سبوتنيك: هل تعتقدون أن عوامل نجاح مباحثات المصالحة الفلسطينية في الدوحة متوفرة؟
أبو ظريفة: أتصور أن عوامل نجاح إنهاء الانقسام الفلسطيني غير قائمة وغير متوفرة… ولقد جربنا الحوارات الثنائية بين "فتح" و"حماس"… إلى أين آلت؟… كلها وصلت إلى طريق مسدود، وإذا أردنا لأيَّ حوار أن ينجح، يجب أن يرتكز إلى نقاط، أهمها عدم وجود اتفاقيات جديدة… وإنما وضع آليات عملية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في السابق، خاصة إتفاق القاهرة وما تلاه من اتفاقيات.
كذلك أن يكون المدخل لمناقشة الآليات هو "الإطار القيادي المؤقت" لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يشكل الأساس للوجود الفلسطيني بشكل شراكة متكاملة… كذلك وجود إرادة سياسية عند طرفي الانقسام (فتح ، حماس)، وهي غير متوفرة…. لذلك فإن عوامل النجاح محدودة… وأخيراً وجود الأطراف الإقليمية وتدخلاتها خاصة في موضوع الإنقسام أدى إلى استمراره… لذلك لا نتوقع أن الحوار في الدوحة يمكن أن يوصل لنتائج لحل أزمة المصالحة وإنهاء الانقسام.
سبوتنيك: بتصوركم من هو الخاسر الأكبر من استمرار الإنقسام الفلسطيني؟
أبو ظريفة: أعتقد أن الانتفاضة الفلسطينية هي الخاسر الأكبر من استمرار الإنقسام… متطلبات استمرارية هذه الانتفاضة في ثلاث مسائل… أولاً تحقيق الوحدة الوطنية، ثانياً قيادة وطنية موحدة، وثالثاً برنامج سياسي متفق عليه… وهذه الثلاث قضايا في ظل استمرار الانقسام ستكون معطلة… وبالقياس فإن كل أزمات الشعب الفلسطيني ستستمر وتتفاقم مع وجود الإنقسام وغياب الآليات الجادة لتحقيق الوحدة الوطنية.
سبوتنيك: بالحديث عن الانتفاضة… هل تعتقدون أن المحاولات القائمة لإخمادها والالتفاف عليها ستنجح؟
أبو ظريفة: الانتفاضة عندما اندلعت لم تأخذ قراراً من أحد… والشباب الذين ينخرطون فيها بكل الأشكال لم يأخذوا قرار من أحد… لذلك أتصور أن إمكانية تراجع الانتفاضة بعد 5 أشهر، غير قائم… وإن كانت هناك محاولات من القيادة الرسمية للالتفاف عليها من أجل وأدها… لذلك على القوى السياسية أن تعمل جاهده من أجل أن تؤمن عوامل إستمرار الانتفاضة، من خلال توسيع مساحة الإنخراط من كل الفئات الشعبية، ووقف التنسيق الأمني (مع إسرائيل)، وتعزيز مقومات الصمود لأبناء الشعب الفلسطيني… هذا هو السبيل من أجل تحويلها إلى انتفاضة شاملة تمكن من إنهاء الإحتلال.
سبوتنيك: ما هو المطلوب من المجتمع الدولي من أجل مساندة القضية الفلسطينية؟
أبو ظريفة: أولاً علينا أن نميز بين مسألتين… مسألة المقاطعة الدولية لإسرائيل والاستيطان ومنتجات المستوطنات، وهذا عامل مهم جداً… ومسألة الإمعان في العنف من قبل الإحتلال وإدانته كما جرى على لسان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وهذا عامل مهم كذلك… المطلوب من المجتمع الدولي دور أوسع، وهو التسريع بعقد مؤتمر دولي على أساس قرارات الشرعية الدولية، بحضور الدول دائمة العضوية الخمسة، والأطراف العربية، من أجل وضع سقف زمني لإنهاء الإحتلال… إذا أردنا لهذا التحرك الدولي أن يكون ناجح.
سبوتنيك: في ظل التهديدات الاسرائيلية.. هل تتصورون أن الأوضاع تسمح بشن حرب جديدة على غزة؟
أبو ظريفة: أولاً هناك تهديدات إسرائيلية يجب أن نأخذها بعين الإعتبار… ثانياً الحكومة الإسرائيلية لا يؤمن جانبها… لكن لا أتصور أن الوقع الإقليمي والوضع الداخلي الإسرائيلي يهيئ للقيام بعدوان جديد على قطاع غزة… لكن علينا أن ندرك بأن إسرائيل قد تقوم، تحت عنوان ضربات استباقية، باعتداءات خاطفة ولكنها مؤثرة… لكن حرب بمعنى الحروب السابقة، لا أتصور أن تكون بالمنظور القريب.
سبوتنيك: من خلال قراءتكم للأوضاع الحالية… ما هو مصير القضية الفلسطينية في الفترة القادمة؟
أبو ظريفة: أعتقد أن الوضع الدولي غير مهيئ من أجل إحتلال القضية الفلسطينية موقعاً متقدماً في إطار اهتمام المجتمع الدولي من أجل معالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي… ما لم يأخذ الوضع الفلسطيني دوراً أفضل في جعل القضية في دائرة اهتمامات المجتمع الدولي، وهذا يحتاج إلى إنهاء الإنقسام ورفع الحصار وفك العلاقة مع الإحتلال… هذا ما يجعل المجتمع الدولي يغيّر آلياته وتكتيكاته في التعاطي مع القضية الفلسطينية.
سبوتنيك: أخيراً… في حال تمت المصالحة الفلسطينية، ما شكل القيادة التي تحتاجها فلسطين؟
أبو ظريفة: فلسطين تحتاج إلى حالة قادرة على أن تشكل إجماع، وتعيد إلى المؤسسات اعتبارها… لا قرارات خارج قرارات المؤسسات، وبعيداً عن الحزبية والنهج الأحادي، الذي دائماً يحاول توجيه المؤسسات بما يخدم هذه الأطراف السياسية، والقدرة على تشكيل قفزة إلى الأمام في الوضع الفلسطيني.
وبالحديث عن الشخصيات، أعتقد أن الشعب الفلسطيني يتملك شخصيات عديدة قادرة على قيادة المرحلة، لكن بالنهاية صندوق الانتخابات هو من يقرر، والأهم من الرئاسة هي المؤسسات الفلسطينية وكيفية تعزيز الشراكة داخلها… وبالتالي قوانين الانتخابات، خاصة للمجلس التشريعي، لا تهيئ أن تكون هناك حالة شراكة حقيقة… لذا يجب أن يكون قانون التمثيل النسبي هو الأساس للمجلس التشريعي والمجلس الوطني، لبعد الاستحواذ عن أطراف محددة في مراكز صنع القرار الفلسطيني.
(أجرى الحوار: هشام محمد)