واليوم نرى أن روسيا كانت على حق مما حذرت منه وما زالت تحذر بل وتعمل على إيقاف انتشار الإرهاب وقطع التمويل عنه، فالجماعات الإرهابية التي دعمها الغرب من أجل قلب أنظمة حكم في هذه الدولة أو تلك بدأت تتفاعل وتنتشر على أراضي الدول الداعمة لها، بل وحتى أنها بدأت تشكل خطرا واقعيا لأمنها، كالمملكة السعودية وتركيا والكويت وتونس وفرنسا ودول أوروبية أخرى حيث أن هذه التنظيمات نفذت عمليات إرهابية وتفجيرات وراح ضحيتها مدنيون أبرياء.
طبعا ما زالت روسيا تحذر من هذه الجماعات وانتشارها، الآن تعمل على تشكيل حلف دولي واسع لمحاربة هذه الجماعات وإلا سوف تنتشر كالسرطان في كل الدول والمناطق.
وقد لفت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سابقا إلى أن "الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مقلق للغاية، إذ يحاول الإرهابيون تحويل هذه المنطقة إلى معقل لهم، ويعملون على تجنيد وتدريب مسلحين جدد يمكن استخدامهم لزعزعة الوضع في دول أخرى"
.وأكد الرئيس الروسي أن تحقيق نتائج ملموسة في سياق مكافحة هذا الخطر، لن يتم إلا ببذل جهود مشتركة منظمة ومتتابعة اعتمادا على أسس القانون الدولي.
طبعا الدبلوماسية الروسية بقيادة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تعمل بكل ما بوسعها لتشكيل حلف دول جدي من أجل محاربة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في كل مكان تتواجد عليه.
وزيارة وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إلى العاصمة القطرية الدوحة وإجراء لقاءات أبرزها بنظيريه الأميركي والسعودي هي خطوة مهمة في محاولة روسية لإقناع الدول التي تدعم التنظيمات الإرهابية في كل من سوريا والعراق الكف عن هذا الدعم، لأن هذه التنظيمات حسب لافروف سوف تنتشر في كل المنطقة وستشكل خطرا محدقا على الأمن فيها، طبعا حذر الوزير الروسي أيضا من توجيه أي ضربة أمريكية إلى قطعات الجيش السوري الذي تعتبره روسيا أنه اليد الضاربة الأولى في مكافحة "داعش" التنظيمات الإرهابية الأخرى.
طبعا جاء تصريح وزير الخارجية الروسي بعد أن صرح مسؤولون أمريكيون أنهم سيحمون المقاتلين الذين دربوهم وارسلوهم إلى سوريا مما يسمى المعارضة المعتدلة. لا شك أن التصريحات الأمريكية هذه، تبحث عن مبرر لنفسها لتوجيه ضربات جوية إلى قوات الجيش السوري بعد أن فشلت في مجلس الأمن بوضع سوريا تحت البند السابع وبعد أن فشلت بضرب سوريا بحجة السلاح الكيميائي، وهنا لا بد من التذكير أن فشلها كان بفضل الفيتو الروسي الصيني المزدوج، والفشل الثاني بفضل معجزة الرئيس فلادمير بوتين التي خلقها في الوقت المناسب واقترح أن تتخلص سوريا من السلاح الكيميائي حين قررت الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنتين توجيه ضربات جوية إلى الجيش السوري بحجة استخدام السلاح الكيماوي.
والآن يخرج علينا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بين الحين والحين ويقول إن الولايات المتحدة الأمريكية ستحارب "داعش" ولكنه لم يذكر التنظيمات الإرهابية الأخرى التي لا تقل إرهابا وإجراما عن داعش مثل "جبهة النصرة" و"أحرار الشام" و"جيش الفتح" إذ أن كل هذه التنظيمات هي أجنحة تنظيم القاعدة الإرهابي في سوريا.
وهنا نجد خلافا عميقا بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في هذا الشأن، فروسيا وعلى لسان الرئيس بوتين ووزير الخارجية لافروف وأكثر من مرة أكدا أنه يجب محاربة كل التنظيمات الإرهابية في العالم وعلى وجه التحديد في سوريا، وعلى رأس هذه التنظيمات طبعا ليس فقط "داعش" بل أيضا "جبهة النصرة" والتنظيمات الإرهابية الأخرى.
ولو عدنا إلى اللقاء الثلاثي في الدوحة بين كيري ولافروف ووزير خارجية السعودية عادل الجبير، وتصريحات لافروف بعد الاجتماع إذ قال: إن روسيا تدعم تشكيل جبهة دولية لمكافحة الإرهاب، ولفت إلى أن موسكو ما زالت تختلف مع واشنطن فيما يتعلق بدعم المعارضة المسلحة في سوريا، وتنفيذ إنزال بري خارجي، وأضاف لافروف"نهجنا كان دائماً وضع حد لإراقة الدماء في سوريا، والآن داعش يشكل أكبر تهديد في الشرق الأوسط، ونحن نقدم الدعم العسكري والتقني للحكومتين العراقية والسورية لمكافحة هذا التهديد". والتقى لافروف أيضا بأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني سعيا منه للضغط على قطر بوقف دعم الجماعات المسلحة في سوريا وتجفيف منبع التمويل لهذه الجماعات.
وأهم ما تسعى إليه روسيا حاليا هو وقف الدعم المالي للجماعات الإرهابية في سوريا والعراق وإقامة حلف إقليمي دعا إلى تشكيله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سابقا لمحاربة التنظيمات الإرهابية يضم كلا من سوريا والسعودية والأردن وتركيا ودول إقليمية أخرى، وفيما إذا نجح الرئيس بوتين بخطته هذه يكون قد وضع الحجر الأساس في طريق الحل السياسي للأزمة السورية ووقف الحرب ونهر الدم الذي بدأ جريانه منذ أربع سنوات ونيف حتى الآن، ويكون بوتين قد صنع معجزة العصر، وخاصة بعد التسريبات عن حصول تواصل بين الرياض ودمشق من خلال لقاء بين وليّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس جهاز الأمن القومي السوري اللواء علي المملوك، وهو لقاء لم تنفِه دمشق ولا الرياض حتى الآن بوساطة روسية.
فهل سينجح الرئيس بوتين والدبلوماسية الروسية من فك العقدة السورية ووقف نهر الدم وتشكيل تحالف إقليمي لمحاربة الإرهاب؟ الجواب في جعبة الأشهر القادمة.لا بد من التنويه إلى أن السعودية ربما توافق أو وافقت على خطة الرئيس بوتين بشأن محاربة "داعش" وتشكيل حلف إقليمي يضم سوريا والسعودية وتركيا والأردن لمحاربة الإرهاب ولكن المملكة السعودية لا تزال رهينة القرار الأمريكي بالموافقة، فهي لا تستطيع أن تغرد خارج سرب الولايات المتحدة الأمريكية بدون موافقة البنتاغون.