يشن متطرفون إسرائيليون حملات تحريض شرسة على رئيس دولة إسرائيل، رؤوفين ريفلين، على خلفية مشاركته في "مؤتمر للسلام" في واشنطن، بدعوة من صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية، وسبب الحملة أن ريفلين شارك إلى جانب منظمة "لنكسر الصمت"، التي تعمل على جمع شهادات جنود إسرائيليين، خدموا أو ما زالوا يخدمون في صفوف الجيش الإسرائيلي، عن عملياتهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخلال الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، كما شاركت في المؤتمر منظمة "بتسليم" الإسرائيلية، التي توثق الاعتداءات التي يتعرض لها الفلسطينيون من جانب المستوطنين الإسرائيليين والحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي، في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967.
ومن المعلوم أن منظمة "لنكسر الصمت" ومنظمة "بتسليم" تصنفان من قبل المتطرفين الإسرائيليين، كمنظمتين (إرهابيتين) تتعاونان مع الفلسطينيين، لأنهما تفضحان ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يعد من وجهة نظر المتطرفين الإسرائيليين، بما في ذلك قادة وجمهور الأحزاب اليمينية المتطرفة المؤتلفة في الحكومة الحالية، رئاسة بنيامين نتنياهو، والحملة تشمل أيضاً الهجوم على كل منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية، التي تظهر أي تعاطف مع الفلسطينيين تحت الاحتلال، أو توجه انتقادات للحكومة والجيش والمستوطنين.
الخشية من ما قد تقود إليه حملات المتطرفين ضد رؤوفين ريفلين دفعت كلاً من رئيس تحالف "المعسكر الصهيوني"، زعيم المعارضة عضو الكنيست يتسحاق هيرتسوغ، ورئيس حزب "يوجد مستقبل"، عضو الكنيست يائير لبيد، للدعوة إلى وقف حملة الهجوم والتحريض التي يتعرض لها ريفلين، واعتبرا في تصريحات لهما، وفقاً لما نشرته صحيفة (يديعوت أحرانوت) الإسرائيلية، أن "هذه الحملة تهدر دم رئيس الدولة"، وانتقدا صمت بنيامين نتنياهو على الحملة، التي يُخشى من أن يلقى ريفلين جراءها مصير رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين، الذي اغتيل على يد يهودي متطرف، يدعى إيجال أمير، خلال مشاركته في مهرجان خطابي مؤيد للسلام في تل أبيب (ميدان ملوك إسرائيل)، في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) 1995.
وبتقدير محللين إسرائيليين أن الحملة على ريفلين، وقبل ذلك على منظمتي "لنكسر الصمت" و"بتسليم"، هي أوسع بكثير من كونها حملات سياسية ضد من يخالف المتطرفين الإسرائيليين الرأي، حيث وصفت صحيفة (هآرتس) الحملة بأنها جزء لا يتجزأ من "حملة تطهير"، وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها، بتاريخ 17/12/2015، "ذروة حملة التطهير برزت من خلال الهجوم الوحشي على رئيس الدولة، الذي كان حتى وقت قصير يعتبر (غير مهم كفاية لقتله)، بحسب وصف دانييلا فايس، وأصبح الآن الشخصية الأكثر تهديداً لأمن الدولة وسمعتها الحسنة. كل ذلك بسبب مشاركته في مؤتمر صحيفة "هآرتس" في نيويورك الذي حضره مندوب عن منظمة لنكسر الصمت".
وتساءلت الصحيفة في افتتاحيتها "إذا كان دم ريفلين مباحاً، فما بالك بدماء أعضاء المنظمات التي تقف كـ(سور أخير) لحماية القيم الأخلاقية للدولة؟!". وأجابت الصحيفة على تساؤلها بالقول: "تنحدر إسرائيل بسرعة إلى القاع حيث توجد الدول الأكثر ظلامية، وينتاب زعماؤها جنون العظمة الذي يتميز به زعماء الدول الاستبداديون. وهؤلاء
الزعماء مثل نظرائهم الإسرائيليين، لا يقلقون على حقوق الإنسان إنما يؤمنون بأن إخفاء الحقيقة سيساعد في المحافظة على السمعة الطيبة لدولتهم..".
ووصفت الصحيفة ملاحقة منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل بأنها تنم عن "تفكير دولة في قفص مغلق"، ولفتت إلى أن "المنظمات والجمعيات ليست هي فقط التي يجب سحقها- حسب ما يراه اليمين المتطرف- وإنما الإعلام أيضاً يجب أن يصمت صمتاً مطبقاً أو أن يصبح بوقاً للدولة".
وأكدت الصحيفة في نهاية افتتاحيتها أنه "في مواجهة الزعماء الإسرائيليين الذين يرسخون بسياستهم السمعة السيئة لإسرائيل في العالم، تشعّ منظمات حقوق الإنسان نوراً ضئيلا ، لكن مهماً، وتحافظ على جذوة الديمقراطية. يتعين علينا أن نحمي هذه المنظمات من كل سوء ومساعدتها في نشاطها والانضمام إلى صفوفها.." وأردفت "إن هذا نضال ودفاع عن هوية المواطنية الإسرائيلية في مواجهة زعامة انطلقت في حملة صيد ضد الذين يحاولون الدفاع عن حقوق الناس".
وتلخيص ما جاء في افتتاحية صحيفة (هآرتس)، وفي تحذيرات يتسحاق هيرتسوغ و يائير لبيد، يشير إلى خطر جدي يتهدد حياة ريفلين، إلى جانب تشويه قمع منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل، وتخوين وتجريم النشطاء فيها، في حملات تحمل طابع (حملات تطهير)، تترافق مع حملات تشهير يركب موجتها مسؤولون في الأحزاب اليمينية المتطرفة وقادة المستوطنين وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي، تعتبر نموذجاً مثالياً للتحريض، والوصف لصحيفة (هآرتس).