وافدون لبنانيون وفلسطينيون من دمشق: حروب إسرائيل تتكرر ولكنها اليوم أكثر بطشا

18 عاما مرت على حرب تموز/ يوليو 2006، حين شن الجيش الإسرائيلي عدوانا دمويا على جنوب لبنان، ولا زالت جراح هذه الحرب مفتوحة، إذ لم تسمح الأزمنة القصيرة التي تفصل بين حرب تموز وأيلول، باندمالها.
Sputnik
اليوم تتكرر المأساة وكأنها نسخة لولبية لا تنتهي من حروب سابقة لطالما شنتها إسرائيل على الأراضي اللبنانية والفلسطينية، وشعوبها المتأرجحة في أمنها على غرار أمواج السواحل الشرقية للبحر المتوسط.
في مراكز الإيواء التي أقامتها الحكومة السورية في ضواحي العاصمة دمشق، رصدت "سبوتنيك"، غضبا مزمنا يختلج عواطف الوافدين اللبنانيين والفلسطينيين ممن تجرعوا مرارا مرارة الهروب الطارئ من عمى صواريخ الطائرات الإسرائيلية، لكن مع تبدلات نسبية أكثر إيلاما، فخلال السنين الطويلة التي تفصلنا عن 1982، الذي شهد أول عدوان إسرائيلي على لبنان، أصبح الفارون من عسف العدوان المتجدد آباء وأجدادا وباتوا يحملون أجيالهم الجديدة، التي تعاين مشهد الموت العنيف لأول مرة، على أكتافهم حيثما يذهبون.
وافدون لبنانيون وفلسطينيون بدمشق يروون مأساتهم: حروب إسرائيل تتكرر ولكنها اليوم أكثر بطشا
رغم إعاقته التي تعد وبالا في أوقات الطوارئ، تمكن المواطن اللبناني غسان إسماعيل، من الوصول إلى دمشق هو وعائلته وأولاده وحفيدته، التي لم تكمل 22 يوماً، بعد رحلة طويلة وشاقة قطعها مع عائلته من العاصمة اللبنانية بيروت.

حول رحلته، التي عادة ما تستغرق نحو ساعة من الزمن للتنقل ما بين العاصمتين العربيتين، والتي احتاج وعائلته يوما كاملا لقطعها، قال إسماعيل لـ"سبوتنيك": "بعدما تم القصف الإسرائيلي على المعبر الحدودي، سرت على الكرسي النقال من الحدود اللبنانية إلى الحدود السورية، كانت رحلة شاقة لعدم قدرة أي سيارة من المرور بين البلدين".

وأضاف: "أريد الأمان لأطفالي، فأنا عشت الحروب الماضية لكنهم لم يكونوا قد ولدوا بعد، اليوم هي أصعب بكثير، فالصواريخ التي نزلت على الأبنية تقدر بآلاف الأطنان، لقد رأيت البناء الأسمنتي يتكسر وكأنه قطعة بسكويت".
وافدون لبنانيون وفلسطينيون بدمشق يروون مأساتهم: حروب إسرائيل تتكرر ولكنها اليوم أكثر بطشا
وتابع الرجل الستيني: "لم ترى عيني مثل هذه الحرب، الغارات لم ترحم أحدا، لم تفرق بين مسلم أو مسيحي، أذكر أصوات سقوط القنابل، والخوف الذي شعر به أطفالي، لقد عشت الليالي التي أمضيناها ونحن نحاول الاختباء قبل توجهنا لسوريا، لحظة بلحظة، وبغضب ممزوج بالمرارة، يتذكر الخراب الذي حل بمنزله ومنطقته في جنوب لبنان".
وافدون لبنانيون وفلسطينيون بدمشق يروون مأساتهم: حروب إسرائيل تتكرر ولكنها اليوم أكثر بطشا
وأردف: "أنت مجرم يا نتنياهو، شعبك اعترف بذلك، أنت تقتل الأطفال والأبرياء بحجج كاذبة، فالجرائم التي ارتكبتها في غزة، ترتكبها اليوم في لبنان، قصف المدارس والملاجئ والمنازل والمشافي".

نزوح فلسطيني

مرام، ياسر، أسيل، جلال، جود، أحمد، يعدد الفلسطيني اللبناني عيسى إبراهيم، لـ"سبوتنيك"، أسماء أحفاده، الذين حملهم معه إلى سوريا، خوفاً عليهم من القصف الإسرائيلي على مدينته التي يقطنها صور.
وافدون لبنانيون وفلسطينيون بدمشق يروون مأساتهم: حروب إسرائيل تتكرر ولكنها اليوم أكثر بطشا
وأضاف إبراهيم: "في البداية، رفضت الخروج من منزلي، حاولت البقاء، ولكن أطفالي بدأت تصيبهم نوبات من الهلع عند سماع الصوت المدوي لسقوط الصواريخ، مع اشتداد القصف قررنا التوجه إلى سوريا".

يقارن الرجل ذو السنين الـ65، الذي عاصر عددل من الحروب التي شنتها إسرائيل على دول الجوار، بدءا من حزيران 1967، مؤكدا أن "الحروب الماضية أقل عنفا وتدميرا من هذه الحرب، مستوى التدمير يختلف تماما عن أيام حرب تموز وأيام حرب 1982، الدمار والموت والدماء في كل مكان، كم كان مروعا أن أرى لبنان ممزقًا بهذه الطريقة".

وافدون لبنانيون وفلسطينيون بدمشق يروون مأساتهم: حروب إسرائيل تتكرر ولكنها اليوم أكثر بطشا
يستنهض إبراهيم ذاكرته عن الحروب الأخيرة لإسرائيل على لبنان، بالقول: "بدأ اجتياح إسرائيل عام 1982، بعد حرب صغيرة بدأت قبل ذلك بأربع سنوات، ثم ما لبثت الحرب أن توسعت رقعتها وصولاً لبيروت، كان والداي يقيمان في صور، وكنا نسمع القصف، أذكر كيف بدأ كل الأجانب بالفرار وكيف سارعت الدول لإجلاء رعاياها، ورغم الاجتياح الإسرائيلي للعديد من المناطق ولكن عدنا بعد هدوء المعركة، أما اليوم فالوضع مختلف، التصعيد في المعركة كان بشكل أكبر حتى أن العدو الإسرائيلي بات يقصف المنازل والأحياء الشعبية والمدارس كما قصفوا الحدود مع سوريا لمنع توجه اللبنانين والفلسطينيين إلى سوريا. إسرائيل تحاول أن تطبق نوعا من الحصار القاتل لتسهيل ارتكاب المجازر الجماعية".
مناقشة