خلال اللقاء، تم مناقشة عدد من القضايا المتعلقة بالتسوية الشاملة للأزمة السياسية في ليبيا وسبل تفعيل العملية السياسية. وقدم عقيلة صالح شرحاً مفصلاً عن تطورات الأزمة الليبية، مقترحاً مجموعة من الحلول التي تحتاج إلى دعم ومساندة من المجتمع الدولي لتنفيذها.
مشددا على أهمية تحقيق إرادة الشعب الليبي من خلال تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت، بهدف إنهاء الانقسام السياسي والمؤسساتي في البلاد.
زيارة محورية
صرّح المحلل السياسي محمد امطيريد بأن زيارة رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، إلى الولايات المتحدة جاءت في أعقاب سلسلة زيارات قام بها المبعوث الأمريكي الخاص، ريتشارد نورلاند، إلى شرق ليبيا ولقائه بشخصيات بارزة، على رأسها رئيس مجلس النواب.
وأشار في تصريحه لـ"سبوتنيك" إلى أن هذه الزيارات قد تكون جزءاً من الجهود لتعزيز الشراكات بين الشرق الليبي وواشنطن، حيث سبق زيارة صالح زيارة أخرى لرئيس صندوق الإعمار، القاسم حفتر.
هذا التطور يشير إلى أن الولايات المتحدة بدأت في تغيير سياستها تجاه القوى الفاعلة في ليبيا، وفتحت قنوات جديدة للتعاون مع الجهات التي تسيطر على أكثر من 70 في المائة من الأراضي الليبية، وهي البرلمان الليبي والقيادة العامة للجيش.
وأضاف امطيريد أن هذه التحركات تؤكد صلابة السياسة التي انتهجتها السلطات الحاكمة في الشرق الليبي على مدى السنوات الماضية، وسعيها لتعزيز العلاقات الدولية.
وأوضح أن هذا التوجه يظهر أن الدول الكبرى تبحث عن القوى الفاعلة على الأرض التي تمكنت من خلق بيئة اقتصادية وسياسية متوازنة، مما يعزز فرص بناء علاقات دولية جديدة ويمثل نجاحاً كبيراً للشرق الليبي.
وتوقع أن يكون لهذا التقارب تأثير سياسي، وقد يسهم في تحريك الملفات العالقة، لا سيما في ظل الوضع غير المستقر في ليبيا بسبب فشل حكومة الوحدة الوطنية في الوفاء بالالتزامات الموكلة إليها. كما أشار إلى أن الولايات المتحدة قد تسعى لمناقشة آفاق جديدة للتعاون مع عقيلة صالح، خصوصاً بعد أن بدأت واشنطن في تعزيز علاقاتها مع السلطات في شرق ليبيا، ما قد يفتح فرصاً اقتصادية جديدة.
واعتبر أن زيارة عقيلة صالح تعد خطوة مهمة في إطار تغيير التوازنات السياسية في ليبيا، وأنها قد تسهم في إخراج البلاد من الأزمات التي تمر بها، خصوصاً بعد تراجع الثقة الدولية في السلطات القائمة في طرابلس.
آفاق جديدة
وفي السياق، يرى المحلل السياسي حسام الدين العبدلي أن الولايات المتحدة قد كثفت في الآونة الأخيرة زياراتها إلى السلطات الليبية في شرق البلاد، وكان من أبرز تلك الزيارات، لقاءات جيرمي برنت، القائم بأعمال السفارة الأمريكية في ليبيا، مع بالقاسم حفتر، رئيس صندوق التنمية والإعمار. من المتوقع أن تثمر هذه الاجتماعات عن تعاون وشراكة في مجالي الإعمار والاستثمار.
وأضاف العبدلي في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" أن زيارة عقيلة صالح إلى الولايات المتحدة تأتي في إطار تعزيز هذه اللقاءات الليبية الأمريكية، ومن المرجح أن تتناول الزيارة ملفات مثل الإعمار، الاستثمار، والشراكة الاقتصادية.
وأشار إلى أن صالح سيعقد اجتماعات مع أعضاء من الكونغرس الأمريكي لتقديم رؤية مجلس النواب حول الوضع السياسي في ليبيا، مشددا على أن الأمريكيين يسعون للحصول على تطمينات تتجاوز الشراكة الاقتصادية والاستثمار، فهم يطمحون لحماية مصالحهم في ليبيا.
ورغم ذلك، يرى العبدلي أنه من غير المرجح أن تتجاوز هذه الشراكات الاقتصادية، حيث أن الولايات المتحدة ليست اللاعب الأكثر تأثيراً في الساحة الليبية نظرًا لوجود أطراف دولية أخرى، بالإضافة إلى انشغال واشنطن بصراعات أخرى في الشرق الأوسط.
وأشار العبدلي إلى أن واشنطن حاولت سابقاً تشكيل قوة عسكرية من المجموعات المسلحة في غرب ليبيا بدعم أمريكي وأوروبي، لكنها فشلت بسبب رفض القوات في الغرب الانخراط في صراعات داخلية. ويعتقد أن توجه واشنطن الآن نحو السلطات في الشرق يهدف إلى إيجاد موطئ قدم جديد لها في ليبيا.
وقال إن الولايات المتحدة قد تنجح في إبرام شراكات اقتصادية أو سياسية، لكنها لن تحقق نجاحاً في أي شراكة عسكرية سواء في الشرق أو الغرب، وذلك بسبب فقدان الثقة في واشنطن نتيجة تجارب الليبيين معها في السنوات الماضية.