لكن إذا تأملنا الأمر من زوايا مختلفة، لتبين لنا أن حادث الطائرة يعد بمثابة منجم لفرص هائلة، سواء بالنسبة لمصر أو لروسيا الاتحادية.
أرى ما حدث فرصة ذهبية سواء بالنسبة لمصر أو بالنسبة للاتحاد الروسي. روسيا ترى مصر كحليف استراتيجي تاريخي لا يمكن التخلي عنه خاصة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ المنطقة بل والعالم أجمع. فبينما تدعم روسيا النظام الشرعي لسوريا في مواجهة قوى الإرهاب المدعومة من الغرب، تضع روسيا في حسبانها دعم علاقتها الدبلوماسية والاقتصادية مع مصر رغم أي معوقات، للعودة إلى وضع أفضل مما كانت عليه إبان حكم الرئيس جمال عبد الناصر، قبل فترة رئاسة أنور السادات، الذي أجهز على العلاقة التاريخية بين الجانبين بطرده 15 ألف من الخبراء الروس، إثر خلاف شب حول قطع غيار عسكرية.
يحاول الجانب المصري من خلال علاقته بروسيا تحقيق التنوع الاقتصادي المطلوب، الحصول على دعم غير غربي، وتحقيق توازن استراتيجي. أما بالنسبة للجانب الروسي، فهو يسعى إلى تمكين وجوده في المنطقة العربية عبر أكبر دولة عربية، وأكبر قوة عسكرية تملك تأثيرا سياسيا وثقافيا كبيرا. وهذا يجعل التحالف المصري الروسي مثاليا. ومن ناحية ثانية، يحقق التحالف المصري الروسي توازنا استراتيجيا في المنطقة العربية، إذ يحول دون إطلاق يد الغرب الأنجلو أميريكي وحليفته إسرائيل في المنطقة يعيثون فيها كيف يشاؤون. ولا شك أن هذه الأزمة فرصة لإثبات قوة هذا التحالف، ولن يسمح أي من الجانبين الروسي أو المصري بتدهور العلاقة التي ما زالت في طور النمو، ولن يمنح الغرب فرصة للشماتة أو انتهاز الفرصة لإحداث الوقيعة بين الحليفين، أو استغلال الفرصة للضغط على مصر من بوابة هذا الحادث. ويعتبر وعي الجانبين بتفاصيل المؤامرة الغربية حائطا خرسانيا ضد أي محاولة خبيثة من الغرب.
ستمر الأزمة التي سيساهم انتهاؤها على نحو كبير في دعم العلاقة المصرية الروسية، وستعود السياحة الروسية على نحو أكبر مما كانت عليه قبل الحادث، ذلك لأن الجانبين على وعي كبير بأهمية التحالف الاقتصادي والعسكري والسياسي بينهما. لن يتخلى أي من الطرفين عن السير نحو منجم الماس، متجاوزين تعقيدات الأوضاع في العالم، وتداخل المصالح والتحالفات. على الجانب الآخر، لا يبدو أن ألاعيب الغرب ستنجح، ذلك لأن الولايات المتحدة وفريق الحلفاء التابع لها لم يدرك بعد أن العالم يتغير، وأن فريق الصين وروسيا إضافة إلى إيران ومصر منافس قوي لا يستطيع أن يكون ندا عنيدا فحسب، وإنما يمكنه إسقاطه.
(المقالة تعبر عن رأي صاحبها)