يأتي القرار استجابة لحملة أجرتها صحيفة "الجارديان" البريطانية في العام الماضي، نقلت فيها عن مصادر داخل حديقة الحيوان في لندن قولهم إن إدارة الحديقة يعتريها قلق شديد حيال سلوكيات رعناء يمارسها زوار ومرتادو الحفلات المسائية التي تنظمها وانعكاس ذلك على الحيوانات ومن بينها ما قام به أحد المرتادين برش عبوة البيرة على أحد النمور في الحديقة.
وحفزت التحقيقات الصحفية التي نشرتها صحيفة "الغارديان" البريطانية العام الماضي، مجموعات من البريطانيين على إطلاق حملة لجمع توقيعات على التماس، شارك فيه عشرات الآلاف، يستهدف دعوة إدارة حديقة الحيوانات إلى ضرورة وقف الحفلات المسائية، وإجراء تحقيقات رسمية من قبل مجلس مدينة ويستمينستر.
مملكة الغوريلا
وقررت الحديقة استبدال الحفلات الليلية بزيارات نهاية النهار لبعض أجزائها، لكن "مملكة الغوريلا"، صاحبة الرصيد الأعلى من الإقبال بين الزائرين، لن يسمح بزيارتها من جانب زوار غروب الشمس، حتى لا يتسبب الزائرون في إزعاج الوليد الجديد للغوريللا.
كانت الجارديان لاحظت أثناء تحقيقات أجرتها العام الماضي أن الجمهور المحتشد يتسبب في حدوث ضجة كبيرة داخل مملكة الغوريللا رغم انتشار تنبيهات ولافتات تؤكد على أهمية الحرص على الهدوء حتى لا ينزعج قاطنو المملكة.
وأعلنت الحديقة من جانبها، أن المدير المسؤول عن الحفلات الليلية استقال في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وعلمت الغارديان أنها ربما أقيلت من منصبها. وقد أبدى عدد كبير من المحتجين على حفلات الليل الماجنة سعادتهم بالتغييرات التي اعتبروا أنها جاءت كثمار لحملتهم القوية.
ترويع الحيوانات
ودخلت على خط الأحداث، جماعة "أخلاقيات التعامل مع الحيوانات" (بيتا)، التي اعتبرت أن التغييرات الأخيرة "ليست كافية"، وقالت مديرة الجماعة، إليسا ألين، "هناك واقع تحياه الحيوانات المحتجزة في حدائق الحيوانات، أنها تفتقر لمهرب تستطيع الفرار إليه من الأسر في ظل أوضاع سيئة بما فيه الكفاية، لكن السماح بزائرين خارج ساعات العمل المعتادة والطبيعية، يزعج الحيوانات وجداول نومها المعتادة، وتصيبها بالرعب والهلع والتوتر إلى حد يصل إلى الإضرار البدني".
خلال موسم الصيف، اعتادت حديقة حيوانات لندن في كل جمعة أسبوعيا، فتح أبوابها للحفلات المسائية التي تبدأ اعتبارا من الساعة السادسة مساء، ويسمح للزائرين والمرتادين بتناول الكحوليات والمرح في كل مكان داخل الحديقة، للاستمتاع بتقليد الحيوانات وأصواتها وتمثيل مقاطع كوميدية إضافة إلى أداء بعض الرقصات.
وقد شهدت حديقة الحيوانات في لندن عددا من الحوادث أثناء الحفلات الليلية، أبرزها ما حين تخلى أحد الزائرين عن ملابسه عاقدا العزم على مشاركة البطاريق سباحتهم في البحيرة المخصصة لهم، ما أدى إلى تدخل الحراس لمنعه من المتعة البطريقية، كما قالت تقارير غير مؤكدة أن إمرأة مخمورة حاولت دخول عرين الأسد. كما قامت إحدى الجماعات الزائرة للحديقة في الحفلات المسائية بكسر زجاج غرفة للثعابين ما أدى إلى تسربها وتحركها من موقعها.
سر التبرعات
وأمام تكرار الإزعاجات التي تعرضت لها الحيوانات والحوادث التي تسبب فيها الزوار البشريون، تقدمت عدد من جمعيات حماية الحيوان بشكاوى وطلبات إلى مدير حديقة الحيوانات في العام الماضي، مطالبين بضرورة إغلاق الحفلات الليلية مادامت تهدد حياة الحيوانات وتقض مضاجعهم.
وهو الأمر الذي درجت إدارة الحديقة على نفيه مرارار وتكراراً، مشددة على أن مثل تلك الحفلات المسائية لا ينجم عنها أي إزعاج أو تهديد للحيوانات.
وأجرى مجلس مدينة ويستمينيستر، المانح لترخيص حديقة الحيوان، تحقيقات خلصت إلى تبرئة ساحتها من الاتهامات التي تعرضت لها الحفلات المسائية، مؤكدا أنه لم يتم يعثر على أي دليل على ذلك.
المعروف أن حفلات حديقة حيوان لندن المسائية كانت مصدرا مهما لجمع التبرعات للحديقة من جماعات حماية الحيوانات باعتبارها أقدم حديقة حيوان في العالم، وتمكنت من جمع ما يقرب من 800 ألف جنيه استرليني سنوياً.