راديو

من كوخ الصياد إلى قمة المجد: أسطورة لومونوسوف العلمية

في حلقة اليوم من برنامج "الإنسان والثقافة": روسيا تحتفل بالذكرى ال314 لميلاد العالم الروسي البارز ميخائيل فاسيليفيتش لومونوسوف.
Sputnik
احتفلت الأوساط العلمية والأدبية في روسيا بالذكرى ال314 لميلاد العالم الروسي البارز ميخائيل فاسيليفيتش لومونوسف، الذي ولد في 19نوفمبر 1711 في قرية ميشانينسكايا بمحافظة أرخانغيلسك وهي تسمى الآن قرية لومونوسوف.
ميخائيل لومونوسوف، العالِم الذي جمع بين دقة الكيمياء وجمال الشعر، بين عبقرية الفيزياء وأناقة اللغة. الرجل الذي رأى في التعليم سلاحاً للأمة، وفي الثقافة روحاً للشعب.
يقول الباحث في تاريخ الثقافة الروسية الدكتور رمزي الأنصاري، في حديث لبرنامجنا بهذا الصدد:
"ولد ميخائيل لومونوسوف في عائلة فلاحين أحرار(غير أرقاء) لكن ظروف طفولته كانت قاسية وغير اعتيادية، وقد شكلت هذه الظروف شخصيته الاستثنائية وإصراره المذهل على طلب العلم. فقد نشأ في منطقة شمالية نائية على سواحل البحر الأبيض المتجمد، حيث كانت الحياة قاسية والشتاء طويلاً ومظلماً.وكان والده صياد سمك وبحاراً أمياً، وكانت الأسرة تعتمد على الصيد والحرف البسيطة. وعندما بلغ 19 عاماً، قرر أن يتابع شغفه بالعلم. فغادر قريته سيراً على الأقدام حاملاً كتبه القليلة. وسافر مسافة 1200 كيلومتر من قريته إلى موسكو، متحدياً البرد والجوع والمخاطر، ليصل إلى هناك بعد أسابيع. فحرمانه من التعليم أنشأ لديه العزيمة، وجعله يقدر كل فرصة للتعلم، ويرى في المعرفة كنزاً لا يقدر بثمن".
ويشير الأنصاري إلى أن إسهامات ميخائيل لومونوسوف في مجال اللغة والأدب الروسي تميزت بأنها كانت تأسيسية ومنظمة، حيث نقل اللغة الروسية من حالة الارتجال إلى نظام متماسك، وجعلها قادرة على التعبير عن الأفكار العلمية والأدبية المعقدة.ولم يكن لومونوسوف مجرد عالم أدبي، بل كان مهندساً للغة الروسية الحديثة. وبفضله ، أصبحت اللغة الروسية أداة فعالة للفكر والإبداع، مهدت الطريق لظهور عمالقة الأدب الروسي مثل بوشكين ودوستويفسكي وتولستوي لاحقاً.
ولفت الأنصاري إلى أن القصة وراء تأسيس أول جامعة روسية، هي قصة تحالف العبقري مع راعي الفنون (لومونوسوف والكونت إيفان شوفالوف) تحت رعاية إمبراطورة مستنيرة. لم يكن مجرد افتتاح مبنى، بل كان ولادة لمشروع تنويري ضخم حول روسيا إلى قوة علمية وفكرية، وتحقق بفضل رؤية لومونوسوف التي رفضت أن يكون العلم حكراً على طبقة اجتماعية معينة.
وختم الأنصاري إلى أن قصة حياة ميخائيل لومونوسوف الاستثنائية ليست مجرد سيرة تاريخية، بل هي مصدر إلهام متجدد يمكننا استخلاص دروس عميقة منه اليوم، خاصة في عالمنا الذي يتسم بالتحديات والتعقيدات. بأن قوة الإرادة والتغلب على الظروف، سواء الظروف الصعبة (فقر، بيئة منعزلة، معارضة الأسرة) يمكن أن تكون وقوداً للإنجاز، لا عائقاً أمامه.
التفاصيل في الملف الصوتي المرفق...
مناقشة