هذا الثوران المفاجئ لم يقتصر أثره على القرى المجاورة في إقليم عفر، بل امتد ليعطل حركة الطيران في الهند والخليج، ويصل برماده إلى باكستان والصين، السكان المحليون وصفوا اللحظة بأنها أشبه بانفجار قنبلة ضخمة.
قال الخبير البيئي، الدكتور تحسين شعلة، إن النشاط البركاني الأخير في منطقة القرن الأفريقي يُعد حدثا استثنائيا، إذ أعاد إحياء بركان خامد منذ أكثر من 12 ألف عام. وأوضح أن السبب الرئيسي وراء هذا النشاط يعود إلى الزلازل المتكررة والقوية التي شهدتها المنطقة مؤخرا، والتي بلغت شدتها ما بين 5 و7 درجات على مقياس ريختر، ما أدى إلى تحريك الصهارة الكامنة تحت الأرض.
وأضاف د. شعلة أن منطقة الصدع الأفريقي الشرقي، الممتدة عبر إثيوبيا وكينيا والكونغو، تُعد من أكثر المناطق عرضة للنشاط الزلزالي والبركاني، وهو ما يفسر الانفجار المفاجئ الذي صاحب البركان وقد نتج عنه عمود رماد هائل وصل إلى ارتفاع 15 كيلومترا، انعكس سلبا على المناخ والزراعة في الدول المجاورة.
وأشار إلى أن الرماد البركاني انتقل بفعل الرياح نحو اليمن وعُمان والهند وباكستان، مسببا انخفاضا طفيفا في درجات الحرارة نتيجة حجب أشعة الشمس، إضافة إلى احتمالية تشكل أمطار حمضية تؤثر على الأراضي الزراعية. كما لفت إلى أن إثيوبيا، التي تُعد من أكبر منتجي البن، تكبدت خسائر مباشرة بسبب ترسب الرماد على المزارع، فضلا عن تعطل حركة النقل بين المدن.
وأكد د. شعلة أن درجة حرارة الحمم البركانية، التي تجاوزت 1200 درجة مئوية، أدت إلى ذوبان الجبال المجاورة وتغيير الطبيعة الجغرافية للمنطقة. ورغم أن هذه الظاهرة تحمل آثارا سلبية قوية على المدى القصير، فإنها قد تُسهم لاحقا في إثراء التربة بالمعادن وتحسين خصوبتها.
وختم شعلة حديثه بالتأكيد على أن تأثير البركان ليس طويل الأمد، إذ يقتصر على فترة حدوثه وما يليها مباشرة، لكنه يظل حدثا جيولوجياً بارزا يستدعي متابعة دقيقة لما قد يترتب عليه من تبعات بيئية واقتصادية.
وأضاف د. فهيم أن ثوران البركان أدى إلى انبعاث أعمدة ضخمة من الأدخنة والرماد البركاني، ارتفعت إلى أكثر من 14 كيلومترا داخل طبقة الاستراتوسفير، وهي الطبقة التي تتميز بسرعات رياح أفقية عالية. وأكد أن وصول الأدخنة إلى هذا الارتفاع يجعل انتقالها لمسافات بعيدة أمرا سهلا، وهو ما حدث بالفعل، حيث انتقلت شرقا عبر البحر الأحمر والخليج، وصولا إلى عُمان واليمن والهند، حتى بلغت مشارف الصين.
وأشار فهيم إلى أن هذه الظاهرة لا تقتصر آثارها على إثيوبيا وحدها، بل تمتد لتؤثر على دول أخرى عبر آلاف الكيلومترات، خاصة في ما يتعلق بـضعف الرؤية وتعطل حركة الطيران والمطارات. أما التأثيرات البيئية المباشرة على الدول البعيدة فقد خفت حدتها نتيجة تشتت الغبار البركاني مع مرور الوقت، لكن الخطر الأكبر يبقى في تأثيره على الملاحة الجوية وعلى صحة السكان القريبين من مناطق الانبعاث.
وأضاف د. أبركان أن تحرك الصفائح التكتونية يؤدي إلى تشقق القشرة الأرضية وترققها، مما يسمح باندفاع الحمم البركانية من باطن الأرض تحت ضغط هائل. وأكد أن البركان الحالي في حالة نشاط، لكن احتمالية حدوث انفجارات بركانية أخرى في المناطق المجاورة ضعيفة، نظرا لأن الضغوط الجيولوجية قد تفجرت بالفعل ومع ذلك، فإن فوهة البركان ستظل نشطة لأسابيع أو ربما لشهور قبل أن تهدأ.
وأشار د. أبركان إلى أن الحمم البركانية ستتحول إلى صخور بازلتية تحتاج إلى آلاف السنين لتصبح صالحة للزراعة، بينما الغازات والأدخنة المصاحبة للانفجار قد تُلحق أضرارا بصحة السكان والحيوانات والنباتات في المناطق المجاورة. كما أن الغبار البركاني يشكل خطرا على الملاحة الجوية، إذ يمكن أن يؤثر على محركات الطائرات، وهو ما دفع السلطات إلى إصدار إنذارات وتحذيرات عاجلة.
وختم د. أبركان حديثه بالتأكيد على أن مواجهة هذه الكوارث الطبيعية تتطلب قرارات سياسية مدروسة تستند إلى توصيات الخبراء، الذين يدرسون بدقة مكونات الغازات والرماد البركاني لتحديد حجم الأضرار وتقديم الحلول المناسبة.