وقال جبرين، لـ"سبوتنيك"، الثلاثاء، إنه "من المبكر الوصول إلى تقدير واضح ومحدد لما ستؤول إليه الأمور هنا، فجميع الأحزاب السياسية والدول الإقليمية المجاورة تفاجأت بزخم رد الفعل الشعبي والذي تجاوز حدود رد الفعل المتوقع على فاجعة حريق النادي، لتصل إلى ما يشبه الثورة الثانية على النظام السياسي الحالي"
وأشار جبرين إلى عمق الخلافات السياسية بين رئيس الوزراء فيكتور بونتا، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي الاجتماعي، والذي قدم استقالته على أثر الحادث، وبين رئيس الدولة كلاوس يوهانس، المدعوم من الحزب الوطني الليبرالي.
وأضاف، "التفاعلات السياسية في البلاد ما زالت مرشحة لمزيد من التصاعد ومزيد من السخونة ومزيد من التجاذبات في الحياة الحزبية وخارطة التحالفات بينها، ولن يخلو المشهد السياسي من عدد من المفاجآت في الأيام القادمة، لعدد من الأسباب والمؤشرات الهامة".
وأهم تلك المؤشرات، من وجهة نظر المحلل، هي "المظاهرات في الشوارع والساحات الرئيسية في المدن الكبرى، لم تتوقف رغم اتخاذ الكثير من الإجراءات بحق المتورطين بالحادث، ورغم استقالة رئيس الوزراء الحالي".
واعتبر أن "عدم قدرة المعارضة على حسم المعركة السياسية الحالية، بسبب عدم ثقة الشارع والمتظاهرين بها، وخاصة أن العديد من رموزها الأساسيين يواجهون تهم فساد، والبعض منهم قيد التوقيف القضائي".
كما أوضح جبرينن أن القوى السياسية الرومانية لديها امتدادات إقليمية تؤثر على مجريات الأمور وتطورها، وأن "هناك تجاذبات إقليمية أوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا ودولية أمريكا وروسيا، تؤثر بالمشهد السياسي المحلي، والكثير من الأحزاب السياسية لديها امتدادات مع هذه الأطراف الخارجية، وبالتالي تخضع لجملة من الحسابات تتجاوز حدود وعناصر الأزمة الحالية المحلية".
وبين جبرين أن "الحريق لم يكن سبباً، بقدر ما كان أداة لانتقال الاحتجاج الشعبي على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد، وفي مقدمتها الفساد والرشوة والمحسوبية، التي تفشت بشكل منقطع النظير، منذ عام 2007، عندما انضمت رومانيا للاتحاد الأوروبي بشكل رسمي".
وتابع المحلل السياسي، إن "المحرك الأساسي و الشعار الأساس للشارع يقول، إن الشعب يريد حقوقه الكاملة كما كفلها الدستور، ولن يقبل بأقل من ذلك، وأن على الطبقة السياسية الحالية أن تسّلم مقاليد القيادة لجيل جديد وأشخاص غير فاسدين يضمنون بناء رومانيا الحديثة كباقي دول أوروبا".
وأشار إلى أن "المتظاهرين اعتبروا أن لا اختلاف بين أحزاب الحكومة والمعارضة، فالجميع مذنب والجميع فاسد، وأن استقالة الحكومة غير كافية لمعالجة الأزمة الحالية التي تعصف بالبلاد، وأن أي حل يجب أن يضمن تنظيف البلد من الطبقة السياسية الحالية".
وكانت العاصمة الرومانية بوخارست عاشت، قبيل منتصف ليل 30 تشرين الأول/أكتوبر، كابوس الحريق الكبير الذي اجتاح أحد النوادي الليلية، في أقل من دقيقة، وحصد، حتى الآن، أرواح 45 مواطناً وخلف عدداً كبيراً من الجرحى، تجاوز الـ 150، جروح معظمهم خطيرة، ما يعني توقع ارتفاع عدد الوفيات.
على أثر هذه "الفاجعة الوطنية"، كما وصفها وزير الصحة الرومانية، أعلنت الحكومة الحداد الوطني، ثلاثة أيام، لكن الأحداث تفاعلت في الأيام التالية للفاجعة، ولم يكتف المواطنون بقيام السلطات المحلية بتوقيف مالكي النادي ورئيس بلدية القطاع الرابع، حيث يقع المكان، بل خرجوا بالآلاف في شوارع المدن الرومانية المختلفة، في تظاهرات صاخبة تطالب بالاستقالة الفورية للحكومة، ومحاسبة كل المتورطين والمسؤولين عن الفاجعة.