بغداد- سبوتنيك- نازك محمد خضير
ويتجرع نحو 50 ألف نازح كأس المعاناة والمهانة، لبقائهم في العراء تحت الشمس الحارقة، قرب بغداد، ترقبا لنصب مخيمات وكرفانات تكفل معاناتهم، بعد منعهم من دخول مناطق العاصمة، ومحافظات الوسط المحاذية للأنبار ذات الغالبية السنية، بسبب تطبيق "نظام الكفيل"، بما يشبه "تأشيرة دخول" (فيزا) يتعين على أي نازح من الأنباريين الحصول عليها لدخول "بغداد".
بوابة الكفيل
تمكنت مئات العوائل النازحة، من أصل 50 ألف مشرد في العراء من قبل "داعش"، من الدخول إلى العاصمة بغداد، بنظام الكفيل الذي أقرته الحكومة شرطاً لانتقال النازحين من أرض عراقية "ساخنة"، إلى أخرى "آمنة".
وقال مسؤول ملف النازحين والمهجرين، عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، هيمن باجلان، في تصريح خاص لوكالة "سبوتنيك" الروسية، الأربعاء، إن 500 عائلة هاربة من الإبادة على يد "داعش" في الأنبار، حظيت بكفالة مرور من "جسر بزيبز" إلى بغداد.
وكشف باجلان، أن النازحين الذين بقوا في العراء خمسة أيام بلا معونات وإغاثة وماء، تقرر أخيرا أن يشيد لهم مخيم في عامرية الفلوجة (حوالي 40 كم) غرب العاصمة بغداد، من كرفانات تُنصب حديثاً.
وحذر باجلان، من موت محتم للنازحين على الجسر، عن ظروف معيشة سيئة جداً لاسيما الأطفال الذين شهدوا، رؤي العين، بشاعة قتل المدنيين من قبل عناصر "داعش" في الرمادي، غرب العراق.
"بزيبز"… جسر الموت
بحر النزوح الممتد من جسر بزيبز، الواصل بين الأنبار، التي يسيطر تنظيم "داعش" على أراضٍ واسعة منها منذ العام الماضي، شيَّع أرواح أربعة أشخاص حتى الآن فوق جسر بزيبز المتصل ببغداد.
ويقول رئيس منظمة غوث الإنسانية، أحمد أغا، في حديث لـ"سبوتنيك"، إن أربعة أشخاص لقوا حتفهم على الأقل على جسر بزيبز بينهم طفل وامرأة، تأثراً بحرارة الشمس.
وألمح أغا، إلى أن الجسر قُطع خصيصاً لاستيعاب النازحين إلى بغداد والمحافظات المجاورة، وفق "نظام الكفيل"، مضيفاً، أن برنامج الأغذية العالمية (WFP) وجدت فرقه قرب النازحين وقدمت لهم الغذاء.
نفور إنساني
ويشير رئيس منظمة "داري" الإنسانية، المعنية بتقديم الإغاثة الطبية، علاء عبد السادة، في تصريح لـ"سبوتنيك"، إلى أن الحصيلة الأولية لأعداد النازحين من الأنبار، الذين وصلوا إلى بغداد والمناطق الامنة، نحو 24 ألف شخصاً منذ مطلع مايو/ أيار الجاري.
ويمنع دخول النازحين، إلى بغداد، وبابل، وكربلاء، عدا الحالات المستعصية جداً، والذين حالفهم القدر بكفيل من داخل المركز والمحافظتين المذكورتين، فيما أعلنت "الداخلية" العراقية، الأربعاء، أن إجراءات الكفيل لا تستغرق سوى 5 دقائق.
وقال عبدالسادة، إن أغلب النازحين من الأنبار، ما زال عالقاً داخل مناطق بعيدة عن المعبر الوحيد للعاصمة، وهو جسر بزيبز، ونسبة الذين وصلوا إلى الجسر واستطاعوا العبور إلى بر الأمان لا يُشكل 20% من الأهالي الفارين إثر بطش "داعش".
ويتوقع عبدالسادة، حدوث "كارثة إنسانية وإبادة للعوائل التي لم تستطع النزوح وعلقت بيد تنظيم "داعش"، وحالهم مشابه لسكان مدينة حديثة التابعة للأنبار أيضاً، المحاصرة منذ سبعة أشهر من قبل التنظيم، حيث وصل سعر "كيس الدقيق" فيها إلى أكثر من 600 دولار أمريكي.
وأرجع علاء عبدالسادة، بساطة ما تُقدم من إغاثة للنازحين الذين فروا من الأنبار، إلى بغداد، إلى تراجع الخدمات والمساعدات من المنظمات المحلية والحملات المدنية بسبب النفور الذي طرأ أخيراً على التعامل مع النازحين بسبب ترك منازلهم دون مقاومة تنظيم "داعش".
وتحشد القوات العراقية، مع "الحشد الشعبي" وأبناء العشائر، لحرب شعواء تنطلق في غضون ساعات، لاقتلاع تنظيم "داعش"، من الأنبار المحافظة التي تشكل وحدها ثلث مساحة العراق، غرباً.