بعد حديثه عن الوحدة الوطنية في تونس.. هل يفتح قيس سعيد حوارا وطنيا يشمل الأحزاب السياسية؟

أثار حديث الرئيس التونسي، قيس سعيد، عن "الوحدة الوطنية" العديد من التساؤلات حول مدى استعداده لفتح باب الحوار مع الأحزاب السياسية في تونس، في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية التي تمر بها البلاد.
Sputnik
وفي آخر خطاب له، شدد سعيد على ضرورة الذهاب إلى الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات التي تواجهها البلاد في السنة الجديدة، في خطوة دفعت الكثيرين إلى طرح سؤال كبير: هل يمكن أن تتجسد هذه الدعوة في شكل حوار مفتوح مع الأحزاب السياسية؟
"حراك 25 يوليو" يطالب فرنسا بالاعتذار للتونسيين
وقال سعيّد خلال إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء: "تحديات كثيرة سنرفعها وأهم سدة في مواجهة كل أشكال التحديات في ظل هذه الأوضاع المتسارعة وغير المسبوقة التي يشهدها العالم اليوم، تتمثل في وحدة وطنية صمّاء تتكسّر على جدارها كل المحاولات اليائسة لضرب الاستقرار".
وتباينت تفاعلات الأحزاب السياسية في تونس بشأن هذا الخطاب، بين من يرى تصريحات الرئيس تعكس رغبة حقيقية في حشد الدعم الوطني وكسر جليد الخلافات مع الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية، بينما أبدت أطراف أخرى مخاوفها من إقصاء بعض الأحزاب السياسية وفي مقدمتها حركة النهضة.
حوار يستثني المعارضة
وفي الموضوع، قال الأمين العام لحزب "مسار 25 يوليو"، محمود بن مبروك، في تصريح لـ"سبوتنيك" إن تونس تسير على خطى الجزائر التي أعلن رئيسها مؤخرا انفتاحه على جميع الأطياف السياسية في إشارة إلى فتح باب الحوار الوطني.
وأضاف: "المقصود بالوحدة الوطنية التي أكد عليها رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة هو توحيد جميع القوى الوطنية المساندة لمسار الرئيس".
كما أشار محمود بن مبروك إلى أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد قد تتسبب في عدم الاستقرار السياسي، وهو ما دفع الرئيس للتأكيد على أهمية الوحدة الوطنية.
وتابع: "حلحلة جميع المشاكل والخروج من الأزمات المفتعلة تستوجب الذهاب نحو خيار الرئيس المتمثل في الوحدة الوطنية".
ويذهب الأمين العام لمسار 25 يوليو بالقول إن التصريحات المتداولة حول فتح باب الحوار مع عدد من الأحزاب السياسية ليست بالمعلومة الجديدة، قائلا: "نحن في المسار كنا قد طالبنا بضرورة إرساء حوار وطني يستثني أحزاب المعارضة وذلك من أجل بناء منظومة سياسية جديدة تحمل رؤى توافقية".
"لينتصر الشعب".. مبادرة سياسية في تونس لدعم مسار 25 يوليو
وأوضح ابن مبروك أن الحوار الوطني لا يكون إلا مع أطراف تحمل نفس توجهات المسار وتتبنى مشروع الرئيس قيس سعيد، مضيفا: "هذا الحوار لن يشمل أشخاصا تورطوا في الاغتيالات السياسية التي شهدتها البلاد"، في إشارة منه إلى حركة النهضة.
مطالب بالانفتاح على المجتمع السياسي والمدني
وفي السياق ذاته، أشار القيادي في التيار الشعبي (داعم للرئيس) محسن النابتي إلى أن القيادات في التيار الشعبي تطالب السلطة السياسية بالانفتاح على المجتمع السياسي والمدني قائلا:" الوحدة الوطنية تتطلب تجميع القوى الاجتماعية والسياسية وبناء برنامج واضح لتجاوز التحديات التي تواجهها البلاد".
كما أشار القيادي في الحزب إلى أن تونس ستواجه العديد من التحديات الخارجية في ظل تغير الأوضاع في الشرق الأوسط.
وأوضح النابتي: "في ظل التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية لا يخفى على أحد اليوم أن تونس تحتاج إلى حوار وطني من أجل وضع تصور عام يتم بمقتضاه وضع قرارات مشتركة بين مختلف الأطراف السياسية تبلور ضمن مشروع وطني تلتقي حوله جميع الأطراف باستثناء المتورطين في قضايا الإرهاب".
ويرى محسن النابتي أنه من بين الملفات التي يجب أن تطرح على طاولة النقاش هو مدى استعداد السلطات في تونس لمسألة عودة المجموعات الإرهابية من سوريا.
ويرى النابتي أن من بين النقاط الأخرى التي يستوجب طرحها هو الانفتاح على قوى اقتصادية جديدة تتجاوز شركاء تونس التقليديين، وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي.
الغنوشي يمثل أمام القضاء التونسي: "منذ انقلاب 25 يوليو يتربصون بي ويلفقون التهم الباطلة"
حوار شامل ودون إقصاء
وفي المقابل أفاد القيادي في جبهة الخلاص الوطني (معارضة للرئيس) بلقاسم حسن لـ"سبوتنيك" أنه لا معنى لحوار وطني دون تشريك المعارضة، على حد تعبيره.
وتابع: "الحوار الوطني يكون بين مختلف الأطراف ولا يقتصر على مساندي الرئيس فحسب".
واعتبر حسن أنه لا يوجد طرف سياسي على الساحة الآن له القدرة على تعويض حركة النهضة وجبهة الخلاص الوطني اللذين كان لهما دور فعال على الساحة السياسية وكانا يمثلان جزءا كبيرا من الشعب التونسي، بحسب قوله.
وأضاف أن الحوار الوطني يشترط أن تشارك فيه أطراف ذات وزن كبير كحركة النهضة وجبهة الخلاص الوطني من أجل طرح المشاكل التي تعيشها البلاد وتقديم حلول للخروج من الأزمات الراهنة.
ويواصل بلقاسم حسن حديثه مع "سبوتنيك" فيقول إن حركة النهضة كانت أول من دعت إلى حوار وطني بعد أحداث 25 يوليو 2021 يكون شاملا ولا يقصي أي طرف سياسي.
وتابع: "إن الحوار الوطني الذي كانت قد دعت إليه حركة النهضة يهدف إلى إيجاد حلول للإنقاذ الوطني في سياق المسار الديمقراطي وليسا ضربا لمسار الرئيس قيس سعيد".
زهير المغزاوي: مسار 25 يوليو في تونس متعثر ولا حوار في غياب الرئيس
وفي السياق، يرى المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي، أن المعلومات المتداولة بشأن الحوار الوطني الذي قد يعلن عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد قريبا هو دليل قاطع على أن السلطة السياسية لم تنجح في المسارات التي اتبعتها في الإصلاح منذ سنوات.
وأضاف الجورشي، في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الأوضاع السياسية المتغيرة في البلاد جعلت السلطة السياسية تقتنع بعد حوالي أربع سنوات أن الاستمرار في سياستها السابقة ورفضها الحوار مع أي كان سواء من الأحزاب السياسية أو المجتمع المدني يعتبر خارج العملية السياسية، على حد قوله.
ويرى المحلل السياسي أن الأوضاع السياسية في تونس ليست بالسليمة وتحتاج إلى حوار شامل وعميق بين السلطة والأحزاب المعارضة والتي نجدها إلى اليوم في الشارع للتعبير عن رفضها لسياسات الرئيس.
وسبق للرئيس التونسي قيس سعيد أن رفض مطلع عام 2023 "مبادرة الإنقاذ الوطني" التي تقدم بها الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في تونس) وعدد من المنظمات من بينهم عمادة المحامين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
مناقشة