بقلم: نزار عليان
كان شارون أعلن عن خطة الإنفصال هذه لأول مرة في حديث صحفي في فبراير/شباط 2004، واقر الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) الخطة في 16 فبراير/شباط 2005، وقضت باخلاء ثم تدمير المباني السكنية في المستوطنات الـ24، الجاثمة على الأرض الفلسطينية في قطاع غزة، والانسحاب إلى خلف الحدود، مع إبقاء السيطرة الكاملة على المعابر مع غزة، وكان عددها آنذاك سبعة منافذ، وكذلك السيطرة الكاملة على أجواء وشواطئ القطاع.
وكان القرار أحادياً، بدون التشاور مع "السلطة الوطنية الفلسطينية"، التي أعلنت سيطرتها على تلك الأراضي بعد اكتمال الانسحاب في 2 سبتمبر/أيلول من نفس السنة.
وتوالت الأحداث في القطاع، إلى أن استطاعت ميليشيات مسلحة، موالية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" من تنفيذ إنقلاب عسكري على قوات "السلطة" برئاسة محمود عباس، وأدى ذلك إلى السيطرة الكاملة لحماس على القطاع وطرد قوات الأمن الوطني والشرطة الفلسطينية من مواقعها واستبدالها بعناصر من الإسلاميين، وإعلان الحكومة القائمة، التي كان يرأسها زعيم "حماس" في غزة إسماعيل هنية، حكومة "شرعية" في القطاع مع استبدال أغلب الوزراء، كل ذلك على الرغم من إعلان الرئيس عباس عن إقالة "حكومة هنية"، وتشكيل حكومة جديدة حظت بالدعم الدولي.
سيطرة "قوات حماس" على "واقع الأمور" في غزة أدت إلى تقوية شوكتها، على الرغم من إعلان إسرائيل القطاع "كياناً معادياً"، وقامت التنظيمات الفلسطينية في غزة بحفر الأنفاق، أسفل الحدود مع مصر، لإدخال البضائع والوقود من سيناء إلى غزة، إضافة إلى التزود بأسلحة متطورة أكثر من تلك التي "غنمتها" بإسقاط قوات الأمن الفلسطينية.
وما حدث بعد ذلك معروف للجميع، من انفصال كامل للقطاع عن الضفة الغربية، التي بقت تحت سيطرة الرئيس عباس، وحروب 2008 و2012 و2014، التي شنتها إسرائيل على القطاع، بحجة الرد على إطلاق "حماس" والتنظيمات الفلسطينية الأخرى "صواريخ محلية الصنع" على البلدات الإسرائيلية الجاورة للقطاع.
بعد عشر سنوات من الانفصال غرق القطاع بمواطنيه في أزمات، لا أول لها ولا آخر، من أزمة الطاقة إلى أزمة الحصار والإغلاق، إلى الأزمة الأكثر تأثيراً وإضرار بقضية الشعب الفلسطيني، الذي يناضل منذ أكثر من 60 عاماً لإقامة دولته على أرضه، وهي بلاشك أزمة الصراع بين قطبي السياسة في فلسطين "فتح" و"حماس"، أو كما يحلو للبعض تسميتها "الإنقسام".
وواقع الحال الآن يقول، أن لا غزة حررت، ولا عمرت ولا "تركت على حالها"، كما يقول الفلسطينيون، ولا حل جذري في الأفق لمشاكل القطاع المتفاقمة، وصراحة لا يسعى أحد من طرفي الصراع بجدية لإنهاء هذا الوضع المآساوي.
(هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها)