القاهرة- سبوتنيك- أيمن سنبل
"موجات من المد والجزر"… هكذا يحلو لبعض المراقبين توصيف مسار العلاقات المصرية والروسية على مر عقود طويلة سارت فيها العلاقات بين عصر ذهبي ملؤه الحيوية والنشاط والدفء، وآخر جليدي شابه الجمود والبرودة، بيد أن دوام الحال من المحال، تلك هي الحكمة الدائمة في عالم العلاقات السياسية والدولية.
ويبرهن الزخم الذي يحيط بزيارة الرئيس فلاديمير بوتين المرتقبة خلال ساعات، على أن دفقة من الدفء والحيوية شرعت في الجريان لتملأ شرايين العلاقات المصرية الروسية التي يعود تاريخها إلى أكثر من سبعين عاما.
ثمة نبضات مصرية روسية وبوارد تؤشر أن هناك تقاربا وثيقا وتعاونا مثمرا يبدو في الأفق خصوصا بعد 30 يونيو/حزيران 2013 وإنهاء حكم "الإخوان" وصعود الرئيس عبدالفتاح السيسي للسلطة.
ولدى رصده لطبيعة العلاقات المصرية الروسية ومستقبلها، يقول السفير المصري السابق في موسكو، عزت سعد، في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إن أهمية مصر بالنسبة للسياسة الخارجية الروسية، تأتي من حقيقة راسخة مفادها أن أحد أهم محاور السياسية الخارجية الروسية هي منطقة الشرق الأوسط التي تقع في القلب منها مصر.
ويضيف السفير سعد قوله إن مصر تمثل محوراً مهماً في السياسة الخارجية لروسيا لأن "كل ملفات المنطقة ابتداء من سورية والعراق وليبيا ومنع الإنتشار النووي وكل الملفات الخاصة بأمن واستقرار المنطقة مصر تلعب فيها دورا مهما وأساسيا".
ويستطرد حديثه قائلا "يجب ألا نغفل واحدا من أهم الأهداف الاستراتيجية الروسية، الذي يتمثل في تعزيز صادرات السلاح لدول العالم المختلفة ومنها مصر، إضافة إلى دعم الحكومة الروسية لشركات النفط والغاز الروسية العاملة في الخارج".
وفي لمحة سريعة عن طبيعة العلاقات المصرية الروسية إبان حكم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، مقارنة بالفترة التي أعقبت ثورة يناير/ كانون الثاني وصعود "الإخوان" وبالفترة التي أعقبت 30 يونيو/حزيران، قال السفير السابق العلاقات المصرية الروسية إبان حكم نظام مبارك كانت "جيدة".
وأردف قائلا "بعد ثورة 25 يناير روسيا اتخذت موقفا متحفظا من ثورات الربيع العربي خوفا من صعود الإسلام السياسي المتمثل في جماعة "الإخوان" المسلمين التي صعدت لقمة السلطة عام 2012"، وهذا يفسر فتور العلاقات المصرية الروسية إبان حكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.
ولفت إلى أنه بعد 30 يونيو/حزيران وإنهاء حكم "الإخوان"، عادت الأمور لطبيعتها، وأصبح جليا أن هناك إرادة سياسية لدى الجانبين لتطوير علاقات عميقة واستراتيجية، وإجراء تنسيق على أعلى مستوى في كثير من الملفات، مؤكدا أن هذا التقارب لن يكون على حساب أحد، في إشارة إلى واشنطن.
وشدد على أن هذا التقارب المصري الروسي سيأتي في إطار توسيع الخيارات بالنسبة للجانب المصري أو الروسي على السواء، كما سيأتي هذا التقارب في إطار سياسة المصالح المشتركة بين البلدين.
وقفات على طريق العلاقات المصرية والروسية
- العلاقات الروسية المصرية ليست وليدة الحالة الراهنة، لكنها ذات جذور ممتدة في عمق التاريخ، ويرجع تاريخها إلى 26 أغسطس/ آب عام 1943 حيث بداية العلاقات الدبلوماسية بين "المملكة المصرية" و"الاتحاد السوفيتي" آنذاك، فيما بلغت هذه العلاقات ذروتها بعد ثورة الجيش المصري في عام 1952 وصعود الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إلى قمة السلطة عام 1954، وقتهاكانت العلاقات المصرية الروسية محورية إلى حد بعيد.
- أبرز المحطات التي شهدت ذروة التعاون المصري الروسي،في 27 سبتمبر 1958 عندما وافق الاتحاد السوفيتي على إقراض مصر 400 مليون روبل لتنفيذ المرحلة الأولى من بناء السد العالي.
- كما بلغت ذروة التعاون العسكري بين البلدين عندما ساهم الروس في إعادة بناء وتسليح الجيش المصري بعد عدوان 1967، إضافة إلى ما حصلت عليه مصر من عتاد عسكري مكنها من خوض حرب 1973.
- رغم التوتر الذي شهدته العلاقات الروسية المصرية في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات وانقطاعها تماما حتى سبتمبر 1981 فإنها بدأت في التحسن التدريجي في عهد الرئيس مبارك، حيث كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت بروسيا الاتحادية كوريثة للاتحاد السوفيتي بعد سقوطه عام 1991.
- كان الطرفان المصري والروسي يميلان إلى مستوى متوازن من التمثيل الدولي دون قرب أو بعد شديد؛ نظراً للعلاقة الوطيدة التي كانت تربط مصر بالولايات المتحدة الأمريكية خصوصا بعد حرب أكتوبر وتقديم المعونة العسكرية لمصر كحليف استراتيجي في الشرق الأوسط.