في أحد أحياء حمص الشرقية، ومن بين الركام، تصدر صرخة أم ثكلى معبرة عن حزنها الشديد ورغبتها في الانتقام من الإرهابيين الذين قتلوا فلذة كبدها، وهدموا بيتها، وحولوا أحلامها الجميلة إلى كوابيس مرعبة.
محاسن زيدان، أو "أم غيث"، أم سورية فقدت ولديها في التفجير الإرهابي الأخير في حي الزهراء، فتهدم منزلها وأصبحت بلا مأوى، حتى أصبح الوداع والفراق والأحزان عنوان حياتها.
وقالت "أم غيث"، لـ"سبوتنيك "، "ذهب أغلى الناس، فما الفائدة من الأسف على الرخيص"؟!
وتابعت، "إبني البكر غيث بلول (29 عاماً)، طالب حقوق في جامعة دمشق، وكان جندياً في الجيش العربي السوري… كنت أخاف عليه أثناء مشاركته في معارك حلب، ولم أتوقع أن يرتقي شهيداً وهو في داخل المنزل… ولكن الحمد لله على كل شيء".
وتواصل "أم الشهيدين" سرد قصتها، وتقول، "كان غيث في إجازة لمدة ثمانية أيام، وبعد وصوله إلى المنزل بنصف ساعة حدث التفجير الأول… استيقظ أخوه علي (23 عاماً)، وهو طالب أدب فارسي، على صوت التفجير الهائل … وتفاجئ بوصول أخيه إلى المنزل… سلم عليه وعانقه وضمه إلى صدره… هنا انتابني شعور مفاجئ وغريب، رغم أن التفجير قد حدث، وطلبت منهما الدخول إلى القسم الداخلي من المنزل… وفي تلك اللحظة حدث التفجير الثاني، وكانت الفاجعة الكبرى… لأنني فقدت الأثنين معاً".
وأضافت، "عندما عاد لي وعي أخبروني أن غيث وعلي في المستشفى، ركضت أنا ووالدهم إلى هناك… ولكن لم نجد إلا الجثث الهامدة… فالموت أخذهم مني،وأخذ الأحلام معهم".
وأوضحت "أم غيث" أنها جهزت المنزل لإبنها علي، لكي تخطب له عروساً، حيث أراد غيث أن يكمل دراسته… ولكن يد الإرهاب طالتهم قبل أن تتفتح زهرة شبابهم.
أحب الأخوين بعضهم بعضاً، ومن سخرية القدر، تصادف يوم ميلادهم مع يوم استشهادهم في 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتشعر "أم غيث" بالفخر الشديد لكون أبناء حيّها استشهدوا في كل معارك سوريا، وعلى جميع الجبهات روى شباب حي الزهراء بدمائهم تراب الوطن الغالي.
وتوجه أم غيث رسالة، عبر "سبوتنيك"، إلى الدول التي تدعم الإرهاب، وتقول، "نحن الشعب السوري لا نحقد على أحد ولا نفرق بين دين وآخر… وشعبنا فقير… سوريا احتضنت الجميع في المصائب، ولكن خلال الخمس السنوات الفاجعة… وقفت أنتم ضدنا… نحن صامدون، ولا يمكن أن نترك بيوتنا حتى لو وضعنا الخيم فوق بيوتنا المدمرة ومن يحلم بخروجنا من الحي أو تهجيرنا، نقول له، ما هي إلا أضغاث أحلام وسنبقى".