الحقيقة الأولى
وهي أن اللعبة المفضلة لدى التلميذ يوري غاغارين في الصف هي إطلاق الطائرات الورقية.
الحقيقة الثانية
قبيل تحليق مركبة "فوستوك"، كانت الصحف الروسية قد أعدت ثلاثة تصريحات. التصريح الأول: احتفالي يتحدث عن نجاح الرحلة؛
التصريح الثاني: يتحدث عن طلب المساعدة في حال سقطت المركبة في مكان ما من المحيط؛
التصريح الثالث: يتحدث عن وقوع كارثة مأساوية.
لحسن الحظ تم اعتماد التصريح الأول فقط. كما تجدر الإشارة إلى أن يوري غاغارين كتب، قبل يومين من تحليقه، رسالة وداع إلى زوجته في حال وقوع كارثة. وكما هو معلوم، هذه الرسالة بقيت طي الكتمان بعد عودته سالماً عام 1961، ولم تحصل عليها زوجته فالنتينا إيفانوفنا، إلا بعد الكارثة التي تعرض لها غاغارين في السابع والعشرين من شهر آذار/مارس لعام 1968، عندما استشهد أول رائد فضاء في العالم.
الحقيقة الثالثة
بعد أول تحليق في الفضاء تم تكريم غاغارين ومنحه سيارة من طراز "فولغا" سوداء اللون وعليها نمرة 12-04 ،ЮАГ وهي تعني تاريخ التحليق والأحرف الأولى من اسمه الكامل. وبهذا يمكن أن نعتبره أول مؤسس لما يسمى بأرقام السيارات التي تحتوي على أحرف أسماء صاحبيها.
وفي يوم من الأيام، كان يوري في سيارته يتنزه حتى واجهته إشارة ضوئية، فخالف وتابع سيره، مما أدى إلى حادث مروري. لحسن الحظ لم يصب أحد بأذى، لكن سيارته والسيارة الثانية من طراز "بوبيدا" تضررتا كثيراً. ولدى وصول شرطي المرور إلى مكان الحادث، عرف الأخير شخصية غاغارين على الفور وابتسم له وحياه، وأكد له بأنه سوف يسوي الأمر وكل شيء سيكون على ما يرام. عندها أوقف الشرطي سيارة لتقل غاغارين إلى أي مكان يرغبه، وبالفعل غادر غاغارين. لكن كان ضميره يؤنبه، فطلب من سائق السيارة العودة إلى مكان الحادث، وطلب من الشرطي أن يكتب حقيقة ما جرى، وفي نهاية المطاف، ساعد يوري بتصليح سيارة المتضرر ودفع جميع نفقاتها. لا بد من الإشارة إلى أن شركة "ماترا" الفرنسية كانت قد قدمت سيارة رياضية من طراز "ماترا جيت" كهدية عام 1965.
الحقيقة الرابعة
عندما توفي كوروليوف راودت غاغارين فكرة عظيمة وهي دفن رفات المصمم العظيم على سطح القمر: وقتها كان من المخطط أن تنطلق المركبة إلى هناك عام 1968. يشار إلى أن أحد أكبر فوهات البراكين على الجانب الخلفي من القمر سميت باسم غاغارين، علماً أن هذه الفوهة تقع ما بين فوهة تسيولكوفسكي وبحر الأحلام.
الحقيقة الخامسة
بما أن التحليق على مركبة فوستوك كان آلياً، فإن غاغارين لم يتدخل بمسألة قيادة المركبة، وبالتالي كان دوره يقتصر على المراقبة فقط. ولم يكن بإمكانه استلام زمام الأمور وقيادة المركبة إلا في حال حدوث تعطل في النظام.
والسؤال الذي يطرح نفسه، ما الذي كان بانتظار أول رائد في الفضاء الخارجي؟ اليوم قلة قليلة تتحدث عن المغلف السري الذي كان يحتوي على وريقة كتب عليه رقم 25، وهذا العدد كان يدل على كود تفعيل نظام التحكم اليدوي بمنظومة مركبة فوستوك. كما ذكرنا سابقاً، فإن المركبة كانت تحلق بشكل آلي. والسؤال هنا لماذا لم يتم إبلاغ رائد الفضاء بشكل مباشر هذا الكود، وتم وضعه في مغلف سري؟. يشير الخبراء إلى أن هذه السرية كانت بسبب احتمال أن يفقد رائد الفضاء عقله أثناء رؤية كوكب الأرض من السماء. على الأقل هكذا كان الأطباء وعلماء النفس يقنعون كبير المهندسين كوروليوف. وعليه، في حال فقد الإنسان عقله في الفضاء فإنه سيحاول استخدام الكود فوراً ليتمكن من التحكم بالمركبة يدوياً. لذلك ومن أجل تجنب هذا الأمر تم قفل لوحة المفاتيح بحيث في حال حافظ رائد الفضاء على وعيه، فإنه بسهولة يمكنه فتح المغلف ومعرفة ما في داخله.
الحقيقة السادسة
لقد كان أول رجل فضاء سوفيتي إنساناً مؤمناً، حتى أنه اقترح إعادة بناء كنيسة المسيح المخلص في موسكو والتي تم تدميرها من قبل البلاشفة بعد ثورة 1917. والأهم من ذلك، فإن غاغارين لم ينطق في يوم من الأيام العبارة التي حاولت الصحف السوفيتية التأكيد على أنه صرح بها تعزيزاً لمفاهيم الإلحاد وهي: "لقد حلقت إلى الفضاء ولم أر الله".
أما الراهبة سيرافيما والمعروفة باسم فارفارا فاسيليفنا تشورنيا هي عالم في مجال الكيمياء ذات شهرة عالمية حائزة على الدكتوراه في العلوم الكيميائية والتقنية بمرتبة بروفسور. وهي مخترع تقنية اللاتيكس في مجال صناعة المطاط. ومنذ شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 1953 وحتى شهر آذار/مارس لعام 1961، شاركت في صناعة مواد لإنتاج معدات لحماية رواد الفضاء الذين سوف يعملون في ظروف الفضاء المشع والذي يشكل خطراً على صحة الإنسان. ولهذا قامت بتصميم بعض أجزاء اللباس الفضائي والقفازات من مادة مطاطية خاصة وفق تقنية اللاتيكس. وقد حازت على تقدير كبير بسبب إنجازاتها في تطوير الصناعة الكيميائية المحلية، ومنحت وسام الدولة السوفيتية ووسام فخري تكريماً لعلماء روسيا الاتحادية. كما حصلت على جوائز حكومية أخرى منها وسام الراية الحمراء ووسام ثورة أكتوبر وأكثر من 8 ميداليات. وفي عمر يناهز الثمانين عاماً أي في عام 1994 أصبحت راهبة وتم تعيينها رئيسة دير نوفوديفتشي.
الحقيقة السابعة
العبارة الشهيرة التي أطلقها غاغارين "دعونا ننطلق"، ليست إلا عبارة مقتبسة، لا أكثر ولا أقل، من ببغاء ديكنز الذي قال "دعونا ننطلق" عندما سحبته القطة من القفص. كما أن يوري غاغارين أثناء المرحلة النهائية من التحليق قد قال عبارة كانت سرية لفترة طويلة: "أنا أحترق، الوداع أيها الرفاق!". في الواقع أنه لم يكن هناك قبل غاغارين أحد ما يعرف كيف تبدو سفينة الفضاء أثناء عبورها طبقات الغلاف الجوي الكثيفة. ولهذا عندما رأى غاغارين عبر نافذة المركبة لهيباً يشتعل توقع بأن المركبة الفضائية تحترق، وسوف ينتقل إلى العالم الآخر بعد بضعة ثوان. أما الحقيقة تكمن في أن احتكاك بطانة المركبة الفضائية المقاومة للحرارة بالغلاف الجوي هو أمر طبيعي يحدث في كل رحلة فضائية. حالياً جميع رواد الفضاء يدركون هذه الحقيقة ومستعدون لرؤية هذا المنظر المدهش الذي رآه غاغارين لأول مرة.
الحقيقة الثامنة
تم دفن غاغارين بالقرب من جدران الكرملين تكريما له. كما أن أعلى جائزة لبطولة روسيا في رياضة الهوكي على الجليد التي تجري ضمن دوري الهوكي القاري، تحمل اسم "كأس غاغارين".