غزة- سبوتنيك- هشام محمد
فعيد الفطر هذا العام في قطاع غزة، يختلف كلياً عن بقية مدن العالم، فحرب العام الماضي سلبت من الغزيين فرحة العيد، وها هم اليوم يحاولون جاهدين أن يوفروا أقل المتطلبات التي يحتاجها هذا الموسم في ظل ضائقة مالية كبيرة يعانيها القطاع.
بشرى التجار
ورغم وطأة الأزمة الاقتصادية، تتنتشر حالة من الاشتياق المضاعف والأمل الواضح على وجوه الناس، كذلك يستبشر التجار والبائعون في الأسواق أن يحل عليهم عيد فطر محملاً بمزيد الإيرادات، وأملاً في تعويض خسائر الموسم الماضي.
يقول محمد النفار صاحب محل للملابس في مدينة غزة في حديث سريع مع "سبوتنيك" أثناء جولتها على الأسواق، إن إقبال الشباب على التسوق والشراء هذا العام جيدٌ، كذلك الأجواء العامة للسوق، لكن هذا لا يقارن بالأعوام السابقة التي كانت تشهد اكتظاظاً كبيراً للشراء، بحيث لم يكن الناس يجدون موطيء قدم للمشي فيه بين الطرقات الغزية.
قلوب الأبناء
وأوضح النفار، لـ "سبوتنيك"، أن العائلات في غزة تحاول إدخال الفرح إلى قلوب أبنائها بأي طريقة، حتى يبددوا ما علق في أذهانهم من ذكريات الدم والخوف خلال الحرب، رغم الأزمة الاقتصادية التي يعانيها القطاع بشكل عام، والتجار يحاولون تعويض الخسائر التي تكبدوها.
وأضاف: "إغلاق معبر رفح يعرضنا إلى فقدان المنتجات المصرية التي كانت تشكل فرقاً كبيراً، حيث نضطر اليوم لاستقبال الملابس عبر معبر "كرم أبو سالم" حيث نتحمل تكاليف كبيرة، إضافة للضرائب المفروضة على البضاعة".
كانت إسرائيل شنت حربها على غزة صيف 2014، وانطلقت آلة القتل في يوم 8 يوليو/ تموز 2014، الذي وافق التاسع من رمضان، واستمرت لمدة 51 يوماً، أي إلى بعد أيام عيد الفطر من العام الفائت.
نهاية عصر الأنفاق
وفي ذات السياق، يؤكد محمود العصار البائع في أحد أسواق القطاع، أن هذه المواسم هي مصدر الرزق الوحيد لأمثاله، حيث إنه يشتري بعض المنتجات من أجل إعادة بيعها للناس، مبيناً أن الحركة في الأسواق قليلة، لكنه يأمل أن تزداد خلال الأيام المقبلة.
وأفاد العصار، لوكالة "سبوتنيك"، أن الزيادة في أسعار المنتجات على التجار يعمل على زيادته على البائعين الصغار أمثاله، مما يقلل هامش الربح، الذي يكون بسيطاً في الأساس، مؤكداً أن إغلاق معبر رفح وانتهاء عصر دخول المنتجات من الأنفاق شكلت اختلافاً كبيراً في البيع سواء للبائعين أو للتجار.
وأضاف: "أعول عائلة من 5 أشخاص، وهم أيضاً بحاجة إلى النزول للأسواق وشراء كل جديد، من أجل الشعور ببهجة هذا العيد، بعد أن حرموا منه العام الفائت، وبعد أن أصيب بيتنا بشظايا قصف تعرض له بيت مقابل، لذلك أتأمل من هذا الموسم أن يكون مجارياً لتوقعاتنا".
ذكريات مخيفة
وعلى صعيد الأهالي المستوقين، تقول صفاء الكيلاني إنها تتعمد هذا العيد النزول إلى السوق وتلبية رغبات أبنائها الثلاثة، في مسعى منها على دمجهم في الحياة الطبيعية بصورة متوازنة، "بعدما عانوا مشاهد فظيعة ومخيفة خلال الحرب" الإسرائيلية على قطاع غزة في العام الماضي.
وتؤكد الكيلاني، لـ "سبوتنيك" أن الأزمة الاقتصادية في القطاع مهما كانت حادة "لن تقف في وجه إعادة الفرحة والسعادة للأطفال وللناس الذين آلمتهم الحرب"، مشددة على أن العيد يعد كذلك "فرصة للتراحم والمساعدة للتخفيف من حجم الأزمة التي تكبدتها الأسر".
وأضافت: "يجب في هذا العيد أن ندخل الفرح والسرور على الأسر التي فقدت أبناءها، وعلى الأطفال الذين فقدوا ذويهم، كذلك يجب أن ننظر بعين الرفق للمصابين والنازحين، وألا تقتصر فرحتنا على أنفسنا".
أعباء ثقيلة
من جانبه، يقول المحلل الاقتصادي الفلسطيني، ماهر الطباع، إن الحركة التي تشهدها السوق الغزّية ليست الحركة المطلوبة، إذا قورن الأمر بالإقبال الذي كانت تشهده السنوات الماضية، لافتاً إلى أن شوارع الأسواق تبدو خالية في معظم فترات النهار، على عكس ما كان ينتظر أصحاب المحلات والبائعون.
وأشار الطباع في حديثه لـ"سبوتنيك"، إلى أن ارتفاع معدلات البطالة والفقر في قطاع غزة يعد عاملاً أساسياً وراء هذا الركود، حيث وصلت نسبة العاطلين عن العمل إلى ربع مليون عاطل، كما وصلت نسبة الفقر المدقع إلى 61% من سكان قطاع غزة.
وأضاف:" الحركة النسبية في الأسواق تعود إلى الحاجات الأساسية التي يجب توفيرها سواء لرمضان أو للعيد، لكن الأعباء الثقيلة الملقاة على كاهل المواطن الغزي تجعله غير قادر على توفير أقل المتطلبات الضرورية له ولعائلته".