اللبنانيون يحيون الذكرى الأربعين للحرب الأهلية

ويعتبر الثالث عشر من نيسان/ابريل العام 1975 التاريخ الرسمي المعتمد لتأريخ بداية الحرب الاهلية في لبنان، حين هاجم مسلحون ينتمون الى "حزب الكتائب" (يمين — مسيحي) حافلة ركاب تقل فلسطينيين في احد شوارع ضاحية عين الرمانة ما ادى الى مقتل العشرات منهم. لكن كثيرين يعتبرون ان البداية الفعلية للأحداث كانت في شباط/ فبراير من العام نفسه، حين قتل القيادي الناصري معروف سعد خلال تظاهرة للصيادين في مدينة صيدا في جنوب لبنان.
الحرب الأهلية اللبنانية هي صراع دموي معقد دامت اكثر من 15 عاما و 7 أشهر (13 نيسان/أبريل 1975 — 13 تشرين الاول/أكتوبر 1990)، وتعود جذوره للصراعات والتنازلات السياسية في فترة الانتداب الفرنسي على لبنان وسوريا، وعاد ليثور بسبب التغير الديمغرافي في لبنان والنزاع الديني الإسلامي — المسيحي، وكذلك التعقيدات المرتبطة بمنطقة الشرق الاوسط خلال تلك الفترة. وانهى اتفاق رعته السعودية في مدينة الطائف الصراع، لكن العمليات العسكرية استمرت الى حين دخول الجيش السوري الى المنطقة الشرقية ذات الغالبية المسيحية والاطاحة بقائد الجيش حينها العماد ميشال عون، الذي عارض الاتفاق الذي توصل اليه النواب اللبنانيون في الطائف.
وأحيت جمعية "فرح العطاء" (مجتمع مدني) مساء امس، احتفالا على درج المتحف الوطني في بيروت تحت عنوان "13 نيسان رجع ألوان لبنان"، بحضور جمعيات من المجتمع المدني ورجال دين طلاب وناشطين وفنانين. وقد ازدان المكان بألوان قوس قزح، عن يسارها خريطة لبنان بألوان زاهية، وعن يمينها لوحة لمجلس النواب كتب عليها 128 ممثلاً اختفت من جهتها الالوان.
وعزف النشيد الوطني ثم وقفة مع ممثلي اللقاء الروحي: الاب الياس صليبا، الشيخ محمد علي الحاج العاملي، الشيخ اياد عطالله، القس نقولا ايوب والشيخ عامر زين الدين.
وقال الشيخ محمد علي الحاج العاملي خلال الاحتفال "هناك فرق كبير بين 13 نيسان 1975 حيث اريد للبنان ان يكون مقسما، والوقفة اليوم مع فرح العطاء ومع الارادات الطيبة حيث نريد لبنان المحبة والتواصل. نريد لبنانيين مسؤولين امام الله والوطن والشعب وامام تاريخنا وأجيالنا القادمة، وأمام فرح العطاء، نقول للساسة والقادة ليتكم تأتون الى هنا لتتعلموا منهم الطهر".
بدوره قال الشيخ اياد عطالله "لقد فشلوا (السياسيين) في توحيد المؤسسات ورسم الخطوط التي يجتمع عليها ابناء المجتمع، وبقي مجتمعنا مشتتا يبحث عن مصالحه خارج لبنان، يستقوون على الداخل بالخارج، هذا الارتباط ساهم في افشال الدولة وبناء المؤسسات وتفكيك المجتمع. علينا ان نعود الى الطائف الذي ظلمنا بعدم تطبيقه".
وأعلن شباب باسم 30 جمعية من المجتمع المدني عن مبادرة تمتد حتى 13 نيسان من العام المقبل، بعنوان "بوحدتنا خلاصنا، نريد ان نغير في كل مجالات المجتمع.
وقدمت فرق موسيقية اغاني من شعر الكاتب اللبناني جبران خليل جبران، ثم انشدت ترانيم دينية مسيحية واسلامية. 
وادى المشاركون صلاة موحدة لجميع ممثلي الطوائف في لبنان.
وفي مدينة طرابلس، في شمال لبنان، نفذ "الحراك المدني" اعتصاماً عند المدخل الجنوبي الغربي للمدينة أضيأت فيه الشموع عن نية السلم والوحدة وإقرار قانون انتخاب ملائم وانتخاب رئيس للجمهورية.
وأصدر المشاركون بيانا أكدوا فيه أن "هذا اللقاء ليس مهرجانا استعراضيا، بل هو دعوة جامعة من أجل السلم والاستقرار، والوحدة والتعلم من أخطاء الماضي. دعوة لاقفال ملف الحرب وتحصين السلم الأهلي. دعوة إلى اعداد كتاب تاريخ موحد، دعوة إلى فتح ملف المفقودين والاعتذار من قبل مرتكبي الجرائم زمن الحرب، دعوة إلى وقف سياسة التحريض المذهبي والطائفي والتعبئة الاعلامية المنفلتة والسياسات الضيقة".
وشهدت مدينة طرابلس، ذات الغالبية السنية، خلال الاعوام الماضية اشتباكات عنيفة بين مسلحين من الطائفة السنية واخرين من الطائفة العلوية على خلفية النزاع المستمر في سوريا.
من جهته، دعا النائب غسان مخيبر الى "وضع مناسبة ذكرى مرور 40 عاما على اندلاع الحروب القاتلة والمدمرة في لبنان تحت عنوان "تنذكر لكي ما تنعاد"، والعمل على توثيق مآسي هذه الحروب ونقلها الى الأجيال التي لم تشهدها بجميع الوسائل المتاحة، لكي يتعظ اللبنانيون جميعهم فلا يكرروا أخطاء الماضي المدمرة، واعتماد تاريخ 13 نيسان من كل سنة يوما وطنيا لضحايا هذه الحروب ولا سيما المفقودين وحل قضية هؤلاء حلا نهائيا، والعمل على الوقاية من أي نزاعات في المستقبل عبر بناء الدولة المدنية الفاعلة الديموقراطية".
اما وزير العدل اشرف ريفي، فكتب عبر موقع تويتر: "13 نيسان ذكرى مشؤومة ويجب ان تكون عبرة لجميع اللبنانيين كي يحافظوا على دولتهم ووطنهم ويرفضوا العنف والموت".
بدوره، طمأن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، في ذكرى اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، إلى أن اللبنانيين أصبح لديهم "مناعة وهي تجعل من الصعب ايجاد وقود لمثل هذه المشاريع"، أي الحرب الأهلية، لكنه نبه إلى أن هناك بعض الوقود "وآن لنا ان ننتبه كي لا نقع مرة أخرى في الحفرة ذاتها".