وقال غصن، في مقابلة مع "سبوتنيك"، "عندما شنت السعودية وحلفاؤها الحرب على اليمن، كانت هناك أجندة من الأهداف المعينة التي رسمتها الرياض لإحداث تغيير جيوسياسي في اليمن، واللحاق بما حدث في هذا البلد من انقلاب في المشهد، والذي يمكن وصفه بالانقلاب الاستراتيجي في هذه البقعة الجغرافية، التي تهدّد الاستراتيجيات الأمريكية في منطقتي الخليج والقرن الأفريقي".
واعتبر غصن أن "فشل العدوان على اليمن كان واضحاً منذ الأيام الاولى، وبالتالي فإن الإقرار بهذا الفشل، من خلال وقف عملية "عاصفة الحزم"، يشي بأن السعوديين والأمريكيين رأوا أن الذهاب إلى عملية برية، ولو محدودة، ينطوي على ثمن عال، ولا يمكنه أن يحقق أي هدف استراتيجي ذا معنى".
وتابع "اذا راقبنا الدبلوماسية الإيرانية، لوجدنا أن عبد اللهيان [مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان] خرج قبل أيام من وقف العملية العسكرية، وأطلق تصريحاً ينبغي التوقف عنده، إذ قال إن "طهران تبذل مساعي، وبأن ثمة أملاً كبيراً في وقف الحرب على اليمن، وأن الجمهورية الإسلامية تملك سياسات تلزم أطراف العدوان بإيقافه".
واعتبر غصن أن تصريح عبد اللهيان "لا يوحي بأن هناك حركة دبلوماسية أفضت إلى تحقيق صفقة، وإنما كان هناك كلاماً قاسياً من قبل المسؤولين الإيرانيين لأطراف العدوان، بأنه في حال لم تتوقف العمليات العسكرية، فإن إيران قد تذهب إلى خطوات تصعيدية أكبر".
وحول شكل هذه الخطوات التصعيدية من جانب إيران، قال غصن "نحن لا نتحدث بالضرورة عن رد إيراني مباشر، فالخطوات التصعيدية التي تحدثت عنها إيران كان يمكن أن تتم عبر الحوثيين أنفسهم، وإذا ما نظرنا إلى خطاب السيد عبد الملك الحوثي [زعيم حركة أنصار الله] قبل يومين، لوجدنا أن عنوانه يتلخص بأن الرد سيكون قريباً، وهو رد لا تستطيع السعودية ولا حلفاؤها تحمّله، لأن الرد الحوثي كان يفترض أن يكون استراتيجياً، ولأن الجيوش العربية، وخصوصاً الخليجية منها، هي جيوش تقليدية كلاسيكية، لا تتحمل حرب العصابات".
ورداً على سؤال بشأن السيناريوهات التي كان يمكن للحوثيين اعتمادها في هذا "الرد الاستراتيجي"، قال غصن "المقصود بذلك هو نموذج الحروب التي خاضتها المقاومة في لبنان ضد إسرائيل، وبالتالي فإن الرد كان يمكن أن يتم عبر قصف أهداف اقتصادية وعسكرية داخل السعودية، بما لا تتحمله المؤسسات النفطية في الولايات المتحدة الأمريكية".
واستطرد قائلاً إن "الولايات المتحدة لا تستطيع تحمل أي ارتفاع لأسعار النفط في العالم، في ظل حصارها لروسيا وإيران، وبالتالي فإن أي عملية استراتيجية يمنية في الداخل السعودي ستعرقل خروج النفط من منطقته الخليجية إلى الأسواق العالمية، ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار في العالم، بما يؤدي إلى ضرب الاستراتيجية الأمريكية بمحاصرة روسيا الاتحادية وإيران اقتصادياً عبر تخفيض أسعار النفط، وإغراق السوق عبر حليفتها السعودية".
وحول سيناريوهات المرحلة المقبلة على الساحة اليمنية، قال غصن إن "الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي صار رئيساً مقيماً في السعودية ولم تعد له أي شرعية شعبية داخلية، والأمور ذاهبة نحو حل عسكري مع التنظيمات الإرهابية، مثل القاعدة، في أبين وشبوة وحضرموت، وبالتالي فإن هناك صناعة مشهد آخر لليمن، ولا تقسيم لهذه الدولة، فالأمور باعتقادي تذهب نحو تناسق أكثر على المستوى الداخلي وباتجاه حركة بنيوية تشارك فيها روسيا في المستقبل القريب، كما سيكون الدور الإيراني بناءً في صناعة هذا المشهد".
وختم غصن حديثه إلى "سبوتنيك"، بالقول "لن يخرج النفط من مضيق باب المندب من دون رضى المحور الممانع للسياسات الأمريكية في العالم، والذي يتمثل حالياً في روسيا وإيران، وبالتالي فإن مستقبل اليمن هو مستقبل المحور الاقتصادي الجديد الذي يتبلور بزعامة روسيا الاتحادية، كما الصين وإيران والهند".
وأضاف أن ما يؤكد ذلك هو انسحاب باكستان من "العدوان على اليمن" تلبية لشروط منظمة شنغهاي، إذ وُعدت باكستان بكرسي في هذه المنظمة الاقتصادية ذات التأثير.