إعداد وتقديم نواف إبراهيم
اتخذت روسيا قرارها النهائي واختارت طريقة التعامل خلال المرحلة القادمة مع الأزمة في سورية، وبالتحديد بخصوص تقديم الدعم الجوي للجيش العربي السوري في عملياته العسكرية الجارية ضد مايسمى بالدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش"، وضد كل المجموعات الإرهابية المسلحة الأخرى، والرئيس بوتين خلال إعلانه عن الخطوة الجديدة، التي حملت الكثير من الرسائل للدول التي رعت الإرهاب في سورية وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي بدأت بالانسحاب الفوري من المواجهة مع روسيا، أكد أنه لايوجد هناك إرهاب جيد وإرهاب سيء، وإنما كل من يحمل السلاح ضد بلده وحكومته الشرعية فهو إرهابي ويجب القضاء عليه، ما يعني أن مايسمى المعارضة المعتدلة والمسلحة التي أرادت الولايات المتحدة أن تكون الحبل الذي تشد به على رقبة الحكومة السورية وحلفائها وفي مقدمتهم روسيا وإيران في حال بدأت عملية التسوية السياسية خلال الفترة القادمة بعد القضاء على المجموعات الإرهابية المسلحة ودحرها.
هنا كل كلمة من كلمات الرئيس بوتين كانت رسالة إلى هذ الجهة أو تلك، ومع الإعلان الرسمي عن بدء العمليات العسكرية الروسية الجوية في سورية، سارعت الولايات المتحدة إلى التبرير لنفسها بأن سورية هي الدولة الوحيدة التي تقف مع روسيا من دول المنطقة، في تصريح يعتبر عزاء للنفس أكثر ماهو مواجهة سياسية كما اعتدنا على الولايات المتحدة، وما إذعان الولايات المتحدة إلى طلب روسيا بإخلاء الأجواء السورية من طائرات تحالفها الوهمي وبسرعة، وتأكيد الولايات المتحدة على التنسيق مع روسيا بشأن العمليات الحربية الجارية، إلا دليل قاطع على عجز الولايات المتحدة أمام الخطوات الروسية الصارمة، وهي التي خالفت قوانين الأمم المتحدة ومجلس الأمن في تشكيل حلف دولي لمواجهة الإرهاب في سورية، وهذا ما جعل موقف روسيا أقوى بكثير، ووضع الولايات المتحدة وحلفائها في خانة اليك، ماعدا اللهم فرنسا التي أكدت على أنها ستتابع قيامها بعمليات جوية لوحدها ضاربة بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية واحترامها.
المهم هنا أن روسيا بدأت عملياتها الجوية دون أخذ الإذن من أحد لأنها جاءت وفق القوانين الدولية وبطلب من الحكومة السورية الشرعية، ومن هنا نرى أن الحل العسكري لمواجهة داعش هو الخطوة الأولى والتي بدأت بالتوازي مع توجيه الرئيس بوتين رسالة ضمت تصريحة إلى الرئيس السوري بشار الأسد معربا فيها عن ثقته بحكمة الرئيس الأسد في متابعة عملية الإصلاح والحل السياسي في سورية بما يخدم مصالح وحدة سورية وسيادتها واستقلالها.
وهنا يمكن الغوص والحديث مطولاً عن التغيرات والتطورات السياسية، وبالتوازي عن المجريات الميدانية، وتظهر الكثير من التساؤلات عن التوقيت ونوع التدخل، وطريقته، وكذلك الجهة التي بدأت منها العمليات الجوية الروسية، لنصل إلى غرفة العمليات الرباعية في بغداد وأثرها على التوسع في مواجهة الإرهاب على مستوى المنطقة وليس سورية فقط.