بقلم: نزار عليان
ومباشرة رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على تصريحات بان كي مون، بأن "هذا يوم أسود للأمم المتحدة"، وبرر موقفه بأنه كان على الأمين العام أن يشير إلى "الحقيقة" المتمثلة، بحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في أن حركة "حماس" جعلت من أطفال غزة رهائن، حين أطلقت النار من المدارس ورياض الأطفال.
وأراد الأمين العام "حث" إسرائيل على اتخاذ خطوات فورية وملموسة، من بينها مراجعة السياسات والممارسات من أجل حماية الأطفال وتفادي قتلهم وإصابتهم، واحترام الحصانة الخاصة التي تتمتع بها المدراس والمستشفيات.
وزاد نتانياهو من إنتقاده للأمين العام للأمم المتحدة، مذكراً أياه أن إسرائيل لا تنتظر منه أو من هيئته الدولية "المواعظ"، وعليها بدلا من ذلك أن تعنف "حماس"، و أن "هناك حدوداَ للنفاق".
وكأن شيئاً لم يكن، ولم يقتل في "عملية الجرف الصامد"، كما تحب أن تسميها إسرائيل، طفلاً واحداً، أما أؤلئك الذين أحصتهم المؤسسات الصحية وأظهرتهم كاميرات وسائل الإعلام العالمية، فلم يكونوا إلا من "اختراع حماس"، أو على الأرجح استخدموا من طرف "الحركة" دروعاً بشرية.
هكذا بكل بساطة يفسر نتانياهو مقتل 550 طفلاً في حرب غزة صيف عام 2014، ناهيك عن مقتل مئات الرجال والنساء والشيوخ، وتدمير البنية التحية للقطاع وبيوت المواطنيين وورشهم ودكاكينهم، وتدمير مدارس جامعات ومستشفيات ومؤسسات إغاثية، و، و،… والسلسلة طويلة.
يبدو أن السيد نتانياهو أصبح يتصرف كالرجل "المجنون الذي ينطح الحائط برأسة كي يكسره"، فهو لم يسمع عن أطفال قتلوا وهدمت بيوتهم على رؤوسهم ورؤوس ذويهم، و لم تقدم له التقارير من قادة جيشه وأجهزته الأمنية، وفضل أن "يتعامى" حتى لا يرى الحقيقة.
والحقيقة في أن هناك أطفالاً فلسطينين قتلوا، وآخرون أصيبوا بعاهات مستدامة، ناهيك عن الذين أصيبوا بعقد نفسية لهول ما رأوا في تلك الأيام العصيبة على القطاع المظلوم، وهو ما دفع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين (الانروا) حينها لبدء العام الدراسي ببرامج لا منهجية للتخفيف عن الأطفال ومحاولة إبعادهم عن أجواء الحرب الشرسة.
ولن يستطيع هؤلاء الذين تسببوا في قتل الأطفال الغزيين الإفلات من العقاب كما كان في المرات السابقة، لأن الوقت تغير، ولأن هناك مؤسسة دولية إسمها "المحكمة الجنائية الدولية"، ستقدم إليها الملفات، وبالطبع ملف الحرب على غزة، ولا يمكن لها حينها إلا أن تحقق وأن تصل إلى الجاني، أياً كان، لكي يلق عقابه على ما اقترفته يداه من ذنب بحق الأبرياء.
وبرأيي فإن دماء أطفال غزة وأشلائهم المتناثرة، ستظل "لعنة" تلاحق رئيس الوزراء الإسرائيلي و جنرالات جيشه الذي لا يقهر.. و أنه آن الأوان للاعتراف بالذنب، وأن يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي، وعلى أقل تقدير، بالأسف للعائلات التي فقدت أبنائها ظلماً وعدواناً.
(المقالة تعبر عن رأي صاحبها)