يأتي هذا الحدث الثقافي والفني البارز ليؤكد دور السينما الوثائقية في توثيق لحظات الإنسان وصراعه وأحلامه، وليسلط الضوء على القصص البطولية في زمننا المعاصر.
يهدف الملتقى إلى خلق مساحة للحوار والتبادل الثقافي بين المبدعين، من خلال عروض أفلام مميزة، وورش عمل تفاعلية، وجلسات نقاش تجمع المخرجين والمنتجين والمهتمين بالفن الوثائقي.
كما يشكل فرصة لتكريم رموز سينمائية تركت بصمتها في هذا المجال، وتقديم أعمال جديدة تلامس الوجدان وتعيد تعريف البطولة بمعناها الإنساني العميق.
في هذا السياق، أكدت الناقدة والكاتبة الصحفية ناهد صلاح، المنتجة في قناة روسيا اليوم RT Arabic وإحدى المنظمين لملتقى RT للأفلام الوثائقية.، ناهد صلاح، أن الملتقى يمثل خطوة نوعية في استخدام السينما كوسيلة لإحياء قيم البطولة الإنسانية والوطنية، من خلال تسليط الضوء على قصص الكفاح والتضحية التي تشكل وجدان الشعوب.
وقالت صلاح إن الملتقى، الذي يقام لأول مرة في القاهرة بعد تنظيمه في دول أخرى، يسعى إلى تعزيز التعاون الثقافي بين مصر وروسيا عبر تبادل التجارب السينمائية وفتح آفاق جديدة للتفاعل بين صناع السينما في البلدين.
وأضافت: "نحن نؤمن بأن الثقافة والفن هما لغة مشتركة تتجاوز الحدود السياسية والجغرافية، وتشكل منصة حوار حضاري بين الشعوب".
وحول آلية اختيار الأفلام المشاركة، أوضحت صلاح أن العملية تتم عبر متخصصين في صناعة السينما، لضمان جودة فنية عالية ومضمون يتماشى مع روح الملتقى.
وأشارت إلى أن الأولوية تُمنح للأفلام التي تتناول موضوعات البطولة المعاصرة، مثل الدفاع عن الوطن، مواجهة الأزمات الإنسانية، والإصرار على التغيير الإيجابي، مع تنوع في المدارس السينمائية والثقافات.
وأشارت إلى أن الدورة الحالية شهدت مشاركة مصرية بارزة، من خلال الفيلم الطويل "رفعت عيني للسما" للمخرجين أيمن الأمير وندى رياض، والذي مثل مصر في مهرجان "كان" السينمائي وحصد جائزة "العين الذهبية"، كما يشارك فيلم "الألغام" للمخرج وليد فريد، من إنتاج القناة الوثائقية المصرية.
أما الجانب الروسي، فيشارك بنحو عشرة أفلام تتنوع بين الروائي القصير والتسجيلي، من إنتاج القناة الثقافية الروسية، وتتناول مفاهيم البطولة في السياق المعاصر.
وأشارت صلاح إلى أن الملتقى يركز على ثلاثة عناصر رئيسية: الموضوع الإنساني، المعالجة البصرية المتطورة، والرسالة الفكرية العميقة، مشيرة إلى أن هذه العناصر تشكل جوهر التوجه الفني للملتقى.
وأكدت أستاذ الأدب المقارن والكاتبة والمفكرة الدكتورة عزة هيكل أن الأفلام الوثائقية تعد ضرورة ثقافية في عصر الصورة، لما لها من دور محوري في حفظ الذاكرة وتوثيق التاريخ، خاصة في ظل هيمنة المحتوى السريع والانطباعات الذاتية على وسائل التواصل الاجتماعي وقالت: "لولا هذه الأفلام لضاعت الكثير من الثقافات والمعلومات والتواريخ التي يجب أن يعرفها الجيل الجديد".
وأضافت هيكل أن الفيلم الوثائقي لا يقدم مجرد سرد شخصي، بل يعتمد على مصادر موثقة وشهادات دقيقة، مما يجعله أكثر مصداقية وعمقا في زمن الإعلام الجديد.
وأشارت إلى أن هذا النوع من الأفلام يعيد الاعتبار للإنسان كفاعل أساسي في صناعة الحدث، مؤكدة أن "لا سياسة من دون أبطال، ولا تاريخ من دون شخصيات تصنع النصر أو الهزيمة، النجاح أو الإخفاق".
واختتمت هيكل حديثها بالدعوة إلى تعزيز حضور الأفلام الوثائقية في المشهد السينمائي، سواء من خلال عرضها في دور العرض قبل الأفلام التجارية، أو عبر المنصات الرقمية، بهدف رفع الذوق العام وتعزيز الوعي الثقافي.
وقالت: "نحن بحاجة إلى إعلام يهتم بالإنسان، لا بالحدث فقط، لأن الإنسان هو من يصنع الحدث، ويعيد تشكيل التاريخ".