دبلوماسية التحديات:
السياسة الخارجية المصرية تقوم على أساس تعميق العلاقات مع الشركاء وتفعيلها مع القوى الصاعدة على الساحة الدولية، لمواجهة التحديات الكبيرة التي تهدد الأمن والاستقرار ومستقبل الشعوب، في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب التي لن تستثني أحداً.
فالتطورات التي تشهدها مصر، انعكست على السياسة الخارجية المصرية وأطر تحركها، بالإضافة لما كان من تأثير للتغيرات الإقليمية الحادة وما تشهده دول الجوار المباشر لمصر، الأمر الذى دفع هو الآخر إلى شحذ همة الدبلوماسية المصرية دفاعاً عن الأمن القومي المصري وتحقيقاً للاستقرار مما أسهم بشكل فعال في جعل مصر واحة أمان في محيط مضطرب.
وتقود الدبلوماسية المصرية، تحركاً فعالاً إقليمياً ودولياً، للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، والتأكيد على رسالة مصر بضرورة التضامن والتعاون الإقليمي والدولي في مواجهة الإرهاب، وقطع التمويل عن هذه التنظيمات الإرهابية، فضلاً عن التأكيد على العلاقة الوثيقة التي تجمع بين التنظيمات الإرهابية المختلفة في المنطقة التي تعتنق ذات الفكر والأيديولوجية المتطرفة وتتعاون فيما بينها على المستوى العملياتي.
المباحثات المختلفة التي تقودها وزارة الخارجية المصرية، تستهدفصيانة الأمن القومي المصري والحفاظ على استقلالية القرار المصري وتنويع العلاقات الخارجية مع القوى الدولية كافة، بما يتفق واستقلالية القرار المصري، والاحترام الكامل للقانون الدولي والشرعية الدولية مع عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، فضلاً عن التعامل مع دول العالم المختلفة على أساس علاقة المشاركة وليست علاقة التبعية، ومبادئ التعاون مع دول العالم وحل النزاعات بالطرق السلمية.
والتحرك الدبلوماسي بقيادة وزير الخارجية سامح شكري، اعتمد على صياغة سياسة خارجية تستند إلى رؤية استراتيجية واضحة طويلة الأجل تحقق التوازن بين الداخل، واستعادة الدور الريادي افريقيا وعربيا، فضلاً عن تنشيط دورها دولياً، والتعامل مع القضايا العاجلة المرتبطة بالأمن القومي المصري.
من هو سامح شكري؟
ملامح شخصية الوزير الدبلوماسي، سامح شكري، تتوافق مع حجم التحديات التي تواجه مصر ما بعد 30 يونيو، حيث اكتسب خبرة كبيرة في التعامل مع العقبات التي يتعرض لها، فقد التحق بالسلك الدبلوماسي عام 1976، وعمل سفيرا لمصر في لندن، وبوينس أيرس، ورئيسا للبعثة المصرية الدائمة في الأمم المتحدة، ومديرا لشؤون الولايات المتحدة وكندا بوزارة الخارجية المصرية، ومندوب مصر في مقر الأمم المتحدة بجنيف 2005- 2008، ومديرا لمكتب وزير الخارجية احمد أبو الغيط 2004- 2005، وسفير مصر في النمسا والممثل الدائم لمصر لدى المنظمات الدولية في فيينا 1999-2003، وسكرتير الرئيس السابق حسني للمعلومات 1995- 1999.
والولايات المتحدة التي تلتقي جماعة "الإخوان" ورفضت ثورة المصريين على الرئيس المعزول محمد مرسي، سبق أن عبرت من خلال برقية مسربة عام 2011 برقية من بعثتها في ألأمم المتحدة بجنيف، عن قلقها مما وصفته "صلابة السفير المصري سامح شكري ومواقفه الهجومية"، وترى "مظهر شكري المتأنق على أحدث طراز ولباقته، لا يتناسبان مع فظاظته خاصة مع الدبلوماسيين الغربيين، والضيوف الذين يأتون إلى السفارة المصرية بصحبة مسؤولين أميركيين".
وتقول البرقية الصادرة في 2 يوليو/ تموز 2008 "إن التحفظات على شكري تجسدت بوضوح في عمله بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وإن الوفد المصري هو من أكثر الوفود صعوبة في التعامل، حيث يحشد الدعم لمواقف لا تؤيدها الولايات المتحدة".
واليوم يقود الوزير الدبلوماسي الجهود المصرية في محاربة الإرهاب واستعادة الاستقرار في المنطقة خاصة ليبيا، حيث المبادرة المصرية التي حصلت على تأييد دول الجوار الليبي، في اجتماع القاهرة أغسطس/ آب 2014 وتقوم على مبادئ احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا والحفاظ على استقلالها السياسي، ومكافحة الإرهاب بأشكاله كافة وتجفيف منابعه، ودعم دور المؤسسات الشرعية، وتأهيل مؤسسات الدولة بما فيها الجيش والشرطة.
والدبلوماسية المصرية تطرح مبادرة لإقرار استراتيجية عربية موحدة، انطلاقا من أن مكافحة الإرهاب لا تقتصر على البعد الأمني وحده، وذلك بعناصرها الفكرية، والثقافية، والإعلامية، والتعليمية، لمواجهة نمو وانتشار الفكر المتطرف، كذلك تعتبر "دبلوماسية التنمية" أحد ركائز التحرك الدبلوماسي المصري في ظل التحديات الراهنة، حيث تساهم في تهيئة الظروف المناسبة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي، وجذب الاستثمارات.
ويبقى السؤال هل ينجح الدبلوماسي المصري في حشد الدعم الدولي والإقليمي لمصر لمواجهة الإرهاب بتشكيل تحالف دولي يتولى مهام مواجهة "داعش" ليبيا على غرار نظيره الذي يمارس مهامه في الشرق حيث تنظيم داعش في العراق وسوريا؟ وهل تنجح الدبلوماسية المصرية في تطهير المنطقة من بؤر الجماعات المتطرفة؟