريبة التي أدت إلى تفاقم الفقر والجوع بين المواطنين، مشيرا إلى أن المحافظ السابق لم ينفذ حكم المحكمة ولم يمتثل للقضاء والقانون الليبي.
وأضاف العبدلي، في تصريح خاص لـ"سبوتنيك" أن إلغاء الضريبة أسهم في تحسين قيمة الدينار الليبي أمام الدولار في السوق الموازي، حيث يحتاج الليبيون إلى العملة الأجنبية لأغراض أساسية مثل العلاج، خاصة في ظل توقف معظم الخدمات المصرفية بعد الإجراءات الأخيرة، وبيّن أن الدينار الليبي بدأ يتعافى تدريجياً أمام الدولار.
برعاية أممية... توقيع اتفاق بين مجلسي النواب والدولة لحل أزمة مصرف ليبيا المركزي
وأشار إلى أن الليبيين ينتظرون استعادة خدمة بطاقات الأغراض الشخصية التي تمكنهم من الحصول على الدولار بالسعر الرسمي من المصرف المركزي، كما شدد على أهمية إجراء إصلاحات اقتصادية جادة تساعد في تعزيز قيمة الدينار الليبي، بغض النظر عن الجهة التي ستشرف على تنفيذ هذه الإصلاحات، سواء كان المحافظ المكلف أو المحافظ الجديد، مضيفا إن الليبيين يأملون ألا تكون هناك سياسات جديدة تزيد من معاناتهم الاقتصادية.
وأشار المحلل السياسي إلى أن الأيام القادمة ستشهد تحسنًا ملحوظًا في قيمة الدينار الليبي مقابل الدولار، معتبرًا هذا الأمر إيجابيًا نتيجة التوافق بين مجلسي النواب والدولة، رغم أنه تحقق بفعل ضغوط خارجية.
وأكد أن الليبيين يتطلعون إلى توافقات تسهم في تحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية في البلاد، متوقعًا أن تسعى الإدارة الجديدة إلى وضع سياسات تظهرها في صورة المنقذ، الذي سيبذل جهودًا كبيرة لإعادة الاقتصاد الليبي إلى سابق عهده.
مصرف ليبيا المركزي: توريدات النقد الأجنبي 22.9 مليار دولار في 2021
وأضاف أن تعيين المحافظ الجديد الذي حظي بتوافق بين المجلسين سوف يساعد في تحقيق استقرار مالي في ليبيا، مشددًا على أهمية أن يتجنب المحافظ الجديد الأخطاء التي ارتكبها سلفه، والذي تسبب في تجويع وإفقار الشعب من أجل إرضاء المجتمع الدولي وقوى خارجية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وصندوق النقد الدولي.
وبيّن أن المطلوب من المحافظ الجديد هو التحلي بالنزاهة والمسؤولية، والعمل على إصلاحات جذرية.
وتابع المحلل أن الاتفاق بين مجلسي النواب والدولة سيعزز سمعة المصرف المركزي، مشيرا إلى ضرورة أن يقترح المحافظ الجديد مجلس إدارة يتمتع بالكفاءة، قبل تقديمهم لمجلس النواب، وأن لا تكون آلية اختيارهم قائمة على المحاصصة، حيث إن الشعب الليبي يتطلع إلى مجلس إدارة قادر على تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد.
كما أشار إلى أن المنافسة على المناصب السيادية بين النخب السياسية الليبية قد تعود بالفائدة على ليبيا، معتبرًا أن الإطاحة بالمحافظ السابق الصديق الكبير كانت لصالح الشعب الليبي، حيث فتحت المجال لتغيير المحافظ وطرح أسماء جديدة بعد سنوات طويلة في منصبه.
واختتم بتأكيد أن هذه التغييرات قد شكلت بداية للإصلاحات داخل المصرف المركزي، وعلى رأسها إلغاء الضريبة على سعر صرف الدولار، داعيًا إلى مزيد من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية لمواجهة الانقسام السياسي الذي تعاني منه البلاد.
مناقشة