أجرى الحوار: نواف إبراهيم
نص الحوار:
فخامة الرئيس، شكراً لكم على هذا الاستقبال هنا في كابول، وشكراً لكم لمنحنا فرصة هذا اللقاء الخاص لوكالة الأنباء الدولية "سبوتنيك"
1. كيف تقيّمون الأحداث في أفغانستان حالياً؟
"للأسف، نحن مازلنا نعيش حالة من انعدام الأمان، وأنا آمل من المجتمع الدولي، وعلى الأخص الولايات المتحدة الأمريكية والناتو، أن ينظروا إلى الوضع في أفغانستان من منظور آخر. إذا هم يشعرون بأنهم لا يستطيعون القضاء على الإرهاب، وإذا كانوا يواجهون صعوبة ما في التصدي له ومحاربته، فقد حان الوقت أن يبدأوا في التشاور مع قوى العالم الأخرى مثل روسيا، والصين، والهند، وإيران، بحيث يجتمع الجميع للمشورة، ومعاً نحارب هذه المشكلة التي نواجهها كلنا".
2. من يريد عدم الاستقرار في أفغانستان، ومن له مصلحة في ذلك؟
"باكستان. فنحن نعلم أن المؤسسة العسكرية في باكستان كانت، ولسنوات عديدة، تسعى لزعزعة استقرار أفغانستان. وكنا نأمل أنه مع مجيء الأمريكيين والغرب، سوف يتغيرالأمر، لأن باكستان حليفتهم وأنهم سيتعاونون مع بعض، وبالتالي تكون النتيجة مرضية لأفغانستان. إلا أن شيئاً من هذا لم يحدث. لذا نعلم، أيضاً، أنه لن يحل السلام في أفغانستان إلا إذا كانت الولايات المتحدة وباكستان تريدان ذلك؛ بمجرد أن يروا أن هذا سيحقق السلام في أفغانستان، سيحل السلام. وهنا، نحن نرى ما تفعله باكستان، وما نريده الآن هو موقفاً صريحاً من قبل الولايات المتحدة. فإذا كانت باكستان حليفة لها، فلا بد أن هذا الحليف يساعدها بأن تخلق جواً، حيث يعاني فيه كل من الأفغانيين والحلفاء، بينما يواصل زيادة عدد الراديكاليين كل يوم. إذا باكستان لم تفعل ذلك، لم تساعد أمريكا، فكيف إذاً الولايات المتحدة لا تزال تساعد باكستان بمئات الملايين من الدولارات؟! هذا تناقض! هذا يدعونا إلى التشكيك في نوايا الولايات المتحدة. فما هي نواياها: هل هي نوايا بغرض محاربة الإرهاب؟ أم أنه شيء آخر؟ إذا كانت بغرض محاربة الإرهاب وباكستان لا تساعدها في ذلك، توجب على الولايات المتحدة أن تتصرف بصورة مناسبة، وخاصة الأخذ بمشورة روسيا والصين وغيرهما من الدول".
3. لكن هناك جبهة ثالثة التي، للأسف الشديد، لا تعمل لصالح أو سمعة أفغانستان. هناك تضليل إعلامي كبير حول الأوضاع في أفغانستان. ولعلهم يجعلون منها منبعا للإرهاب. ولكن لم نر ذلك على أرض الواقع، حقيقةً.
"هذا أغلبه، للأسف، بفضل الإعلام الغربي، كما كنت قد رأيته خلال السنوات الثلاثة عشرة الأخيرة. لماذا يقومون بذلك؟ هذا سؤال نطرحه نحن أيضاً. آمل أنه ليس من دواعي النية؛ إذا كانت تعرب عن النية فهذا يعبر عن سياسة، وهذا أمر مؤسف لنا جميعاً. لذا هذا يثبت أنه أمر ناجم عن جهل وليس عن نية سيئة".
4. أريد أن أسالكم سؤلاً هنا حول ظهور "داعش" في أفغانستان. هل هو "داعش أجنبي" أم أنه من أفغانستان؟ ومرتبط بما يجري في منطقة الشرق الأوسط؟ كيف ترون سلوك "داعش" في المنطقة العربية، تحديداً في سوريا والعراق؟
"إن "داعش" هو تنظيم يعمل، وبصورة واضحة، على زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. فنحن رأيناهم وهم يدمرون الحضارة في سوريا والعراق. فمن الواضح أنهم هناك لتدمير الإرث الحضاري في تلك البلاد، وارجاع البلاد بمميزاتها الحضارية والإسلامية إلى العصر الحجري، وإلى حالة من الدمار الشامل واليأس. ظهور التنظيم في العراق وسوريا له عوامل داخلية وخارجية على حد سواء. إذا كانت هناك ظروف ملائمة لظهورهم وانتشارهم في الداخل، فحتماً هناك يد تمد العون لهم من الخارج والتي من المستحيل أن يتصرفوا من دونها. فلا أحد بإمكانه أن يكون هكذا: يتصرف بخفة وسرعة بديهيتين ويتحرك عسكرياً دون دعم أجنبي خارجي. لذلك، هناك حتماً "يد أجنبية" ومصالح أجنبية في الترويج لهم.
ففي أفغانستان، لا يوجد بيئة داخلية حاضنة لهم البتة. هم أجانب غرباء كلياً بالنسبة إليهم. ففي أي حال من الأحوال، إذا كان هناك وضعاً بحيث أن عددهم كبيرا، أو عتادهم أكثر، أو أقوى من حيث العمليات العسكرية، فهذا يشير إلى أن هناك دعماً قوياً لهم، ودعما أجنبيا يسمح لهم بالتدفق والتحرك".
5. هناك من يتحدث عن وجود مجموعات إرهابية مسلّحة في سوريا تقاتل تحت اسم المجموعات الأفغانية، فهناك الأمير أو الشيخ الأفغاني… هل ترونها بالفعل أنها هجمة إعلامية من تلك المنطقة على أفغانستان؟ ألأن يوجد شخص ما أو شخصين من أفغانستان لا يمكن أن نقول أنهم جميعا أفغان؟"
"أي شخص أفغاني يقاتل في سوريا يرتكب خطاْ جسيماً ضد بلده، وضد شعبه، وضد نفسه. أي أفغاني يذهب ليقاتل في سوريا، يجب أن يكون قد تم إحضاره من قبل أحد ما، من أجل المال أو من أجل أي شيء كان. هذا كله بسبب اليأس والحرمان. ولهذا، نحن نأمل أن هذا لن يحدث، وأدعو جميع الأفغانيين إلى عدم الانصياع إلى ألاعيب الدول الأجنبية والرجوع إلى بلدانهم".
6. أنتم منذ فترة قصيرة، كنتم في زيارة إلى روسيا بدعوة رسمية، ونحن لاحظنا الحفاوة الكبيرة في الاستقبال للرئيس السابق حامد كرزاي، كيف تقيمون الزيارة الأخيرة إلى روسيا واللقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين؟"
"إن الزيارة إلى روسيا كانت حدثاً كبيرا، إنه أمر أردت القيام به كثيراً. لقد كانت الضيافة تعكس عمق الإرث والتقاليد للشعب الروسي، من قبل الشعب والمؤسسات التي تمت دعوتهم لي على حد سواء. أجرينا أنا وفلاديمير بوتين حواراً جيداً ودقيقاً جداً، وتناولنا مواضيع عديدة، فلدينا مواضيع مشتركة منها مكافحة الراديكالية والإرهاب ومن يقف خلفه، ويقوم بترويجهم وتمويلهم، وأيضاً حاجتنا لقتالهم لتحرير المجتمعات من هذا الخطر المهدد. لقد كانت زيارة رائعة، وأنا أتوجه بالشكر إلى الرئيس فلاديمير بوتين وإلى وزارة الخارجية الروسية لتنظيم اللقاء".
7. إذاَ، هل تدعمون الرئيس فلاديمير بوتين على طرحه في تشكيل حلف لمواجهة الإرهاب ومواجهة "داعش" — هذا السرطان الذي ينهش في أجساد المنطقة والدول العربية والإسلامية ووصل إلى أوروبا؟
"نعم، أنا أدعم هذا. أنا أدعم هذا الأمر كثيراً. إذا كان الأمريكان والغربيون مخلصون في الحرب ضد الإرهاب، فعليهم أن يتكاتفوا مع روسيا والصين، وأن يستمعوا إلى الرئيس بوتين".
8. أنتم تحدثتم بشغف وبمحبة عارمة لروسيا ووصفتم الرئيس بوتين بالصديق. كيف ترون مستقبل العلاقات الروسية-الأفغانية في شتى المجالات: الثقافية، العلمية، الاقتصادية والسياسية بما يخدم مصالح البلدين؟
"إن الأرض خصبة لأجل ذلك، خصبة جدأً. وهناك الفرصة المؤاتية. وعلى الشعبين الأخذ بهذه الفرصة واستغلالها استغلالاً جيداً من أجل مستقبل أفضل واستقرار أقوى وإحلال السلام في المنطقة. روسيا دولة ذات مستوى وشأن رفيع، ولها القدرة على فعلها، وأفغانستان ستكون رفيقاً لكم، وستمشي معكم، وستمد يد الصديق القوي لكم. ونحن نريد لروسيا أن تعيد تأكيد نفسها، وأن تتخذ موقفاً أقوى، وأن تكون حاضرة في المنطقة كما كانت في السابق".