وبين هذا وذاك، تختلف أجواء الاحتفالات وتختلف معها آراء السوريين في زمن الحرب حيث وصل سعر أحد الدببة الحمراء (الدمى) المتربعين على واجهة محل في سوق القصاع بمدينة دمشق إلى 45000 ل.س، أي ما يعادل 225 دولاراً أمريكياً، شكّل ثمنه صدمة بالنسبة للمارة الذين استوقفهم سعر هذا الدب ذو الحجم الكبير، لدرجة أنَّ بعضهم شكك بالرقم وعدد أصفاره، إلى حين سماع السعر من صاحب المحل نفسه.
ولعل سعر هذا الدب ليس الصادم الوحيد في أسواق دمشق، فمع قدوم عيد الحب طرأ على أسعار مختلف الهدايا، خاصة تلك التي تحمل لوناً أحمراً، ارتفاع كبير في الأسعار، لدرجة بات بعضها خيالياً بالنسبة للمواطن السوري المشغول بأزماته الاقتصادية المتتالية، والذي يترقب يومياً تدهور قيمة عملته، لدرجة بات فيها سعر هدية واحدة ربما يعادل راتبه أو يزيد عنه.
غلاء جنوني…
ووصف محمود الموظف في إحدى الشركات الخاصة بدمشق لـ " سبوتنيك"، ما يجري في أسواق الهدايا، إن صح التعبير، بأنه "غلاءٌ جنوني" طال كل ما يمكن أن يقدمه الشاب لحبيبته أو زوجته بهذه المناسبة، حيث تبدأ أسعار أكثر الهدايا تواضعاً من 3000 ل.س لينتهي بعضها عند 50.000 ل.س، أي ما يعادل راتب ونصف بالنسبة له.
ولم يخف محمود أنّ حالة ارتفاع أسعار الهدايا في عيد الحب هو أمر اعتاد عليه السوريون في زمن الحرب وخاصة مع اقتراب المناسبة، إلا أن الأرقام التي يسمعها أو يراها المواطن بالنسبة لبعض المنتجات إنما بات "مخيفاً" بالنسبة لجيوب الشبان، مع الارتفاع اليومي لسعر الدولار الذي يتزامن مع استغلال واضح من قبل التجار.
ويترواح ثمن الوردة الحمراء في المحال بين 1000 ل.س إلى 3000 ل.س بالنسبة للجوري منها أي ما يعادل 7 دولار.
وهنا بيّنت سوسن طالبة جامعية لـ " سبوتنيك"، بأنها تفاجأت كون ثمن إطار صورة بحجم صغير أرادت شرائه لخطيبها وصل إلى 5500 ل.س ما يعادل 10 دولاد لذلك فأن معظم الشبان والفتيات لن يشتروا الهدايا هذا العام مع الغلاء الفاحش بالأسعار
عيد للذكريات..
أما صباح البيشاني مدرسة فقالت لـ " سبوتنيك" عيد الحب أصبح عيداً للدموع وللذكريات أكثر مما هو احتفالاً بالحب نفسه، فكم من فتاة فقدت حبيباً وكم من حبيب فقدت حبيبته، بين تفجيرات و استشهاد وخطف وموت ، لذلك بات هذا اليوم لاستعادة الذكريات ولم يعد لتجديد الحب أو الاحتفاء به ، و من المعيب أن نحتفل فسورية تعيش حالة حرب والحزن خيّم على أهلها فيوجد الكثير من الشهداء والكثير من المخطوفين وواجب علينا مراعاة مشاعر ذويهم
البذخ ممنوع..
أما ميادة ربة المنزل، فوجدت أن الاحتفال بأي مناسبة "أمر غير مفهوم"، في ظروف الحرب التي تمر بسوريا وما يرافقها من تدهور في مستوى معيشة المواطن السوري، "فالبذخ ممنوع والأولويات تغيرت"، حيث ستشتري وزوجها بثمن الهدايا هذا العام بضعة ليترات من المازوت، علهما يؤمنان من خلالها التدفئة لأطفالهما الثلاثة، بدلاً من أن تسمح للتجار بسرقتها، حسب وصفها.
وهو ما وافق عليه منير الموظف في أحد المصارف، الذي تساءل "من سيحتفل بعيد الحب هذه الأيام؟!"، فاللهاث وراء لقمة العيش ربما أنسى السوريين هذه المناسبات، بالإضافة إلى أن الغلاء الذي طال حتى الهدايا الرمزية منها، دفع الكثيرين إلى التعبير عن حبهم هذا العام بطريقة مختلفة تبعاً للأوليات، كتأمين المحروقات أو شراء بطارية لشحن كهرباء، وهي أمور وجدها منير تدخل السعادة إلى قلب الأسرة أكثر من شراء دب أو وسادة حمراء وغيرها من الهدايا المعتاد تبادلها بهذه المناسبة
وعلى الرغم من عزوف الكثير من الشبان عن شراء الهدايا أو الاحتفال بهذا العيد، إلا أن هناك من أراد أن يستثمرها علّه يستطيع أن يقضي مع من يحب لحظات من شأنها أن ترفع عن كاهلهما ثقل الحرب والضغوط النفسية
أما بالنسبة لمظاهر عيد الحب، فهي شبه غائبة عن دمشق باستثناء واجهات بعض محال الهدايا والأزهار في أحياء وأسواق العاصمة، التي اعتادت قبل خمس سنوات أن يطغى عليها اللون الأحمر حتى بالنسبة للألبسة والحلويات، في حين أن أكثر المظاهر المنتشرة اليوم فهي العروضات التي تقدمها المطاعم والفنادق حول السهرات الفنية ودعوات العشاء أو الغداء المخصصة لهذه المناسبة.