وبعد عودة الحرب على قطاع غزة، يزداد الوضع تعقيدا بشكل متسارع، بعدما كانت الهدنة قد فتحت أبواب الأمل لنهاية الحرب، ونهاية معاناة المواطنين المستمرة، إذ أدت الحرب على قطاع غزة إلى نزوح جديد، وشح المساعدات الإنسانية التي تصل إلى القطاع، وزيادة معاناة السكان، وبات عليهم المحاولة في كل يوم للحصول على القليل من الغذاء، وسط كارثة إنسانية وصحية مستمرة هناك.
ويحلّ عيد الأضحى هذا العام على سكان قطاع غزة، محملًا بالخوف والجوع والنزوح وفرحة غائبة، فلا أجواء للعيد كما اعتادت غزة قبل الحرب، ولا تكبيرات في المساجد التي هُدمت، ولا ملابس جديدة للأطفال، وبقي المشهد في القطاع مليئا بالخيام والطعام المفقود كما هي الفرحة وأجساد متعبة.
وفي أحد مراكز الإيواء بخان يونس جنوبي قطاع غزة، يبحث الأطفال الصغار عن فرحة غائبة منذ بدء الحرب على قطاع غزة، وتقول الطفلة سما صالح، لوكالة "سبوتنيك": "أنا يتمية الأب وأكبر أخوتي، فقدت والدي في الحرب، وفقدت منزل عائلتي، وقبل الحرب كان كل شيء عندي، ألعابي كانت كثيرة، وكنت أذهب للمدرسة ولباس العيد كان جميلا والطعام والشراب متوفر، وفجأة كل هذا غاب بسبب الحرب، وبدلًا منه نشعر بالخوف والجوع، وفي عيد الأضحى بدلًا من ذبح الأضاحي، نرى موت الأطفال الذين ليس لهم ذنب، لقد تعبنا من الحرب وأتمنى أن تنتهي".
وعلى خلاف الأعياد الثلاثة السابقة، التي مرّت على قطاع غزة في ظل الحرب، يمرّ هذا العيد وسط مجاعة غير مسبوقة جراء إغلاق إسرائيل للمعابر ومنع دخول المساعدات، منذ 2 مارس/ آذار الماضي.
وأما الطفلة سديل سلامة، فتبحث في ما تبقى من أغراض عائلتها، عن لعبة أو أي شيء يدخل الفرحة على نفسها، لكنها لم تجد شيئا، وتقول سديل لـ"سبوتنيك": "أحاول الفرح لأنه عيد، على الأقل نقول لبعضنا كل عام وأنتم بخير، لكن لا يوجد شيء يُفرح بالعيد، وفي عيد الأضحى لا يهمني أكل اللحم أو اللعب، فقط يهمني أن تتوقف الحرب أو حتى نحصل على هدنة، وتدخل المساعدات إلى قطاع غزة، وما يشغل عائلاتنا في الوقت الحالي هو تأمين الخبز".
ومنذ استئناف إسرائيل حربها على قطاع غزة، في مارس/ آذار الماضي، يعيش أغلبية سكان القطاع في ظل مجاعة قاسية نظرا لإغلاق المعابر، وبلا مأوى حقيقيا، ويتنقلون من منطقة إلى أخرى هربا من القتل، في وقت تتوسع فيها الحرب ويهدم ما تبقى من المنازل، ولم تعد الساحات تمتلئ بالأضاحي كما اعتادت غزة في عيد الأضحى، بل امتلأت بالركام والجثامين والجرحى.
وحرمت الحرب أطفال قطاع غزة، من السكن الآمن والصحي والملابس الجديدة والنظيفة، وقتلت فرحتهم بالعيد، إذ باتوا يواجهون ظروفا إنسانية صعبة في خيام مهترئة.
ويحلّ العيد على غزة، في وقت يكافح فيه المواطنون لتأمين الحد الأدنى من الطعام، في ظل غياب المساعدات الإنسانية، واستمرار القصف والدمار، وقرار الجيش الإسرائيلي بتوسيع الحرب في قطاع غزة، لتشمل مناطق إضافية في شمال القطاع وجنوبه.
ويواصل الجيش الإسرائيلي حربه على قطاع غزة، والتي بدأت بعد أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وارتفع عدد القتلى منذ بداية الحرب على القطاع إلى 54,772 قتيلا غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 125,834 آخرين.
وفي 7 أكتوبر 2023، شنّ مقاتلون من "حماس" هجومًا على جنوبي إسرائيل، أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، وردًا على هجوم "حماس"، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، واستعادة الأسرى.