إعداد وتقديم نواف إبراهيم
طفت إلى السطح أخيرا قضية الأكراد السوريين والطريقة التي يتعاملون بها مع الأزمة الدائرة في الوطن السوري منذ أربع سنوات، وعملت الكثير من وسائل الإعلام على تشويه سمعة الكرد السوريين وإظهارهم بصورة الكيان، الذي يبحث في طيات الأزمة عن مخرج أو فرصة لإعلان الدولة الكردية أو على الأقل الحصول على حكم ذاتي على غرار الحكم الذاتي الذي حصل عليه كردستان العراق، وتجربة الإدارة الذاتية في الحقيقة هي تجربة جديدة على الدولة السورية، والمسألة الكردية أصلا مشكلة موجودة في سورية منذ زمن بعيد. ووقعت العديد من الإشكالات بين الكرد والعرب وصلت إلى أن تدخلت الدولة لفض هذه المشاكل. وكانت الحكومة السورية قبل الأزمة قد عملت على تجنيس عدد كبير من الأكراد السوريين غير المجنسين لاحتواء الأزمة، التي اندلعت بفعل بعض العوامل والأيدي الخارجية التي أرادت العبث بالأمن والاستقرار في الداخل السوري، وتقطيع أوصال نسيجه الوطني الذي يتعايش فيه عدد كبير من أبناء القوميات المختلفة التي عاشت على الأرض السورية منذ ألاف أو مئات السنين كالآشوريين والكرد والأرمن والعرب الأقحاح وغيرهم من القوميات الأخرى التي ذابت مع الزمن في الروح السورية.
الأزمة الحقيقية التي تعاني منها سورية خاصة في منطقة الجزيرة السورية هي وجود عوامل خارجية وحتى داخلية، تديرها بعض الجهات التي لها مصلحة في عودة تنظيم "داعش" إلى الأراضي التي طردتها منها قوات الحماية الشعبية، وخاصة تركيا التي خسرت الرهان على "داعش" في إحداث شلل في خاصرة سورية الشمالية على الحدود معها، بالرغم من أن تركيا لا تريد بأي شكل من الأشكال قيام دولة كردية في المنطقة فيما بينها وبين سورية، خوفا من انهيار الدولة التركية الهشة أصلا والتي تدير حربا طويلة مع الأكراد منذ سنوات طويلة.
هنا يمكن الحديث مطولا عن تاريخ تأزم الأوضاع بشأن القضية الكردية ومستقبلها أو حتى ماضيها ونشأتها. لكن بخصوص سورية، وفي ظل مجريات الأحداث واللغط الإعلامي الدائر حولها وتسعير هذا الملف من قبله،ا تطرح نفسها العديد من التساؤلات وأولها مدى التنسيق بين قوات الحماية الشعبية والجيش العربي السوري لمواجهة ما يسمى بالدولة الإسلامية؟ والموقف التركي من كل ما يجري والتخوف الكبير لدى أردوغان بعد أن خسر في الانتخابات الأخيرة أمام الكرد أنفسهم، وسيطر على تشكيل حكومة ائتلافية يدخل الكرد فيها بقوة ؟ والسؤال الأهم هنا إذا ما كان في أجندة أكراد سورية فعلا المطالبة بالإدارة الذاتية بعد أن أكدوا أنهم لا يريدون المطالبة بالاستقلال أو بقيام دولة كردية لأسباب كثيرة، سنسمعها خلال حوارنا مع ضيف حلقة اليوم، السؤال الأهم هنا هو ألن يطالب إذاً ممثلو القوميات الأخرى من آشوريين وكلدان وسريان وأرمن بالإدارة الذاتية؟ فتكون سورية شقت نفسها بنفسها إلى كانتونات، حاولت دول عالمية وإقليمية وعربية تنفيذها خلال أربع سنوات من الحرب ولم تفلح؟
نترك الإجابة عن هذه الأسئلة إلى ضيف حلقة اليوم عضو مجلس الشعب السوري ورئيس المبادرة الوطنية للأكراد السوريين الأستاذ عمر الأوسي