الرد الروسي على الأرض السورية بدأ يظهر ميدانياً، من خلال الطلعات المكثفة للطائرات الحربية، التي حلقت بكثافة ونفذت عدداً من الضربات المركزة والقوية على المجموعات المسلحة المتواجدة في جبل التركمان وبلدة ربيعة، وأدى ذلك إلى مقتل قيادات لمجموعات مسلحة تركمانية وعدد من الضباط المنشقين.
الغضب الروسي جاء بعد قيام الإرهابيين في تلك المناطق بقتل أحد الطيارين الناجين من سقوط الطائرة الروسية رمياً بالرصاص، أثناء هبوطه بالمظلة.
السخاء الروسي
رأى الكاتب الصحفي كامل صقر، المتخصص في الشؤون الميدانية، أن "موسكو تقدم الدعم اللوجستي بسخاء للجيش السوري وتؤمن ما تحتاجه وحدات الجيش من عتاد وذخيرة للأسلحة المتوسطة والثقيلة، وأن راجمات الصواريخ الروسية الحديثة تؤدي دورها بقوة على الأرض، وتنجح في تحقيق تمهيد ناري نوعي للقوات السورية، التي تخوض معارك شرسة في مواجهة مقاتلي حركة "أحرار الشام" ومقاتلين تركمان يجيدون حروب الجبال الوعرة.
وأضاف، "توفير الذخيرة لمختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة، عامل حاسم في معارك الجيش السوري ضد التنظيمات المتشددة".
الإدراك لطبيعة المعركة
وأضاف صقر، لـ" سبوتنيك"، "بعد انطلاق الضربات الجوية الروسية، صار الروس أكثر انغماساً في الحرب الدائرة على الأرض السورية وباتوا أكثر قرباً من جبهات القتال، وصاروا على دراية أكثر بمستوى المعارك التي يخوضها الجيش السوري ضد التنظيمات المتشددة ومستوى تحصينات هذه التنظيمات في الجغرافيا التي تسيطر عليها مدعومة من تركيا".
وتابع، "جبهة ريف اللاذقية الشمالي واحدة من أكثر جبهات الحرب قساوة على الجيش السوري، بل هي الأشد صعوبة على الإطلاق".
ورأى صقر، أن الأسابيع الأخيرة حملت الكثير من الانسجام التكتيكي والعملياتي بين القوات الروسية والجيش السوري، وهذا الأمر جاء بعد الفهم الذي تشكل لدى الضباط الروس، الذين عايشوا بشكل مباشر جبهات القتال من خطوطها الأمامية، وباتوا في صورة ما تحتاجه تلك الجبهات على مستوى الدعم الناري للقوات السورية التي تنفذ الاقتحامات.
واعتبر صقر أن القيادة العسكرية الروسية مهتمة جداً في مساعدة الجيش السوري على كسب معركة ريف اللاذقية، التي تميل بشكل دراماتيكي لصالح الجيش المدعوم بقوات الدفاع الوطني، وأن عدة تلال استراتيجية هي التي تفصل دمشق عن بدء العد العكسي لسقوط كامل الريف الشمالي بيد الجيش السوري.
حسم عسكري
ويدخل الجيش السوري في المرحلة الأخيرة من عملياته في ريف اللاذقية الشمالي، ومجريات المعارك تسير كما خطط لها، حيث أنهى المرحلة الثانية من التقدم، بعد أن نجح في عزل المجموعات المسلحة المتواجدة في ربيعة وسلمى عن بعضها البعض، وقطع جميع الطرق المؤدية إلى الحدود التركية.
وتمكنت وحدات المشاة من السيطرة على عشرات التلال والقرى الواقعة تحت سيطرة الجماعات المتشددة، وكان آخرها قرى كباني والمركشلية، إضافة لكتفي الغنمة والغدر، فيما تمكنت وحدات المهام الخاصة من السيطرة على جبل النوبة الهام والمشرف على ربيعة من الجهة الشرقية، والذي يمنح مزيداً من السيطرة النارية على ما تبقى من مناطق تقع تحت سيطرة المسلحين في ريف اللاذقية.
حرب الحدود
تتقدم القوات السورية على الأرض بالتزامن مع انهيار الفصائل المسلحة التركمانية في ريف اللاذقية، ما يشكل خطراً على ما تعتبره تركيا، عمقاً ديموغرافياً لها، وتشير الوقائع الميدانية إلى تطور استراتيجي في سير العمليات العسكرية في سوريا.
وترغب القوات السورية بنقل المعارك نحو الحدود، بينما تعمل وحدات المراقبة الإلكترونية الروسية على رصد تحركات المسلحين بعمق 35 كم خلف الحدود.
ولهذا تستميت أنقرة لمنع الجيش السوري من التثبيت على جبل زاهية، الذي يبعد بضعة كيلومترات، ويسمح للقوات الروسية من رصد تجمعات المسلحين وتحركاتهم ضمن الحدود التركية، كما تمد الطائرات الحربية بالمعلومات التي تسهل استهداف تحركات المسلحين وغرف عملياتهم، وهذا أحرج تركيا التي فقدت قدرتها على التحكم.