مصر والسعودية تستعدان لتشغيل خط الربط الكهربائي.. ما أبعاده الإقليمية والاقتصادية؟

تستعد مصر والسعودية للإعلان الرسمي عن بدء تشغيل المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي بينهما مطلع العام 2026، بعدما أعلنت الحكومة في وقت سابق، وصول المشروع لمراحله النهائية.
Sputnik
وفق تصريحات وزير الكهرباء المصري محمود عصمت، فإن المشروع يتم تجهيزه في صورته النهائية لبدء تشغيل المرحلة الأولى في القريب العاجل لتبادل 1500 ميجاوات، على أن يتبعها بشهور قليلة تشغيل المرحلة الثانية لتبادل 3000 ميجاوات.
من ناحيته قال المستشار الاقتصادي السعودي عيد العيد، إن مشروع الربط الكهربائي بين مصر والمملكة العربية السعودية هو مشروع قومي عربي ينفذ بتمويل من صناديق التنمية العربية، وعلى رأسها الصندوق السعودي للتنمية، والصندوق الكويتي، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي، والبنك الإسلامي للتنمية.
وأضاف العيد، في تصريح لـ "سبوتنيك" أن الهدف من المشروع هو تكامل شبكات الكهرباء بين دول المنطقة، وانطلاقا من أن مصر والمملكة أكبر دولتين تولدان الكهرباء على مستوى المنطقة، فإن التكامل بين هاتين المنظومتين سيكون له تأثير إيجابي كبير جدا على البلدين، خاصة في أوقات الذروة.
وأوضح أنه في نهاية أغسطس/ آب الماضي، تم الإعلان عن انتهاء ما يعادل 91 في المئة من المشروع، وبدء التجارب الأولية، مشيرا إلى أن المشروع يبدأ بطاقة 1500 ميغاوات، ومن المتوقع أن تبلغ 3000 ميغاوات، بتكلفة تناهز 1.8 مليار دولار.
كهرباء السعودية تحصل على تمويل للربط الكهربائي السعودي- المصري بأكثر من نصف مليار دولار
وتابع: "المشروع سيسهم بشكل كبير جدا في تعزيز استقرار الكهرباء بين البلدين، خاصة وأن المملكة لديها مشروع ضخم لتعزيز الطاقة الكهربائية، بما في ذلك مشروع الطاقة النووية، وهذا سيجعلها قادرة على تصدير الكهرباء لدول الجوار".
وأشار المستشار الاقتصادي إلى أن الانعكاسات الاقتصادية للمشروع ستكون إيجابية، خاصة لمصر، حيث سيسهم المشروع في تجاوز الاختناقات في بعض الأوقات.
واستطرد: "مصر لديها الآن مشاريع جبارة في القطاع الصناعي وقطاعات أخرى، وهذا يتطلب وجود موارد كهربائية مستدامة، والربط الكهربائي سيسهم بشكل كبير في تعزيز النمو الاقتصادي في مصر".
ويرى أن المشروع يترتب عليه استقرار منظومة الكهرباء في البلدين، مما سيسهم في تعزيز مشروع القدرة الصناعية في مصر، خاصة وأن مصر لديها الآن مشروع كبير جدا يتجه نحو التصنيع وإنشاء مدن صناعية، وهذا يتطلب تدفق الكهرباء بشكل منتظم.
في هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي السعودي محمد بن دليم، إن مشروع الربط الكهربائي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية أحد أهم المشاريع الاستراتيجية في بنية الطاقة الإقليمية، ويتجاوز كونه مشروعا فنيا لتبادل الكهرباء، إلى كونه تحولا نوعيا في هندسة أمن الطاقة والاقتصاد السياسي للطاقة في الشرق الأوسط.
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أنه وفقا للمؤشرات المعلنة، فمن المتوقع أن يبدأ التشغيل التدريجي للمشروع خلال عام 2026، بطاقة تبادلية تصل إلى نحو 3 آلاف ميغاواط، وهو رقم كبير يعكس حجم الرهان الاستراتيجي على هذا الخط، لا سيما أنه يربط شبكتين وطنيتين تختلفان في أنماط الاستهلاك وأوقات الذروة، ما يخلق تكاملا اقتصاديا عالي الكفاءة.
وتابع: "اقتصاديا، سيسهم المشروع فور تشغيله في خفض تكاليف إنتاج الكهرباء، وتعزيز موثوقية الشبكات، وتقليل الحاجة إلى استثمارات ضخمة في محطات احتياطية، كما يفتح الباب أمام سوق إقليمية حقيقية لتجارة الكهرباء، ويمنح البلدين قدرة أكبر على إدارة الفوائض وتحسين كفاءة استغلال الموارد".
وزير الكهرباء المصري: مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية يمكن أن يكون الأكبر بالمنطقة
ويرى أن المشروع يعد ركيزة أساسية لمرحلة ما بعد النفط، إذ يدعم توسع مشاريع الطاقة المتجددة، ويهيئ البنية التحتية اللازمة لاقتصاد الهيدروجين الأخضر، سواء في السعودية أو مصر.
وأشار إلى أن الربط الكهربائي هو الشرط التقني الأول لتحويل الطاقة النظيفة، إلى سلعة قابلة للتصدير عبر القارات.
وقال محمد بن دليم: "سياسيا واستراتيجيا، يعكس هذا المشروع تحول الطاقة من ملف خدمي إلى أداة نفوذ اقتصادي وجيوسياسي، خاصة أن السعودية ومصر لا تبنيان خط كهرباء فحسب، بل تؤسسان لمحور طاقة عابر للحدود يربط آسيا بأفريقيا، ويمتد تأثيره مستقبلا إلى أوروبا عبر الشبكات المتوسطية".
وشدد على أن مشروع الربط الكهربائي السعودي–المصري ليس مشروعا ثنائيا، بل لبنة رئيسية في نظام طاقة إقليمي جديد، يعيد رسم خريطة التدفقات الكهربائية والاستثمارية في المنطقة، ويؤكد أن الشرق الأوسط لم يعد مجرد منتج للطاقة، بل أصبح لاعبا في هندسة أسواقها وتكاملها العالمي.
ويعد مشروع الربط الكهربائي المصري-السعودي أكبر مشروع ربط في الشرق الأوسط، بتكلفة إجمالية تقارب 1.8 مليار دولار، ويمتد على مسافة تزيد عن 1350 كيلومترا، تشمل خطوطا هوائية وكابلات بحرية عبر خليج العقبة بتقنية التيار المباشر العالي الجهد.
مناقشة