المعارضة المتمثلة في أقصى اليمين وأقصى اليسار اتحد نوابها لدعم مقترح إسقاط الحكومة، الذي قدمه ائتلاف يساري، بعد تعهد زعيمة حزب التجمع الوطني، مارين لوبان، بإنجاح التصويت.
جاء هذا الاقتراح على إسقاط الحكومة بعد معارضة شديدة لموازنة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، بعد ثلاثة أشهر فقط من تشكيلها، للمرة الأولى منذ 1962 ما يعمق عدم اليقين السياسي والاقتصادي في بلد أساسي بالاتحاد الأوروبي.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعمل حاليا على تنصيب رئيس وزراء جديد بشكل سريع، في ظل الأزمة الحالية التي تهدد مستقبله السياسي، رغم تأكيده أنه سيكمل باقي مدته حتى عام 2027 رغم دعوات المعارضة المتزايدة لرحيله.
في هذا الموضوع، يقول الرئيس الفخري لجمعية الصحافة الأجنبية في باريس، إلياس مصبونجي، إن الأزمة تعود إلى قرار ماكرون حل البرلمان على أمل السيطرة على المجلس مما ولّد أزمة كبيرة.
وأكد لـ"سبوتنيك" أن إقالة الحكومة يأتي نتيجة للقرارات السابقة، وأن الانتخابات النيابية التي حصلت بعد حل المجلس أفرزت فتات من أحزاب قوية كانت متحدة سابقا مما أدى إلى هذا المشهد وانقلبت الأمور على ماكرون، على حد قوله.
واعتبرت الباحثة السياسية، جيهان جادو، أن سحب الثقة من الحكومة الفرنسية بالاتفاق بين الكتل السياسية في البرلمان يأتي في وقت صعب للغاية على الرئيس الفرنسي والحزب الحاكم.
وذكرت أن فرنسا سوف تعاني من هشاشة سياسية نتيجة قرار البرلمان، مما يضع كل الاحتمالات حول مصير الحكومة القادمة والاتفاق بين الرئيس والمعارضة على شكل الحكومة الجديدة، حتى لا تكون هناك عراقيل تزعزع الحياة السياسية في البلاد.
يقول أستاذ الاقتصاد السياسي، حسان القبي، أن الرئيس ماكرون سيعين رئيس حكومة جديد ومن المتوقع أن يختار وزير الدفاع الحالي سيباستيان ليكورنو.
وأوضح أن ليكورنو يحظى باحترام كبير بين الطبقة السياسية الفرنسية، ولكن تبقى إكراهات الاقتصاد هي التي ستحدد العلاقة مع مجلس النواب الذي يفقد فيه الرئيس الأغلبية، في ظل ما تبحث عنه المعارضة وتطالب بميزانية جديدة تأخذ في عين الاعتبار القدرة الشرائية للمواطن الفرنسي.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، عمار سيغة، إن السجالات السياسية التي تعرفها فرنسا تلقي بظلالها على المشهد الأوروبي برمته.
وأوضح أن دور باريس محوري في أوروبا على المستوى السياسي والاقتصادي، وستكون لهذه الخطوة تداعيات كبيرة وخطيرة على الحكومات الغربية، وهو ما ظهر جليا بعد قرارات حكومة بارنييه التي صبت في مجملها على إجراءات تقشف جعلت الشارع ينتفض قبل النخب السياسية.