القاهرة- سبوتنيك — ديمتري كيسيلوف
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حوار خاص مع دميتري كيسيلوف، مدير عام وكالة الأنباء الدولية الروسية "روسيا سيغودنيا"، يتحدث عن رؤيته للأوضاع في سورية وضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة يحافظ على وحدة سورية وسلامة أراضيها… تنشر وكالة "سبوتنيك" الروسية أجزاءً من هذا الحوار.
· سبوتنيك: سيدي الرئيس، دارت كثير من الأحاديث الدبلوماسية حول تمسك الرئيس فلاديمير بوتين باتمام زيارته إلى القاهرة، وهذا يعني أن مصر مازالت مهمة بالنسبة لروسيا، في ضوء كل هذا لماذا تكتسب محادثاتكم مع بوتين هذه الأهمية؟
- الرئيس السيسي: في البداية دعني أرحب بوكالتكم، ومن خلالكم، أوجه التحية إلى الشعب الروسي كله، وأتوجه بالشكر والتقدير للرئيس فلاديمير بوتين، وأريد أن أخبرك أنك لو كنت شاهدت حفاوة الاستقبال من المواطنينالمصريين العاديين أنفسهم للرئيس بوتين، ستعرف من خلالها كيف ينظر الشعب المصري إلى روسيا، وكيف أنه يعلم مكانتها ويحمل لها كل تقدير.
· سبوتنيك: في روسيا كان هناك اهتمام بالغ بما يحدث في العالم العربي، خاصة مصر التي عانت أوضاعاً شديدة الصعوبة على مدار 4 سنوات مرت، واكتسبت من خلالها خبرة كبيرة في تجربة التغيير… كيف يمكن لهذه التجربة أن تفيد بقية البلدان العربية الأخرى؟
· الرئيس السيسي: في 25 يناير 2011 تحرك المصريون لتغيير الواقع الذي كانوا يعيشونه، وهذا كان أمراً هائلاً، كما أنهم نجحوا في إحداث تغيير، لكن أثناء عملية التغيير تحركت قوى أخرى استغلت عملية التغيير للسيطرة على مقاليد ومستقبل المصريين ونجحوا في هذا، لكن المصريين أدركوا هذا وانتابهم خوف على مستقبلهم وهويتهم، فتحركوا مرة أخرى في ثورة 30- 6 واستطاعوا هزيمة هذه القوى ليستعيدوا دولتهم مصر مرة أخرى، واستعادوا هويتها وتمكنوا من ضبط مسار تحركهم للمستقبل ونجحوا في هذا.
ومن خلال تجربتنا، أقول للراغبين في التغيير أن يحترسوا أثناء قيامهم بعملية التغيير لأنها من الممكن أن يفقدوا السيطرة عليها وتخرج من نطاق التغيير إلى الأفضل وتتجه إلى الأسوأ، مما سيؤذي بلادكم أكثر من اللازم، وأنا لا أرغب في تسمية الدول التي تعرضت لهذا، لكن ما نراه من نتائج هو حالة مأساوية نتيجة الانحراف عن مسار التغيير الذي استخدم في تدمير الدول وليس تغييرها للأفضل، وهذا هو من نراه من واقع في الدول التي أرادت التغيير وانحرفت عن المسار الحقيقي له.
· سبوتنيك: مصر دولة مهمة ومحورية في الشرق الأوسط وأفريقيا، اطلعنا على شكل سياستكم الخارجية تجاه المنطقة والعالم؟
- الرئيس السيسي:السياسية الخارجية المصرية في المرحلة الحالية هي سياسة قوية ومعتدله ومتكاملة، وهذا أعلنت عنه منذ أن توليت الحكم ومنذ خطاب تنصيبي كرئيس، وقلت إننا منفتحون على العالم كله في إطار سياسية تتسم بالاعتدال والتوافق وبناء علاقات قوية مع دول العالم كافة، بعيدا عن سياسة الاستقطاب وصنع المحاور… وأعلننا أننا نحترم مصالح الأخرين، وعلى الآخرين أن يحترموا مصالحنا… كما أننا لا نتعرض لمصالح الآخرين، وعلى الآخرينأيضا ألا يتعرضوا لمصالحنا… وهذا هو سر التفاهم والتعايش في العلاقات بين مصر والدول كافة على وجه سواء.
· سبوتنيك: فيما يتعلق بالأزمة السورية يبدو أن هناك تقاربا بين الموقفين الروسي والمصري… كيف ترى مصر الأزمة السورية؟ وكيف تتعامل معها؟
· الرئيس السيسي: ننظر للأزمة السورية في إطار محدد وواضح، وهو أننا لا نرغب في مزيد من المخاطر التي تؤثر على أمن المنطقة واستقرارها بشكل أكبر من الوضع الحالي التي تعانيه المنطقة الآن، ولابد أن نعترف أن هناك عناصر إرهابية ومتطرفة خطيرة وضخمة موجودة حاليا على الأراضي السورية، ونؤكد أنه إذا لم يتم السيطرة على الوضع في سوريا ستنتشر هذه العناصر خارج سوريا، وستمثل عنصر تهديد لكثير من البلدان، ولذلك نحن متمسكون دائما بثوابت معينة وواضحة في معالجة هذا الملف تتسم أولاً، بأهمية معالجتها في إطار معالجة سياسة بعيداً عن الحل العسكري. والأمر الثاني، هو ضرورة وحدة الأراضي السورية وعدم تفتيتها لأن تقسيم سوريا سينعكس بمخاطر شديدة على استقرار وأمن المنطقة لسنوات كثيرة قادمة. الشيء الثالث، هو ضرورة إيجاد مخرج وحل للعناصر الإرهابية المتطرفة الموجودة على الأراضي السورية الآن، وما هو موقف هذه العناصر؟ وكيف سيتم التعامل معها؟.., هذا هو ما نراه بشأن حلول الأزمة السورية.
· سبوتنيك: مشروع قناة السويس الجديدة يشهد تطورات كبيرة، خاصة أن من ساهم فيه هم المصريون فقط بمدخراتهم الشخصية.. ماذا سيحقق هذا المشروع بالنسبة لمصر والعالم؟ ومتى سيتم الانتهاء منه؟
- الرئيس السيسي:مشروع قناة السويس من المشاريع العملاقة الكبيرة التي تم دراستها بشكل جيد، والمصريون فقط بالفعل هم من ساهموا فيه بمدخراتهم، وتم جمع ما يقرب من 8 مليارات جنيه (بما يعادل أكثر من مليار دولار) خلال 7 أيام، وهذا رقم كبير بالنسبة للمصريين، وبمجرد الإعلان عن حاجتنا لأن يشارك المصريون في المشروع سارعوا للمشاركة فيه، وكان مخطط الانتهاء منه خلال 3 إلى 5 سنوات، لكننا اتخذنا قراراً بأن نتحدى أنفسنا وننتهي منه في عام واحد، وسيعمل على ربط التجارة العالمية بين الشمال والجنوب وآسيا وأوروبا لأن توسيع قناة السويس سيسمح أولاً، بمرور السفن العملاقة التي كانت لا تستطيع عبور القناة بشكل سلس خصوصاً أن القوافل التي تعبر القناة حاليا لا تستوعب أكثر من 8 سفن في الرحلة الواحدة… الأمر الثاني، هو أن المشروع سيسمح بتقليل زمن عبور القوافل من 11 إلى 8 ساعات بدون أن تتوقف أو تنتظر، فجميع قوافل الشمال والجنوب ستتحرك بدون توقف، وهذا يعني أن حركة التجارة العالمية، التي ستشهد تطوراً خلال السنوات القادمة، ستجد مجرى وممراً ملاحياً مستعداً لهذا التطور.
الأمر الثالث، هو أنه يتم تخطيط منطقة ضخمة في سيناء لتكون مؤهلة لإقامة مشروعات ترتبط بموقع مصر الجغرافي وقناة السويس… وهنا أرغب في أن أقول إن هناك فرصاً عظيمة للمستثمرين الروس، مثل كل المستثمرين، لإنشاء مناطق لوجيستية ضخمة، في هذه المنطقة، ولأنكم تنتجون الكثير من الحبوب التي يستهلكها العالم، يمكن إنشاء منطقة لوجيستية عملاقة شرق بورسعيد تخدم تجارة الحبوب الروسية للعالم كله.
· سبوتنيك: في أسوان يوجد "السد العالي" الذي يعمل على توليد الكهرباء، وقد شارك فيه الروس، والآن هل سيكون لموسكو تعاون في إنشاء محطات نووية في مصر؟
- الرئيس السيسي: بالفعل هناك دراسات لإنشاء محطة توليد طاقة نووية في منطقة الضبعة على البحر المتوسط، ونتحرك فيه الآن ونشرح للشركات العملاقة شكل المشروع، وندعوهم للمشاركة فيه، بما في ذلك الشركات الروسية والصينية والفرنسية، ونتمنى من أصدقائنا الروس أن يساهموا معنا في بناء هذه المحطة مثلما شاركوا في الكثير من المشاريع التي أقيمت في مصر في الستينيات والخمسينات.
وأود من خلال وكالتكم أن أقول للشعب الروسي إن مصر تنظر لروسيا نظرة تقدير واحترام، لأن روسيا لها دور كبير خلال السنوات الماضية، ونقدر أيضا وقوفكم إلى جانبنا خلال المرحلة الحالية، وأقول للمستثمرين الروس إن لديكم فرصة كبيرة للاستثمار في مصر… لأن مصر موجودة في قلب العالم والشرق الأوسط بين افريقيا واوروبا والخليج.
ونحن منفتحون جداً على كل العالم، ونهيئ مناخا جيدا للاستثمار خلال الفترة القادمة، كما أننا نعمل على إقامة المؤتمر الاقتصادي المقرر في مارس المقبل في شرم الشيخ، وسندعو فيه فيه كل المستثمرين لنطرح عليهم المشاريع التي ممكن أن يعملوا معنا فيها.
كما أننا نعمل على الانتهاء من "قانون الاستثمار الموحد"، الذي سيوفر بيئة أمنة وسهلة للاستثمارات العربية المصرية والعربية والأجنبية كافة.
وأقول للمستثمرين إن فرص الاستثمار ستكون متاحة للجميع، وإن مناخ الاستثمار وإجراءات الحصول على تراخيص العمل والمشروعات التي سيتم طرحها ستكون بعيدة عن البيروقراطية، أو بدون بيروقراطية على الإطلاق، وستكون أيضا بعيدة عن الفساد.. نقول للجميع أهلا بكم في مصر.
وأخيراً اقول للمواطنين والسياح الروس… أهلا بكم في مصر وتأكدوا أن كل المقاصد السياحية الموجودة بها آمنة ومستقرة.