والدستور الذي توافقت عليه كافة أطياف الشعب الروسي، نص بوضوح على حرية العقيدة، وأن الإسلام أحد الديانات الرئيسية في البلاد، وحرية يتمتع بها الملايين من المواطنين، والمقيمين على أداء شعائر الدين الحنيف بسلام وأمان على الأراضي الروسية المترامية الأطراف.
الإسلام جزء لا يتجزأ من الحياة في روسيا، وعنصراً أصيلا في نسيج المجتمع المتعدد القوميات والأعراق والأديان، ومع حرية الفكر والعقيدة، والحركة والعمل، يشارك المسلمون الروس في بناء المجتمع بمنطقة "الفولجا" حيث تضم جمهوريات تتمتع بحكم ذاتي في إطار الاتحاد الروسي، وهي تتارستان، باشكورتستان، وشوفاشيا، أدمورت، موردوف، وفي جنوب غرب روسيا "شمال القوقاز" حيث الشيشان، داغستان، انغوشيتيا ، كراتشاي شاركسيا، قباردينا بلقاريا، اديغيا.
وهذه المناطق مستهدفة من جانب ما يُعرف بـ"السلفية الجهادية العالمية" التي تسعى لاستقطاب الشباب بذريعة "الجهاد"، و قد دفع المجتمع الروسي بكل أطيافه، ثمنا باهظاً في مكافحة الفكر المتطرف والحد من تأثيره على المنطقة والعالم.
إرهاب بلا حدود:
تفرعت شجرة تنظيم "القاعدة" لتصل إلى مناطق مختلفة من العالم، بعد أن استطاع التنظيم نشر أفكاره ورؤيته المتطرفة للإسلام واستقطاب العديد من شباب دول مختلفة بما فيهم دول غربية، وتلك الفروع تتفق في الهدف وآليات تحقيقه، من خلال نشر العنف والقتل والتطرف والإرهاب.
تبدو واضحة الخريطة الحقيقية للجماعات الإرهابية، والتي تُظهر المنطقة العربية مقسمة بين "داعش" في العراق والشام، وتلك التي تنشط في شمال افريقيا إلى المحيط، وتسعى لخلق موطئ قدم في المجتمعات التي تعاني الفقر والجهل والمرض، وتتجاهل العدالة الاجتماعية، وتساهم في تهميش شريحة كبيرة من الشاب، وهذه الجماعات باتت أداة طيعة في تنفيذ مخططات تصب في صالح قوى إقليمية ودولية، ولم تكن يوما مدافعا عن الإسلام.
التجربة الروسية
لطالما حذرت موسكو من تنامي نفوذ العناصر المتطرفة وانتشارها في بقاع مختلفة من العالم، مدركة حقيقة التهديدات التي تمثلها تيارات الإسلام السياسي، فلم يكن إعلان روسيا عن قائمة بالجماعات والتنظيمات الإرهابية، سوى نتيجة طبيعة لانتصار الدولة في مشوارها الطويل ضد الإرهاب، وقطع الطريق أمام السلوك المنحرف للجماعات التي تتستر خلف الإسلام.
أدركت موسكو خطر تيارات الجماعات الإسلامية وحذرت من استغلال الأحداث التي ولدت مع ثورات الربيع العربي، و صعود الفكر المتطرف إلى سدة الحكم في مناطق عربية، كما ان النخبة السياسية ورجال الفكر والثقافة كانوا على يقين أن هناك من يدفع المنطقة إلى فوضى وعدم استقرار، الوصول بها إلى سيناريو افغانستان والعراق.
الفكر الذي تحمله تيارات الإسلام السياسي، يمثل الخطر الواضح على مستقبل الشباب في الجمهوريات الإسلامية، فيما تواصل موسكو العمل على الحد من نشاط هذه الجماعات وانتشار أفكارها، في ظل ذلك الإرث التاريخي للتعاون مع العالم الإسلامي.
الخلاصة:
روسيا كدولة عظمى لها رؤيتها فيما يتعلق بمجمل الأحداث في الشرق الأوسط وتلط التي تحكم علاقاتها الثنائية مع الأطراف الإقليمية المختلفة، ويمكن الانتقال بالعلاقات إلى اتجاه أكثر إيجابية يحقق المصالح المشتركة في مواجهة التهديدات التي يتعرض لها الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
والتجربة الروسية في مكافحة الإرهاب، ومواجهة رؤى وفكر الجماعات المتطرفة للإسلام، تجربة ناجحة والقيادة التي واجهت التحديات، تملك الكثير من الخبرات والقدرات، والكفاءات التي ساهمت في نجاح تجربتها.